قواتنا المسلحة أقسمت على الولاء للوطن والقيادة والاستعداد للتضحية حفاظا عليهما

عمر محارمة- بقي تماسك الجبهة الداخلية الأردنية أحد أهم عناصر قوة ومنعة الأردن في كافة مراحل نشأة وقيام الدولة الأردنية التي شهدت محطات ومحنا عديدة وتغلبت على مختلف التحديات والخطوب.
وتمكن الأردن بفضل تماسك ولحمة أبنائه والتفافهم حول قيادتهم من عبور الكثير من المحطات والخروج من مختلف الأزمات اشد قوة وأكثر منعة وثقة بالنفس وثقة بالمكون البشري الذي تعتمد عليه الدولة الأردنية وتراهن دوما على وعيه ومعرفته وقدرته على تحويل التحديات إلى فرص وتحقيق الانتصار في مختلف الازمات.
والأردن الذي يقع وسط محيط تتلاطم فيه الأمواج، وتعصف ببلدانه الخطوب والحروب، بقي آمنا مستقرا بفضل العديد من العوامل الموضوعية لعل أبرزها حكمة قيادته وحنكتها والتفاف المواطنين حولها وحرص الجميع على عدم المساس بالخط الأحمر المتمثل بوحدة الصف الداخلي.
وحتى نتجاوز الأزمة الراهنة المتمثلة باعتقال الطيار البطل معاذ الكساسبة لدى تنظيم داعش الإرهابي فلا بد من بقاء جل اهتمامنا منصبا على ذلك الخطّ الذي لا يجوز لنا أن نسمح لأحد بتجاوزه لأنه أساس قوة ومنعة وطننا وشرط من شروط سلامة مجتمعنا وسدّ رصين ضدّ العبث بأمنِ الوطن.
ولعل أهم أوجه مقاومتنا لكل الاصوات التي تحاول النيل من الصف الداخلي يتمثل بتعزيز الانجازات الوطنية وتوطيد السيادة الرسمية والالتفاف حول القرارات الوطنية التي تستهدف حفظ امن البلاد ودرء المخاطر عنها وترك الامر لاصحاب الشأن والقرار.
فليس من المقبول سماع أصوات تحاول تشويه القرارات الوطنية التي تحظى بدعم غالبية ابناء الشعب خصوصا عندما تكون البلاد تواجه ظروفا استثنائية كالظرف الحالي المتمثل في مشاركة الاردن بالحرب على الارهاب من خلال تحالف عربي ودولي.
ولا يجوز ان نستمع للمطالبين بترك البلاد لأيدي الطامعين والعابثين والتحجج بعدم وصول «النار الى بيتنا» فانتظار وصول الخطر والسكوت عنه جريمة لا يمكن غفرانها لمن يرتكبها فعدم اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب خطأ لا يقل فداحة عن اتخاذ قرار خاطىء.
اليوم ونحن نواجه هذا الظرف، نفخر ونباهي الدنيا بوحدتنا وتماسكنا، غير عابئين بالشرذمة الحمقاء، التي لا هَمَّ لها سوى الانتقاص من قيمة الوطن، فالوحدة هي التي تكفل لنا العزة ورغد العيش وتسهل لنا حل كافة مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ننتمي اليوم الى القرار الوطني بخوض تلك الحرب ضد قوى الضلال، ونعلم ان قواتنا المسلحة الباسلة اقسمت على ان تقدم الغالي والنفيس في دفاعها عن وطننا، ونقف مع مليكنا الذي أكد أكثر من مرة ان الحرب حربنا نحن قبل غيرنا والذي استشعر الخطر فتحرك لدرئه قبل أن يصل الى حدودنا ونقف خلف جلالته ضد اي صدع للصف واضعين اختلافنا حول بعض التفاصيل والمسائل جانبا.
الشخانبة: علينا ترك الأمر لأصحاب الاختصاص
الوزير السابق العين عبد شخانبه قال ان الطيار معاذ الكساسبة هو ابن لكل فرد من الاسرة الاردنية وهو عزيز عليهم كما هو عزيز على والديه وقد قام بعمل بطولي للدفاع عن الوطن وحمايته من اي ضرر قد يلحق به ومن اي مساس بأمنه.
ولفت الى اهمية التفاف الاسرة الاردنية الواحدة خلف قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني وخلف الاجهزة العسكرية والامنية مما يثبت باننا أسرة واحدة معطاءة ويد موحدة للدفاع عن الوطن والذود عن حياضه ضد اي معتد.
واضاف ان الكساسبة احد افراد قواتنا المسلحة الباسلة التي دافعت عن الوطن وقدمت التضحيات الجسام وارتقى بعض افرادها شهيدا تلو شهيد ولم تستكين او تضعف في يوم من الايام.
وأكد الشخانبة ثقته بحرص جلالة الملك والاجهزة الامنية والعسكرية على سلامة كل اردني والثقة بايلاء هذه القضية اقصى درجات الاهتمام والحرص على تأمين سلامة الطيار معاذ الكساسبة.
وعبر عن أمله بارتقاء مختلف المكونات السياسية والاعلامية والشعبية الى مستوى المسؤولية والحرص على تماسك الجبهة الداخلية وترك هذه القضية لاصحاب الشأن القادرين على التعامل معها بكفاءة وجدية واقتدار.
صبرة: ضرورة فصل العواطف عن الادوار المناطة بالقوات المسلحة.
اللواء المتقاعد الدكتور عارف صبرة قال ان تماسك الجبهة الداخلية والوحدة الوطنية أحد أهم محاور ومخرجات مفهوم الامن الوطني الشامل وان اي خلل فيها سيكون له تأثير سلبي على كافة المجالات بما فيها الامني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي وعلاقاتنا الدولية.
واضاف ان التطرق الى هذا الموضوع يتطلب وجود رؤية استراتيجية لدى كافة ابناء الشعب بكل اطيافه ومكوناته ووعيهم وادراكهم للتحديات التي نواجهها وعلى رأسها خطر الارهاب الذي يهدد أمن بلدنا وهو ما يتطلب استعدادنا التام لتقديم التضحيات لمجابهته.
وشدد على ضرورة الفصل بين العواطف الجياشة والادوار التي تقوم بها قواتنا المسلحة المدربة والمجهزة لتقديم التضحيات دفاعا عن قضايا الوطن وأمنه وحدوده وضرورة ان لا تكون هذه العواطف سببا يؤثر سلبا على صانع القرار السياسي والعسكري.
البراري: تماسك الجبهة الداخلية ضرورة وليست ترفا.
الاكاديمي والمحلل السياسي الدكتور حسن البراري قال ان دخول الاردن في التحالف الدولي للقضاء على تنظيم داعش الارهابي جاء في سياق الحرب الاستباقية التي ترفع من مستوى الأمن الأردني وإلحاق هزيمة بتنظيم يستهدف الاردن كما استهدف عددا من الدول المحيطة.
وقال انه وبصرف النظر عن طريقة اتخاذ قرار الدخول في هذا التحالف فان تماسك الجبهة الداخلية ضرورة وطنية ملحة وليست ترفا وهي من اهم مستلزمات الأمن الوطني بصرف النظر عن الموقف من سياسات الحكومة في بعض الملفات.
واكد ان الانقسام تحت اي ذريعة من شأنه ان يضعف الاردن في ظرف لا يسمح الا بالتكاتف للخروج منتصرين في المواجهة، وعليه يجب الالتفاف حول الموقف الرسمي لإعادة الطيار معاذ الكساسبة لاهله سالما دون التخلي عن الهدف الأهم وهو تحقيق النصر على هذا التنظيم الظلامي.
الشناق: وقت الحرب يتوجّب تحييد الرأي المخالف
استاذ التربية الوطنية رئيس قسم العلوم الاجتماعية في كلية الاميرة عالية الجامعية الدكتور وليد الشناق أكد أهمية تماسك الجبهة الداخلية وتمتين الصف الوطني خلف القيادة السياسية في كافة الظروف وخصوصا عندما يمر الوطن بأزمات كالازمة الحالية.
وقال ان الوحدة الوطنية تعتبر القلعة التي تتكسر على ابوابها كل محاولات الاعداء لشق الصف الوطني واحداث اختراقات فيه للنيل من أمن وسلامة البلاد.
ولفت الى أهمية وعي الاردنيين وإدراكهم أن هناك أطرافا عديدة لا تريد للاردن الخير وتكن له العداء وان هناك من يحسدون الاردنيين على نعمة الامن والاستقرار التي يعيشونها ويتمنون ان يعيش الاردن ما عايشه ويعيشه الكثير من البلدان المحيطة.
واضاف ان الخلاف في الرأي يقبل عندما لا يهدد هذا الخلاف مصالح البلاد ولا يعرضها للاخطار معتبرا ان قضية الطيار معاذ الكساسبة قضية كل الاردنيين على اختلاف مشاربهم واصولهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية.
ودعا الشناق الى تحييد اي خلاف في الرأي حول اهمية وضرورة الحرب التي يخوضها الاردن ضد تنظيم داعش الارهابي مؤكدا ان القيادة الاردنية تنبهت للخطر المحيق وتحاول اجتثاثه قبل وصوله الى حدود بلدنا.
وبين أن الفكر الذي يدعيه تنظيم داعش ومنظروه هو فكر منحرف وضال ولا يمت للاسلام بصلة مستشهدا بالحديث الشريف الذي يقول «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» فكيف يدعي هؤلاء الاسلام ويحاربون باسمه ونحن نعاني من بطش ايديهم وفجور ألسنتهم؟.