محاولات للحسم العسكري في حلب.. والرئيس المصري يرفض التدخل الخارجي في سورية
افادت آخر التقارير الواردة من ثاني كبرى المدن السورية حلب بان كلا من الحكومة والمعارضة تعزز من قواتها العسكرية ربما لخوض معركة حاسمة في المدينة التي ظلت لفترة طويلة بعيدة عن الصراع الدائر في البلاد منذ نحو عام ونصف.
قال ناشطون سوريون معارضون إن الجيش النظامي يقوم بنقل الآلاف من جنوده من معسكراتهم على الحدود مع تركيا الى مدينة حلب الشمالية للمشاركة في القتال العنيف الدائر فيها ضد مسلحي المعارضة.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان قوات المعارضة بدورها تعزز من تواجدها في المدينة.
وذكر صحفي فرنسي داخل مدينة حلب السورية بي بي سي بأن مقاتلي الجيش السوري الحر باتوا يسيطرون على حوالي نصف المدينة.
وكما في حلب, واصل الجيش السوري أمس قصف أحياء في دمشق لا يزال يلقى فيها مقاومة من الجيش الحر. وبعد استعادته تقريبا أحياء كالقابون والمزة وبرزة, قصف الجيش السوري أحياء بينها العسالي والقدم والحجر الأسود مستخدما المروحيات الهجومية.
وتعرضت هذه الأحياء وكذلك حي جوبر لعمليات اقتحام في محاولة لإخراج مقاتلي الجيش الحر منها. وتحدث ناشطون عن اكتشاف 14 جثة في حي تشرين لأشخاص اعتقلتهم القوات النظامية قبل أيام في حي القابون ثم أعدمتهم.
وتزامن قصف أحياء في دمشق مع قصف بقذائف الدبابات والهاون لبلدات في ريفها بينها الزبداني ومسرابا ومضايا وحرستا والمعضمية. وأحصت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 27 قتيلا في دمشق وريفها أمس جراء القصف.
ووسط القصف والاقتحامات, تظاهر الليلة الماضية آلاف السوريين في مناطق متفرقة من سوريا بما في ذلك العاصمة دمشق.
وبث ناشطون صورا لمظاهرات في أحياء الشاغور وجوبر والسويقة بدمشق، وحرستا وزملكا وحمورية في ريفها. كما خرجت مظاهرة في كفرنبل والهبيط في إدلب, وحي القصور في درعا، وكذلك في الرقة, والميادين في دير الزور.
وردد المتظاهرون هتافات مناصرة للمناطق المنكوبة في سوريا، وطالبوا بالحرية وإسقاط نظام الأسد، ودعم الجيش الحر.
ومن جهته دعا الامين العام للامم المتحدة بان غي مون المجتمع الدولي الى التحرك من اجل وقف ما وصفه بالمجازر في سوريا.
كما اعلن السفير السعودي لدى الامم المتحدة ان بلاده تعد مشروع قرار دولي جديد لعرضه على الجمعية العامة للامم المتحدة يتناول تهديدات الحكومة السورية باستخدام اسلحتها الكيميائية.
واوضح المعلمي ان مشروع القرار "سيأتي على ذكر كل المسائل المهمة في الوضع السوري".
وأضاف المعلمي في تصريحات للصحفيين من نيويورك أنه يأمل أن يتم التصويت على مشروع القرار في وقت مبكر من الأسبوع المقبل.
واوضح دبلوماسيون في الامم المتحدة ان القرار قد يدعو الدول الـ193 الاعضاء في المنظمة الدولية الى تطبيق العقوبات الدولية نفسها التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا.
كما قد يطالب القرار بتأمين وصول المساعدات الانسانية الى المناطق المتضررة بالنزاع في سوريا، بحسب الدبلوماسيين الذين طلبوا عدم كشف هوياتهم.
وفي خطوة عدت عقوبة اقتصادية تركية على حكومة دمشق أعلن وزير التجارة والجمارك التركي حياتي يازجي عن إغلاق جميع المنافذ بين تركيا وسوريا اعتبارا من اليوم الأربعاء ٢٥ يوليو تموز.
ولا يشمل قرار إغلاق المعابر او البوابات التركية عبور اللاجئين السوريين إلى تركيا، ولكنها ستكون مغلقة امام المواطنين الاتراك، اما المنع الاساسي فسيكون للشاحنات سواء التركية ام السورية التي تنقل بضائع من والى سوريا، ولا يشمل المنع أيضاً شاحنات الترانزيت التي تأتي من دولة ثالثة.
وتشترك تركيا مع سوريا في حدود تبلغ ٩٠٠ كيلو متر، وبينهما ١٣ بوابة او معبر، جميعها كانت مغلقة منذ أشهر طويلة، ماعدا معابر جلوا غوزو في هاطاي وكاركامش في غازي عنتاب واونجو بينار في كليس.
وينتظر ان يعقد الوزير يازجي مؤتمرا صحفيا اليوم يشرح فيه مزيدا من تفاصيل إغلاق المعابر التركية المطلة على سوريا، وكذلك تفاصيل عقوبات جديدة على النظام السوري.
ويترأس اليوم رئيس الوزراء طيب اردوغان اجتماعا امنيا يبحث المسالة السورية ومشكلة الإرهاب ، ويشارك في الاجتماع نائب رئيس الوزراء بشير اطالاي ووزير الدفاع والداخلية وقائد أركان الجيش ورئيس الاستخبارات وبعض قادة الجيش الاخرين.
ومع توقع تزايد اعداد اللاجئين في الايام المقبلة قررت الحكومة التركية اقامة ثلاثة مخيمات جديدة في قهرمان ماراش وغازي عنتاب ونيزيب.
وتقول تركيا إن 70 ألف سوري عبروا الحدود لكن 26 ألفا منهم عادوا مما يجعل عدد اللاجئين السوريين في تركيا 46 ألفا يعيشون في ثمانية مخيمات تصطف فيها الخيام وفي كيليس التي يقيم فيها 12 ألفا في صفوف من المنازل الجاهزة وراء جدار معدني مرتفع تعلوه الأسلاك الشائكة.
وتستطيع تركيا حتى الآن التعامل مع هذه الأعداد من اللاجئين على الرغم من المشكلات التي تقع بين الحين والآخر لكن تصاعد موجة مفاجئة من القتال هذا الأسبوع في مدينة حلب الشمالية على بعد 50 كيلومترا فقط من الحدود مع تركيا يشير الى مخاطر نزوح موجة ضخمة من اللاجئين.
وانتقل سكان وجدوا أنفسهم وسط المعارك في حلب العاصمة التجارية الضخمة لسوريا إلى مناطق أكثر أمنا في المدينة التي يقطنها نحو أربعة ملايين نسمة بدلا من التوجه الى تركيا.
وقد أشارت تركيا أكثر من مرة الى أنها قد تعمل لمنع أي موجة ضخمة من اللاجئين لكنها لم تعلن عن الإجراءات التي قد تتخذها ماعدا السعي للحصول على موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو على أقل تأييد حلفائها في حلف شمال الأطلسي في شكل من أشكال التدخل.
وشددت تركيا من إجراءاتها العسكرية على الحدود بعد أن أسقطت سوريا طائرة حربية تركية في ظروف متنازع عليها الشهر الماضي لكنها لم ترد على هذا الحادث بشكل مباشر.
ومن جانبه أكد الرئيس المصري محمد مرسي، ليل الأربعاء، "دعمه لتطلعات الشعب السوري في نيل حريته وفق اختياراته،" لكنه رفض "أي تدخل عسكري خارجي."
وحول موقف مصر من التطورات المتلاحقة في سوريا في ضوء تعهدات الرئيس بمساعدة الشعب السوري، قال ياسر علي القائم بأعمال المتحدث بإسم رئاسة الجمهورية إن "الرئيس مرسي يدعم كل مطالب الشعب السوري ويدعم ما استقرت عليه ارادته."
ونقلت وكالة الأنباء المصرية الرسمية عن علي قوله إن "مساعدة مصر للشعب السوري تأتي في اطار عدم التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا،" موضحا أن وزارة الخارجية "تبذل جهودا مكثفة للتوصل لتسوية سياسية للأزمة السورية."
وفي خطاب سابق له نهاية الشهر الماضي، أكد مرسي أن "نزيف الدم الذي يراق في سوريا يجب أن يتوقف، دم الشعب السوري الشقيق، وسنبذل جهدنا لذلك."
وشدد مرسي على "الوقوف إلى جانب الشعبين، الفلسطيني والسوري،" مؤكدا على دور مصر بصون "الأمن القومي العربي."
ومن جانبه صرح المندوب الروسي الدائم في مجلس الأمن الدولي فيتالي تشوركين أن نية الولايات المتحدة التصرف في الملف السوري خارج إطار الأمم المتحدة تفاقم الوضع في سورية.
وواصل: "إنه لأمر خطير للغاية عندما يتم تحريض المعارضة السورية، التي يرفض جزء كبير منها الحوار بشكل قاطع، على مواصلة تصعيد النشاط المسلح. هذا التصرف يزيد من حدة المواجهة وعدم الاستقرار".
وأكد تشوركين ضرورة ممارسة الضغط الدولي ليس فقط على دمشق، مثل ما تطلبه دول الغرب، بل وأيضا على كافة جماعات المعارضة السورية "في ظروف توسع دائرة العنف داخل سورية"، على حد تعبيره.
وأعلن تشوركين أن روسيا أبلغت الأمم المتحدة عن استعدادها لإرسال 30 مراقبا عسكريا للمشاركة في بعثة مراقبي وقف إطلاق النار في سورية. كما أشار إلى استعداد بلاده لاستضافة المفاوضات المحتملة بين ممثلي الحكومة السورية والمعارضة في موسكو وكذلك الاتصالات الهادفة إلى توحيد المعارضة السورية.
وشدد على أن الموقف الروسي من الأزمة السورية يحمل طابعا مبدئيا وينص على الإسراع بتسوية سلمية للأزمة عبر حوار وطني بين الحكومة والمعارضة من دون تدخل أجنبي، وقال: "هذا الموقف يتطابق تماما مع البيان الختامي لمؤتمر جنيف حول سورية الذي وضع أساسا لـ"مجموعة العمل" المشكلة من قبل كوفي عنان. (وكالات)