حمارنة: تغييب قانون انتخاب ديموقراطي لمنع وصول الاسلاميين
قال عضو المبادرة النيابية، مصطفى الحمارنة، إن الحجج القديمة لعدم إيجاد قانون انتخاب عادل وديمقراطي، كان مرده أن تغيير قانون الانتخاب سيزيد من عدد الإسلاميين ويتسبب بتغيير التركيبة الديموغرافية في مجلس النواب.
حديث الحمارنة جاء خلال إدارته الجلسة الختامية من مؤتمر تقييم تجربة "الإسلاميون والحكم...قراءات في خمس دول" والتي نظمها مركز القدس على مدى ثلاثة ايام، واختتم المؤتمر أعماله امس باستعراض تجربة العلاقة بين الإسلاميين والحكم في الأردن شارك فيها رئيس الوزراء الاسبق معروف البخيت، والوزير السابق مروان المعشر، وعضو المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الاسلامي مراد العضايلة.
وبحسب ما نشرته يومية السبيل، فقد أشار المنتدون إلى ان مسيرة الجماعة على مدى السنين وقعت في أخطاء، أهمها مقاطعة الحياة النيابية التي من شأنها إعداد القادة السياسيين والرقابة ومحاسبة السلطة التنفيذية.
فيما رأى آخرون بأن جماعة الإخوان المسلمين تعرضت لحالة من الإقصاء والتهميش ومصادرة مؤسساتها عقب توقيع اتفاقية معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية.
رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت قال ان علاقة جماعة الاخوان المسلمين بالدولة لم تتسم بالعنف وإراقة الدماء من الطرفين، وكانت تتسم بحالات شد ورخاء.
وبين البخيت ان جماعة الاخوان حصلت على قرار من مجلس الوزراء عام 1945 بالترخيص كجماعة خيرية وتحت رعاية الملك عبدالله الاول، مما اضفى شرعية للجماعة، خاصة وان الملك عبدالله كان على كره شديد للشيوعيين.
وأوضح ان غالبية المؤسسين للمؤسسين لم تكن من النخبة الأكاديمية، وانما من رجال الاعمال، وهذا يفسر عدم اهتمام الاخوان في السياسة، اضافة لمشاركتهم في حرب 1948.
واشار الى ان الجماعة ارتكبت خطأ كبيرا بمقاطعة الانتخابات النيابية بالرغم من ان مجلس النواب يمثل رقابة على الحكومة، ويعمل على اعداد قيادات سياسية، لافتا الى انه ثار جدل داخلي بين الاخوان حول المشاركة او عدمها وانقسموا الى فريقين مؤيد للمشاركة ودافع لها ومقاطع.
وبين انه بعد المقاطعة كانت الخيارات امام الجماعة اما البقاء على العمل الدعوي، او انشاء حزب سياسي يمارس السياسة، وتم تشكيل حزب سياسي، لافتا الى ان اشكالية الحزب عند الجماعة قائمة على انه مستقل ام انه تابع لقيادات الجماعة، وللاسف ان الحزب بقي حزب الاخوان، وهذا ما يرفضه النظام فإما حزب سياسي او جماعة دينية.
واشار البخيت الى ان علاقة الاخوان بالتنظيم العالمي، يضع حقيقة بين يدي النظام ان الجماعة في الاردن تدين بعلاقات ولاء للتنظيم العالمي وهذا ما يرفضه النظام.
وشدد البخيت ان علاقة الاخوان المسلمين بحركة حماس اثرت على علاقتها مع النظام، خاصة وان الجماعة كان لها دور مهم في دعم حركة حماس، وغالبا ما تصدى الاخوان لتحجيم حماس في الاردن.
وحول مشاركة الاخوان في الحكومة، قال البخيت ان مشاركة الاخوان اقتصرت على حكومة مضر بدران، وتباينت آراء الاردنيين حيال أدائهم في الحكومة.
وحول تجربته مع الاخوان في محاولة ادخالهم للحكومة، اوضح البخيت انه بتشكيل حكومتي الثانية 2011 بدأت المشاورات مع البرلمان وحزب جبهة العمل الاسلامي والتقيت بهم ثلاث مرات، وتركز فحوى الحوار حول تداول السلطة، وهذا تحدي للحياة السياسية وهي بحاجة الى تدرج على مدى عدة سنوات.
وبين ان الاخوان كانوا يريدون التداول للسلطة مباشرة، وعندما رفضت ذلك، قال لي رئيسهم آنذالك "ليس لنا مصلحة بالمشاركة في الحكومة ومصلحتنا البقاء في الشارع".
واضاف البخيت انه على الرغم من انحسار الإخوان في دول عربية مثل مصر والإمارات والسعودية والعالم، واعتبارهم جماعة إرهابية، إلا ان ذلك لم يحصل في الأردن، لافتا الى انه أمامهم فرصة في الأردن للنهوض وأخذ مكانهم عبر التكيف السياسي.
وختم حديثه بالقول ان هذه الفرصة مرهونة بقيام الإخوان بمراجعة حقيقية داخلية تعيد تنظيم علاقتهم بين التنظيم الدولي من جهة، وحسم العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي.
بدوره الوزير السابق مروان المعشر قال ان الدولة لديها قرارا رسميا بعدم حظر جماعة الإخوان المسلمين، كما أن هناك قرارا بعدم الانفتاح عليها، اي علاقة ثابتة وجامدة.
وبين المعشر ان الدولة شهدت مرحلة تعايش مع الإخوان، خاصة وأنهم سلميون ولم يحملوا السلاح، وامتد التعايش حتى معاهدة السلام 1994، فالمعاهدة فرضت على الدولة إيجاد قانون انتخاب يقلل من عدد الإخوان في البرلمان لتمرير المعاهدة، وعدم وجود معارضة كبيرة لها في الشارع، وتم تغير القانون للصوت الواحد، ومرت المعاهدة بموافقة 56 صوتا من أصل 80 صوتا ومعارضة 23 نائبا.
واضاف ان الشرخ بين الدولة والإخوان نتج عنه عدم تطوير الحياة السياسية في البلاد، وتم إجهاض الأجندة الوطنية التي عارضت الصوت الواحد، لافتا الى ان قانون الصوت الواحد يفرز هيكليا نواب غير قادرين على مراقبة الحكومة ومحاسبتها.
وأوضح ان اليوم هناك حالة من انعدام الثقة بين الدولة والإخوان، وليس هناك جهة تضغط لإجراء حوار مع الإخوان، وفي المقابل الأغلبية في الجماعة أكثر تشددا وترفض الحوار مع الحكومة.
وبين ان هناك حالة في مراكز صنع القرار الرسمي تقول لا ضرورة لمشاركة الإخوان في السلطة ولا وجودهم في الحياة السياسية، لافتا الى ان أوضاع البلد اقرب الى الحالة المصرية الاقصائية، أكثر منها حالة المشاركة التونسية والمغربية.
وانتقد المعشر الجماعة قائلا انها "لم يكن للجماعة اهتمام بالشان المحلي الاجتماعي والاقتصادي، وما زال الخطاب الديني الدعوي يهيمن على الجماعة، بالمقارنة مع تونس والمغرب وفصل الحزب عن الجماعة، الحزب يمارس الحياة السياسية والجماعة للدعوة، مؤكدا ان الفصل ضروري لتطوير تفكير الجماعة والحزب السياسي.
وبين ان التجربة التونسية في المشاركة هي الأصل في العلاقة بين الدولة والإخوان، وهذا يدفع الجميع للحوار والمراجعة، أما التجربة الاقصائية في مصر من الإخوان والدولة فليست حل ولا تجلب للوطن الخير.
من جهته عضو المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي مراد عضايلة في كلمته قال ان الجماعة كان لها دور مشرف في البلد بنت مدارس وجامعات ومستشفيات وشاركت في بناء الدولة ووقفت ضد الفكر الإرهابي، ووقفت الى جانب الجيش الأردني في الحفاظ على القدس في 1948، ووقفت ضد احدث أيلول عام 1970 ورفعت سلاحها.
وبين أن الإخوان في تجربتهم السياسية لم تكن عدمية، فقد منحت الثقة لحكومة مضر بدران بـ14 شرطا منها إلغاء الأحكام العرفية وإعادة الجوازات، وشاركت الجماعة في الحكومة بـ6 حقائب أثناء حرب على الخليج للمحافظة على الوطن.
وبين عضايلة ان مرض الملك الحسين وسفره للعلاج عام 1993 مرضت معه المملكة بمعاهدة وادي عربة، وباتت الأجهزة الأمنية تقود كل شيء، ولان الأمني لا يريد أي كيان يعارض عمله بدأ بطحن لكافة مكونات الدولة، وتجربة الحزب الوطني الدستوري الذي تم إنشاؤه لمواجهة الإخوان في 1997 ثم إجهاض هذا التيار خير دليل على ذلك.
وبين ان الجماعة الإخوان نالها الحظ الأكبر من هذا الطحن في مؤسساتها لأنها تقود مقاومة التطبيع والمعارضة لسياسات التضييق على الحريات بعد المعاهدة.
واضاف ان الأردن شهد ستة تجارب انتخابية على أساس ستة قوانين أصل جوهرها الصوت الواحد، وكان التزوير السائد في هذه الانتخابات وبرزت ذلك التزوير في الانتخابات البرلمانية 2007 ذروتها.
وبين ان الجماعة شاركت في البلديات لكن تم حل هذه البلديات، وإفشال التجربة الاخوانية، وتم إقصاء الإخوان عن المنابر والجامعات، وتم فصل أساتذة الجامعات وأغلقت أمامهم الجامعات، ومحاصرة عمل الجماعة في الجامعات وملاحقة الطلاب، مما أثر سلبا على مخرجات الجامعات.
وفي الشأن الاقتصادي، قال العضايلة انه تم بيع مقدرات الوطن التي بنيت على مدى عقود، وباتت المديوينة ترهق الدولة، وتراكم الفشل الاقتصادي خلال العقد الأخير.
وأشار الى ان الأردن يعيش حالة من الأحكام العرفية لكنها مقوننة بقوانين تنتهك الحريات وتضيق على حرية التعبير، مؤكدا ان الجماعة بقيت تحظى بثقة الشعب والتفافه حول برامجها بالرغم من حالة التضييق والاستهداف.
وبين العضايلة انه مع كل هذا الإقصاء بقيت الجماعة عنوانا للسلم والمحافظة على المكتسبات الوطنية، ولم تحمل السلاح يوما في وجه الدولة.
وبقدوم الربيع العربي، قال العضايلة ان موجة الربيع العربي عندما اجتاحت الأردن، كان موقف الجماعة عنوانها العريض هو إصلاح النظام وبناء ربيع أردني خاص قائم على الإصلاحات، ولم نغتر بما حصل في بلدان الجوار.
وختم حديثه بالقول ان الأوطان لا تبنى بالمنافقين، ولا يحميها المتزلفين.
قال رئيس الوزراء السابق معروف البخيت إن هناك فرصة ما تزال قائمة أمام الحركة الإسلامية في الأردن بالتكيف السياسي وتجاوز مرحلة انحسارها.
وأضاف اليوم الاثنين خلال مشاركته في مؤتمر "الإسلاميون والحكم" الذي ينظمه مركز القدس للدراسات السياسية، أن تلك الفرصة مرهونة بقيامهم بمراجعة حقيقية داخلية تعيد تنظيم علاقتهم بين التنظيم الدولي من جهة وحسم العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي.
وتطرق البخيت إلى رفض الإخوان المشاركة في حكومته العام ٢٠١١، وتجاهلهم لإبداء أي رأي لاحقا في شهر آب (أغسطس) من العام ذاته عند مناقشة قانون انتخاب جديد.
من جهته، قال الوزير السابق الدكتور مروان المعشر في الجلسة، إن هناك قرارا رسميا داخل الدولة بعدم حظر الجماعة كما أن هناك قرارا بعدم الانفتاح عليها.
ويختتم المؤتمر اليوم أعماله التي استمرت ثلاثة أيام، حيث خصص لمناقشة تجارب الحركات الإسلامية في الحكم بالمنطقة.