هآرتس: إسرائيل تحول سجونها إلى “مثلث برمودا”.. أين المعتقلون الغزاويون؟



تختفي آثار الغزيين الذين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي في القطاع وزجوهم في المعتقلات داخل إسرائيل، ولا يعرف أبناء عائلاتهم مكانهم، وإذا كانوا أحياء أم أمواتاً، وإن ماتوا فكيف.

في الشهر الأخير، لاقى غزاويان آخران على الأقل حتفهما في الثقب الأسود للمعتقلات في إسرائيل. معاذ خالد محمد ريان ابن 31، اعتقل في 21 أكتوبر من شمال القطاع وهو مشلول، ومات بعد نحو أسبوع ونصف. رفضت السلطات الإسرائيلية الإفادة عن المخالفات التي نسبت له.

عندما توجه أبناء عائلته إلى الجيش وطلبوا استيضاحاً حول مكان احتجازه، قيل لهم إنه مات في 2 تشرين الثاني، لكن لم يقولوا أين. وبعد توجه "هآرتس”، أضافوا أنه مات في معتقل "سديه تيمان”.

محمد عبد الرحمن إدريس، ابن 35، اعتقل -حسب الفلسطينيين- في 25 آب برفح، ومات الجمعة الماضي في سجن عوفر. قيل لعائلته إنه عثر عليه في زنزانته فاقد الوعي، وتقررت وفاته بعد محاولات إنعاش فاشلة. وجاء من الجيش الإسرائيلي أنه توفي وهو في حوزة مصلحة السجون، لكن المصلحة تدعي أنه كان بحوزة الجيش، وكل جهة تلقي بالمسؤولية على غيرها. لا أحد مستعداً لكشف أسباب الاعتقال.

ينضم موتهما إلى قصة أخرى لأب وابنه، اعتقلا في آذار في خان يونس. كل محاولات أبناء عائلتهما لمعرفة مصيرهما باءت بالفشل. في تموز، جاء جواب من السلطات بأنه لا معلومات عن اعتقالهما. رفع أبناء العائلة التماساً لمحكمة العدل العليا، وعندها اعترفت الدولة بأنهما اعتقلا بل وماتا أيضاً أثناء الاعتقال. قضاة محكمة العدل العليا وصفوا تسلسل الأمور هذا بأنه "خطأ”.

من المريح التصديق بأن هذا ليس جزءاً من سياسة. عملياً، كثيرون من سكان غزة يبحثون عن أقربائهم ليس بين الأنقاض فحسب، بل أيضاً بين أسوار السجون الإسرائيلية. انعدام الشفافية دفعهم لمحاولة جمع قطع من المعلومات من معتقلين محررين أو محامين يزورون السجون، والكثيرون منهم يبقون بلا جواب.

منذ بداية الحرب، مات عشرات السجناء والمعتقلين في معتقلات الجيش الإسرائيلي ومصلحة السجون. الجمهور غير مكترث، ومحكمة العدل العليا تشكل مبيّضاً لظاهرة إخفاء المعتقلين، والتماسات منظمات حقوق الإنسان في الموضوع تشطب مرة تلو أخرى.

على الدولة أن ترتب آلية تبلغ العائلات بمصير المعتقلين. وواجب على القضاة في المحاكم المدنية إجراء زيارات إلى منشآت الحبس للتأكد من أن المعتقلين يحظون بشروط مناسبة. لا يجب التسليم بوضع تصبح فيه السجون ثقباً أسود لانتهاكات منتظمة لحقوق الإنسان الأكثر أساسية.


* أسرة التحرير - هآرتس 3/12/2024