2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

عهد الدون كريستيانو‏

عهد الدون كريستيانو‏
جو 24 : عاش الدون طفولته في مديرا وترعرع في كنف عائلة متواضعة تعلق بها كثيراً . استحوذت كرة القدم على جل أوقات فراغه و شكلت محور اهتماماته ،فكان يذهب ليداعب الكرة مع اترابه و يعود في المساء إلى منزله . شعرت أمه ماريا دولورس أنه يملك موهبة فريدة ،فسارعت بتأمين سفره إلى لشبونة عندما كان عمره إحدى عشرة سنة . لم تكن بدايته مع فريق “سبورتينغ لشبونة ” سهلة، فقد عانى الأمرين من إستهزاء زملائه من لكنته الغريبة ،حتى أن معلمته حاولت أن تسخر منه ،لكن العبث معه ممنوع فرمى الكرسي في وجهها فاضطرت أمه لترجي المدرسة لعدم طرده .. رونالدو مثال للمواظبة فهو لا ييأس أبداً و يبذل قصارى جهده في كل ظهور له على المستطيل الأخضر ! أعتقد أن ما يميز كريستيانو هو البحث عن التفوق على نفسه و ليس على الأخرين لأنه بساطة أفضل من الجميع .. عشقه الأبدي للساحرة المستديرة يجعل عمله أسهل لأنه يأتي الى التدريبات قبل زملائه و يغادر بعدهم و لا يتوانى عن تقديم الأفضل في كل مواجهة يخوضها ،فيتطور دون كلل أو ملل… بالعودة إلى البدايات، جذب كريستيانو الأنظار منذ أيامه الأولى في لشبونة بفضل تفوقه على كل من حوله في التمارين وفي المباريات، ما مكنه من تجاوز الفئات العمرية بسرعة فائقة و الوصول إلى الصف الأول و تمثيل فريق الرجال لدى سبورتنغ . أثناء مباراة في الدور التمهيدي لدوري ابطال أوروبا عام 2003 ، وقع السر أليكس بحب رونالدو من أول نظرة، فسحره بمراوغاته الخيالية و تقنياته العالية و لياقته المميزة ،ليحصل على توقيعه فوراً ،لتبدأ قصة حب لا نهاية لها …السر أليكس هو الأب ،هو من تبنى هذه الجوهرة البرتغالية ،هذا البرعم الصغير الذي ما زال يتفتح! لولاك يا سير لما كان هذا الدون يلمع و يسطع نجمه أينما ذهب و أينما كان ،لما كان هذا الفنان من سحرة هذا الزمان … في عام 2004 ،فرض إبن مديرا نفسه بشكل قوي على الساحة العالمية، فقد سطع نجمه في يورو 2004 الذي استضافته البرتغال، ليصبح بطلاً قومياً و معشوق الجماهير . لن أنسى دموعك بعد الخسارة في النهائي أمام اليونان ،هذه الدموع أكدت للعالم أجمع مدى وفائك لوطنك الأم ! أذكر أنك قلت ذات يوم ” أنا مدمن على اللعب لبلادي ” في زمن كثر فيه إعتزال اللاعبين دولياً بحجة التعب ولتفادي الإصابات …في مانشستر ، بدا جلياً ولادة أسطورة جديدة تحمل الرقم سبعة ،رقم الكبار اريك كانتونا و دافيد بيكهام وجورج بست.. كم كانت مأسوية وفاة والدك عام 2005 قبل أن يرى ماذا حققت فيما بعد ! تحية اجلال و إحترام لجلالتك بعد توقفك عن تناول الكحول لأنها السبب في موت ابيك ! ببساطة ما تفعله لا يفعله الآخرون .. تعملق رونالدو أوصل الشياطين الحمر إلى القمة مراراً، فقادهم إلى إنتزاع الدوري الانجليزي الممتاز في ثلاث مناسبات والظفر بالمسابقة الأم على حساب شيلسي عام 2008 في موقعة موسكو الشهيرة ..توج عطاءاته اللا متناهية في سبيل قضية اسمها “مانشستر يونايتد ” بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم لعام 2008.. بعدها ،أتى البرغوت ميسي ليمنعه من التربع على عرش أوروبا في العام الذي تلاه. عودة فلورنتينو بيريز إلى القلعة البيضاء سرعت من عملية إنتقال الدون إلى صفوف ريال مدريد ،لينتهي مشوار رونالدو مع “الريد ديفلز “..

قصة جديدة بدأ بكتابتها النجم البرتغالي ،عنوانها 94 مليون يورو صرفها الرئيس الجديد القديم فلورنتينو بيريز لإستقدام الدون ،ليصبح أغلى صفقة في تاريخ الساحرة المستديرة . لذا ،توجب على كريستيانو تبرير هذه الأموال الطائلة التي دفعت من أجل الحصول على خدماته . منذ يومه الأول في العاصمة الإسبانية، فرض رونالدو نفسه النجم الأول في القلعة البيضاء . إن الإصابة التي تعرض لها أمام مرسيليا في دوري الأبطال نالت منه فغاب عن الكثير من المباريات وعاش في ظل ميسي . قدوم جوزيه مورينيو إلى “السنتياغو برنابيو ” ساعد رونالدو كثيراً ، ف”السبيشل وان ” من أشد المعجبين بموهبة كريستيانو ويكفي ان الإثنين من البلد نفسه . لعل أبرز محطات رونالدو في موسم ”مو” الأول على دكة بدلاء الميرينغي ،كانت الرأسية الخيالية التي سجلها ضد برشلونة في نهائي كأس ملك إسبانيا . ولا بد من الإشارة إلى تسجيل الدون لأربعين هدف في الليغا ، ما مكنه من الظفر بالحذاء الذهبي للمرة الثانية في مسيرته . ما يميز الدون أنه يتحدى الزمن فكلما تقدم بالعمر كلما زاد توهجاً وتألقاً ! هذا الأخير قال أنه لا يقبل بالهزيمة ،حتى لو تعلق الأمر بسباق مع صديقته في حوض السباحة ! أعتقد أن هذه العقلية أوصلته إلى القمة ! هذه القمة التي سيبقى صامداً عليها بفضل جهده اليومي و تعطشه الدائم لما هو أفضل ! في موسمه الثالث في مدريد ، أوقف الملك إحتكار برشلونة للدوري المحلي و كاد أن ينال الكرة الذهبية، إلا أن غزارة أهداف البرغوت حالت دون ذلك . هذا الدون يتحمل صافرات الإستهجان التي تلاحقه في معظم المباريات و لا يكترث للأصوات التي تصرخ بإسم “ميسي ” لإزعاجه و تشتيت تركيزه ! كيف يمكن لإنسان أن يتعايش مع هذا الكم الهائل من الضغوطات ؟ هذا يعود إلى قوته الداخلية التي يفجرها على المستطيل الأخضر ! كريستيانو يقضي على كل من يعترض طريقة في عام 2013 وقد أكد مدى علو كعبه في المواجهات الكبيرة، خصوصاً في “الكلاسيكو ” حيث اكتسح ميسي بين جماهيره الغفيرة في ملعب ال”كامب نو” المرعب .. عودة رونالدو إلى مسرح الأحلام توجها بمنحه الريال التأهل على حساب رفاق الأمس، ولكنه بدل أن يحتفل بالهدف إعتذر من جمهور الشياطين الحمر … كم أنت كبير !

خروج النادي الملكي خالي الوفاض من موسم 2012-2013 لم يحرم رونالدو من إستعادة الكرة الذهبية بعد طول إنتظار و هذا يعود إلى تعملقه في دوري الأبطال و في المباريات الكبيرة ، خصوصاً في مباراتي منتخب بلده أمام السويد في الملحق الفاصل المؤهل إلى المونديال . ترك مورينيو الريال و عاد إلى بيته القديم نادي تشلسي ، في حين إستلم تدريب النادي الملكي المستر كارلو انشيلوتي مبتكر طريقة اللعب الهجومية المعروفة بشجرة عيد الميلاد . قدوم المدرب الإيطالي المحنك كان فأل خير على الدون الذي راح يحطم الأرقام القياسية ،ابرزها تسجيله 17 هدفاً في النسخة الأخيرة من المسابقة الأم ليقود الميرينغي إلى لقبه العاشر … حصيلة عام 2014 ، أربعة القاب آخرها كأس العالم للأندية و القاب فردية لا تحصى و لا تعد و هو في طريقه للفوز بكرته الذهبية الثالثة ،ليحفر إسمه مجدداً بأحرف من ذهب في كتب التاريخ …

بإختصار ، هذه الأسطورة ما زال لديها الكثير لتقدمه، فهي لا تعرف الانكسار و لا ترضى سوى بالإنتصار . كثيرون يصفون كريستيانو بالشخص المتعجرف و المتكبر . ربما هم على حق، إلا أنه ما من أحد يستطيع أن ينكر وفاءه و اعماله الخيرة .

اتمنى أن تكمل مسيرتك على هذا المنوال ، و أن تستمر في اتحافنا، لأن كرة القدم بحاجة إلى أمثالك.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير