بشر الخصاونة - معن القطامين.. هيبة الدولة الخاسر الاكبر
أحمد الحراسيس - أقلّ من أربع وعشرين ساعة فصلت بين الارادة الملكية بالموافقة على تعيين الدكتور معن القطامين وزيرا للعمل والارادة الملكية بقبول استقالته من منصبه، ويبدو أن وساطات كثيرة تخللت هذه الساعات، باءت جميعها بالفشل..
وشمل التعديل الوزاري الأخير سحب حقيبة الاستثمار من القطامين، والابقاء عليه وزيرا للعمل، ليفاجئ القطامين الجميع بتقديم استقالته من منصبه، فيما أصدرت رئاسة الوزراء توضيحا قالت فيه إن رئيس الوزراء أبلغ القطامين قبل أقلّ من (24) ساعة على التعديل بأنّ الجمع بين حقيبتيّ العمل والاستثمار أثبت عدم جدواه خلال الشهور الماضية، منوّها أن وزير العمل وافق على خيار تولّي حقيبة وزارة العمل.
الواضح، أن قرار الخصاونة أغضب القطامين ودفع الأخير نحو الاستقالة التي كانت الخيار الوحيد أمامه في ظلّ تصريحاته العديدة سابقا بأن ملفّي العمل والاستثمار متداخلان ومتشابكان ولا يمكن فصلهما، بالاضافة إلى ارتباط ملفّ الاستثمار بشكل أساسي مع الملفّ الاقتصادي الذي يبرع فيه القطامين؛ هم يعلمون أن القطامين لن يستمرّ إذا ما جرى سحب حقيبة الاستثمار منه، وربما هذا ما أرادوه ولكن ليس بالطريقة التي اختارها الوزير الأسبق.
البيان الحكومي لم يتضمن ما يبيّن الأسس والمؤشرات التي ولّدت قناعة لدى الخصاونة بأن الجمع بين حقيبتي العمل والاستثمار لم يثبت جدواه، خاصة وأن القطامين لم يُمنح الوقت الكافي والصلاحيات الكاملة لادارة هذا الملف، وقد سبق أن أشار إلى ذلك في مقطع الفيديو الذي نشره قبل نحو أسبوعين بعنوان "ماضون".
كما يطرح البيان الحكومي تساؤلا حول دلالة عبارة: "تواردت أنباء على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأنّ القطامين قدّم استقالته من الحكومة"، فنحن ذهبنا إلى صفحات الوزير عبر وسائل التواصل ولم نجد ما يفيد بأنه قدّم استقالته! فهل أصبحت وسائل التواصل إحدى المدخلات التي تعتمد عليها الحكومة في اتخاذها قرار اقالة مسؤول؟ هل عدمت الحكومة وسيلة للتواصل مع القطامين؟! كيف نعتمد في قرارت مفصلية على معلومات متداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي؟!
ولا يمكن أن نفصل استقالة القطامين عن طبيعة وشخصية رئيس الوزراء التي لا تلقي بالا للرأي الآخر، ونشير هنا إلى حسم الخصاونة أمر "عدم جدوى الجمع بين وزارتي الاستثمار والعمل" دون بيان الأسباب التي ولّدت هذه القناعة لديه، بالاضافة إلى وضع ثلاثة خيارات أمام الوزير المستقيل دون فتح حوار معه والاستماع إلى وجهة نظره.
ربما يكون الوزير الأسبق أحرج الحكومة والخصاونة تحديدا باستقالته التي سيكون لها كلف سياسية، لكن هذا لا يمنع أن صورة القطامين -الذي عرفه الأردنيون منظّرا وناشطا له وجهة نظر ورؤية اقتصادية خاصة وآراء معارضة للنهج الاقتصادي القائم- قد تأثرت بقبوله الدخول أصلا في حكومة تشكّلت بذات الآلية التي سبق أن اعترض عليها الوزير المستقيل..
لعلّ الرئيس أراد ايصال رسالة إلى الشارع بسحب حقيبة الاستثمار من القطامين بأن الرجل الذي أشبعكم تنظيرا لسنوات قد فشل في أول اختبار حقيقي، لكن ما قام به الوزير المستقيل يشبه المثل الشعبي: "تغدّا فيهم قبل ما يتعشوا فيه".