2025-01-08 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لا لمقارعة الحرف بالرصاصة

د. رلى الحروب
جو 24 :

الهجوم على صحيفة شارلي ايبيدو الفرنسية بغض النظر عن خطها الفكري مدان بكل لغات العالم ومفاهيمه ودياناته وقوانينه. لا للاعتداء على المدنيين...لا للاعتداء على حرية الصحافة...لا للعنف...الأفكار تقارعها الأفكار وليس طلقات الرصاص او السيوف.

نعم لحق الحياة...نعم لحرية الأفكار والتفكير والتعبير...نعم للتعددية...العالم ليس ابيض واسود ولن يكون...العالم ليس شعبا واحدا بديانة واحدة وثقافة واحدة ولا ينبغي ان يكون...جمال الدنيا في الوان قوس قزح الاخاذة...لا نريد للاسود ان يطغى على كل الألوان.

ان كانت الصحيفة قد اساءت قبل سنوات كما يقول المعتدون الى ديننا الحنيف، فإن أهل هذا الدين قد أساءوا اليه اكثر مما اساء اليه الآخرون. كان بوسع مسلمي فرنسا ان يرفعوا قضية في المحاكم ويطالبوا بتعويض مدني ضخم يجعلها وغيرها يفكرون مئة مرة قبل ان يكرروا فعلتهم المسيئة، وكان بوسعهم ان يمطروا الصحيفة بملايين المقالات التي تشجب نشرها للرسوم المسيئة لرسولنا الكريم عليه افضل الصلوات والتسليم، وكان بوسعهم ان يقودوا جدلا في وسائل الاعلام حول الخط الفاصل بين الحرية والاساءة تستفيد منه كل امم العالم ويصل الى نتائج تتحول الى قوانين ترسم الحد وتعاقب على تخطيه، وهو ما حدث في مرحلة سابقة بالفعل حين ادت موجة الرسوم المسيئة الى الرسول الى تبني نص في الامم المتحدة يمنع الاساءة الى الرسل والانبياء وتحقير المعتقدات الدينية.

هل فكر اولئك الغاضبون الذين نفذوا الاعتداء بعد سنوات طويلة من نشر الصحيفة اساءاتها في ارسال وجهة نظر مضادة للصحيفة لتنشر في نفس المكان وبنفس الحجم كما يملي القانون واعراف الصحافة وتقاليدها ؟ وهل امتنعت الصحيفة عن نشرها؟ مهما كان خط الصحيفة مستفزا ومسيئا الى دين او فئة فإن الرد ينبغي ان يكون من نفس جنس العمل ، اما الرد بالدم على لغة الحرف فهو مرفوض.

لو أن كل من أسيء إليه أو الى دينه او معتقده اخذ العقوبة بيديه لتحول العالم الى غابة. لقد تسامى رسولنا الكريم فوق كل المسيئين في حياته، وتحمل ما لم يتحمله بشر من ظلم واساءات وايذاء، ولكنه لم يثأر ولم ينتقم، وانما سامح وغفر، بل وأحسن الى من اساءوا اليه وكرمهم وكرم زعيمهم في فتح مكة، أفلا نقتدي بأخلاق رسولنا العظيم؟ وهل يضير نبيا بعظمة سيدنا محمد ان يسيء اليه الجاهلون؟

تعازينا لاهالي الضحايا، وعلى المعتدين في هذه الحادثة ومثيلاتها ان يفهموا ان الصحافة منبر للجميع، وأن الاسلام هو دين الرحمة والغفران والاحسان، وان الرسول العظيم إنما بعث ليتمم مكارم الاخلاق ، ولو كان فظا غليظ القلب لانفض الناس من حوله، وان الاسلام انتشر بالكلمة الطيبة والقدوة الصالحة والحكمة والموعظة الحسنة وليس بحد السيف كما يروج اعداؤه، وأن من يهتدي بالحق ويدافع عنه لا يضيره ان جهل الجاهلون.

هدى الله الجميع ورحمنا برحمته بعدما التبس الحق بالباطل واصبح الحليم حيرانا في هذا الزمان المشوش.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير