الاسلاميون: نطالب بتعديلات دستورية وليس مجرد تغيير قانون الانتخاب
تامر خرمه - الإصرار على التمسك بمبدأ الصوت الواحد دفع بالعديد من القوى السياسية، وفي مقدمتها الحركة الاسلامية، إلى إعلان مواقفها بمقاطعة الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها نهاية العام الجاري، ما يجعل تلك الانتخابات بعيدة كل البعد عن الهدف المنشود منها، والمتمثل بتحقيق أوسع مشاركة سياسية تخرج الأردن من الأزمة التي يشهدها في ظل التطورات والتقلبات الإقليمية التي تجتاح المنطقة.
مقاطعة الإسلاميين للانتخابات النيابية تشي ببدء مرحلة جديدة عنوانها الدخول في معركة كسر عظم مع الحكومة، كما يشير العديد من الكتاب والمحللين، فيما يذهب بعضهم إلى اعتبار ان قانون الانتخاب لا يمثل جوهر الأزمة، وأن مقاطعة الانتخابات النيابية هي "قرار استراتيجي اتخذته الحركة الإسلامية التي تسعى جاهدة لان تستحوذ على السلطة دون القبول بأقل من ذلك".
وبينما يعتبر بعض الكتاب أن مطالبة الاسلاميين بإجراء تعديلات دستورية تقلل من صلاحيات الملك، بمثابة دليل على جماح طموح الحركة الاسلامية، يشير البعض الآخر إلى ان "سلوك الاسلاميين السياسي ومزاج قياداتهم يتشكلان على أساس المقاطعة"، وانهم "لن يقبلوا بالحلول التي تتضمن تنازلا من أي نوع".
ومن جهة أخرى تؤكد الحركة الإسلامية، كغيرها من القوى، أن تجاوز مخرجات لجنة الحوار الوطني، والإصرار على مبدأ الصوت الواحد، شكلا تراجعا صارخا عن عملية الإصلاح، كما نوهت عبر تصريحات العديد من قياداتها إلى ان الاكتفاء بصيغة تجميلية لقانون الانتخاب لن يخرج البلاد من ازمتها السياسية، حيث يتطلب ذلك تحقيق مبدأ الولاية العامة وتشكيل الحكومات البرلمانية عبر عملية إصلاح سياسي حقيقي لا يقتصر على محاصصة نيابية أو إجراءات شكلية تعيد إنتاج الأزمة.
وفي هذا الصدد يقول زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين، ان "الحركة الإسلامية تشترك في المطالب الإصلاحية التي تطرحها مع مختلف الحراكات الشعبية والاحزاب السياسية الاخرى، وهي حريصة على تحقيق هذه المطالب من اجل مصلحة الوطن، وليس لمصلحة أي حزب أو فئة بعينها".
ويؤكد بني ارشيد على ضرورة إجراء التعديلات الدستورية المنشودة لتغيير قواعد اللعبة السياسية في الأردن. ويضيف: "مطالبنا تمثل الحد الأدنى من مقتضيات الإصلاح، إلا أن قوى الشد العكسي تحاول عرقلة العملية الإصلاحية التي تتناقض مع المصالح الذاتية لهذه القوى".
ويتابع: "كما ان الانتخابات تحتاج إلى مناخ سياسي كامل، ابتداء بقانون انتخاب ديمقراطي وعصري، بالإضافة إلى إنجاز التعديلات الدستورية التي توفر هذا المناخ".
ومن جهته يقول سالم الفلاحات، المراقب العام السابق لجماعة الاخوان المسلمين،"ان الحراك الشعبي يطالب منذ أكثر من سنة ونصف بإصلاح شامل يشمل قانون الانتخاب والإصلاحات الدستورية التي تمكن الشعب من أن يكون مصدرا للسلطات".
ويشير إلى أن الحركة الاسلامية والحراكات الشعبية والقوى السياسية التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات النيابية أكدت مرارا على مطالبها المتعلقة بإنجاز الإصلاحات الدستورية وتعديل قانون الانتخاب".
ويضيف الفلاحات: "إن مجرد تغيير قانون الانتخاب لن يكون مقنعا دون إجراء تعديلات دستورية تشكل ضمانة للتعبير عن إرادة المواطن في نتائج الانتخابات.. فنحن نريد إصلاح النظام وليس إصلاح قانون الانتخاب".
كما يشير المهندس على أبو السكر، رئيس مجلس شورى حزب جبهة العمل الاسلامي، إلى ان "الهجمة على الحركة الإسلامية من بعض الكتاب امر متوقع". ويضيف: "ولا يعيب الحركة أن تطالب بإصلاح شامل وليس مجرد تحسينات شكلية".
وينوه أبو السكر إلى أن إقرار قانون انتخاب ديمقراطي وعصري هو جزء من مطالب الحركة الإسلامية، لافتا في ذات السياق إلى ان "إقرار القانون بصيغته الحالية هو عودة للخلف وانقضاض على العملية الإصلاحية".
ويتابع: "ليس لدى الحركة الإسلامية ثقة بانه سيتم التعامل مع مطالبها بجدية، ولكن في حال تم إقرار قانون انتخاب عادل، وتوافرت الإرادة الجادة لتلبية المطالب الإصلاحية، فإن الحركة ستعيد النظر في موقفها المتعلق بمقاطعة الانتخابات ".
ومن جانبه يؤكد د. منير حمارنه، الأمين العام للحزب الشيوعي، إنه "لإنقاذ الوطن من الأزمة السياسية فلا بد من وجود قانون انتخاب يسهل تمثيل الشعب"، منوها إلى ان "المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة أمر يصعب تحقيقه في ظل القانون الحالي".
ويشير حمارنه إلى ان الحديث عن حوار قد يتم إجراؤه للخروج من الازمة يدلل من حيث المبدأ على وجود استعداد لإعادة النظر في قانون الانتخاب". ويضيف: "المشاركة في الانتخابات النيابية أو مقاطعتها امر يتصل بالنظام الانتخابي، الذي يشكل محور الخلاف".