الملك يبدأ حوارا مع سياسيين وإعلاميين لتجاوز الأزمة
بمصادقته على قانون الانتخاب بالشكل الذي أقره البرلمان يكون الملك الأردني عبد الله الثاني قد حسم الخيار بالسير في إجراء انتخابات برلمانية هذا العام رغم إعلان قوى سياسية رئيسية مقاطعتها، وهو ما يشي بأن ثمة أزمة سياسية في الأفق.
وتشكل مصادقة الملك آخر المراحل الدستورية ليصبح قانون الانتخاب ساري المفعول، حيث كان الملك قد صادق على القانون الشهر الماضي وطلب من الحكومة تعديل المادة المتعلقة بحصة القائمة الوطنية فيه والتي رفعها البرلمان من 17 مقعدا إلى 27 من أصل 150 هو عدد مقاعد مجلس النواب المقبل.
وبموجب القانون يمنح الناخب صوتين، أحدهما لدائرته الانتخابية والثاني للقائمة الوطنية، وسيتنافس 108 نواب من خلال الدوائر الانتخابية مباشرة، فيما خصص 15 مقعدا للنساء والباقي للقائمة الوطنية. غير أن المصادقة على القانون جاءت بعد موجة إعلانات من قوى رئيسية مقاطعتها الانتخابات البرلمانية.
جماعة الإخوان المسلمين والجبهة الوطنية للإصلاح -التي يترأسها رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات وتضم في عضويتها أحزاب المعارضة الستة وشخصيات مستقلة- إضافة لـ37 حراكا شعبيا ظهرت بعد الربيع العربي كلها أعلنت مقاطعتها الانتخابات.
وخلال الأيام الماضية ظهرت مواقف دفعت بمراقبين للإشارة إلى أن الأردن ربما يتجه لأزمة سياسية أكبر من التي شهدها على مدى عام ونصف عاش خلالها ميلاد الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح.
رئيس الوزراء السابق عون الخصاونة دخل على خط الأزمة عندما انتقد خلال مشاركته بإفطار لجماعة الإخوان المسلمين "العقلية الأمنية" في مؤسسة القرار الأردني.
وكان الخصاونة قد اختلف علنا مع مدير المخابرات فيصل الشوبكي، واستقال بشكل مفاجئ احتجاجا على ما يقول مقربون منه إنه استمرار تدخل المخابرات في القرار السياسي، وتغليب رؤيتها على رؤية الحكومات.
كما اعتبر المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين همام سعيد في حفل الإفطار ذاته أن الأردن "يعيش أزمة حكم" واتهم أصحاب القرار بالانقلاب على الإصلاح.
اتصالات
لكن وبرغم حالة الشد والجذب بين النظام والمعارضة، يكشف سياسيون عن وجود اتصالات لثني المعارضة عن المقاطعة.
وتقول مصادر للجزيرة نت إن الملك سيبدأ اعتبارا من اليوم حوارا مع سياسيين وإعلاميين يستهدف الخروج بصيغ توافقية قد تنقذ المشهد الأردني من أزمة لا يعرف مداها. وتؤكد المصادر أن اللقاءات سيحضرها معارضون من إسلاميين وغيرهم، بعد أن حضرت قيادات إسلامية إفطارا دعا له الملك مساء الاثنين.
ويبدو أن أجواء هذه الحوارات أثرت على تحركات الإخوان في الشارع، بعد أن ألغوا مسيرة كانت مقررة مساء اليوم، وهو ما قرأ فيه مراقبون رغبة منهم بإفساح الطريق أمام الحوار الذي كان قد بدأه معهم رئيس الوزراء الأسبق فيصل الفايز مندوبا عن النظام.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان أن باب الحوار لم يغلق بعد، ويشير إلى خطورة إجراء أول انتخابات بعد الربيع العربي وسط مقاطعة قوى رئيسية.
ويعبر الخيطان عن أمله في أن تنتهي حوارات الملك مع القوى المختلفة بإدخال تعديل على قانون الانتخاب يمنح الناخب صوتين للدائرة وصوتا للقائمة وهي الصيغة التي قدمتها حكومة الخصاونة السابقة، بشرط أن يقبل المقاطعون العودة عن مقاطعتهم، حيث سيدرج التعديل على دورة استثنائية للبرلمان في سبتمبر/أيلول.
وبرأيه فإن الملك لن يقبل بأي حال أن تجرى انتخابات برلمانية بعد الربيع العربي تؤدي لانقسام دستوري وتشريعي يدخل البلاد في مرحلة خطرة.
وأضاف في تصريح للجزيرة "لا أتوقع أن يقبل الملك عزل قوى رئيسية جاء الإصلاح السياسي من أجل إدخالها في صناعة القرار في البلاد".
وقال الخيطان "إجراء الانتخابات وفق هذا القانون ومع مقاطعة قوى رئيسية هو إعلان فشل مشروع الدولة الإصلاحي".
لكن الخيطان يرى أن أهم المعيقات هو موقف التيار المحافظ المدعوم من دائرة المخابرات، الذي يرفض أي تعديلات جديدة على قانون الانتخابات والذي يرفع شعار "لا مزيد من التنازلات".
(الجزيرة نت)