لا شيء ، لا شيء على الإطلاق!
حلمي الأسمر
جو 24 : قرأت بالأمس نص محاضرة ليوري أفنيري، عن الوجود اليهودي في فلسطين، نُشِرت حديثا في فلسطين، أفنيري صحفي يساري معروف، ارتبط اسمه بصحيفة «هعولام هزيه» أو «هذا العالم» بالعربية، يقول عن نفسه، إنه ليس بروفيسورا ولا دكتورا، وأعلى لقب أكاديميّ حاز عليه في حياته هو إنهاء الصف السابع، ولكن، مثل كثيرين من أبناء جيله، من المهاجرين اليهود إلى فلسطين، منذ فجر شبابه كان له اهتمام كبير في علم الآثار، لماذا؟ السبب ببساطة، انهم كانوا يبحثون عن أي جذور لهم في فلسطين، فماذا وجدوا؟
المحاضرة –كما يقول- كانت افتتاحية مؤتمر بكلية كنيرت (يعني طبرية!) حول موضوع: «صخرة وجودنا - علم الآثار في الإعلام والسياسة» وهو يفسر سرَّ اهتمامهم بعلم الآثار، كيهود مهاجرين، فيقول إن أبناء ذلك الجيل الصهيوني أول من وُلد في البلاد، وكانت البلاد في نظر آبائهم وطنا مجرّدا، البلاد التي حلموا فيها في الكُنُس في بولندا وأوكرانيا، وفي نظر أبنائهم وبناتهم، من مواليد البلاد، كانت ببساطة «وطنا» لقد اشتاقوا لما يسميه «جذورهم»، لقد جرفوا البلاد طولا وعرضا، قضوا ليالي حول النار المشتعلة، عرفوا كلّ جبل وكل وادٍ، فهل وجدوا هذه «الجذور»؟
يقول أفنيري: استند الادعاء الصهيوني بملكية أرض إسرائيل كلّه إلى قصص الكتاب المقدّس: خروج من مصر، احتلال كنعان، مملكة شاؤول، داود وسليمان، وسائر أحداث تلك الفترة، ولأنّ جميع «الآباء المؤسسين!» تقريبا كانوا ملحدين، لم يستطيعوا الاستناد إلى حقيقة أنّ الله وعد ذرية إبراهيم شخصيًّا بالبلاد. ومن ثم، فمع مجيء الصهاينة للبلاد فورا، بدأت البحث المحموم، تم مسح البلاد من أجل اكتشاف إثبات علمي حاسم يحدد أن قصص الكتاب المقدّس ليست مجرّد أساطير، إنما تاريخ حقيقي، الصهاينة المسيحيون سبقوا الصهاينة اليهود في هذا البحث. لقد اقتحموا المواقع الأثرية، تمت إزالة الطبقات العليا من الفترات العثمانية والمملوكية، الصليبية، العربية، البيزنطية، الرومانية، اليونانية والفارسية للكشف عن طبقة بني إسرائيل، كدليل على أنّ الكتاب المقدس صحيح. تمّ القيام بجهد هائل، قام دافيد بن غوريون، الذي عيّن نفسه خبيرا بالكتاب المقدّس، بتنظيم هذا النشاط، رئيس الأركان، يغئال يادين، نجل عالم آثار وهو بنفسه عالم آثار معروف، بحث في المواقع القديمة من أجل إثبات أنه بالفعل كان هناك فتح لكنعان، لكن لم يجد شيئا. وماذا كانت نتائج هذا البحث المحموم؟
كان شيئا لا يُصدّق، أربعة أجيال من علماء الآثار المتخصّصين، من ذوي الإيمان المتحمّس والموارد الهائلة، اكتشفوا: لا شيء. لا شيء مطلقا!!
نعم، هذا هو اعتراف صريح بعدم وجود أي دليل محسوس على ما حمله «تاريخهم» من «حق تاريخي» بل إن أفنيري يعيد إلى الأذهان قصة اختيار فلسطين في اللحظات الأخيرة، كي تكون أرضا لاحتلال الصهاينة، فيقول إنه في المسودة الأولى لرؤيا الدولة اليهودية، والتي تمّت صياغتها كمذكرة لعائلة روتشيلد، كانت باتاغونيا هي الأرض التي حَلُم بها. جرت في تلك المنطقة من الأرجنتين قبل وقت قصير من ذلك إبادة جماعية، وكانت البلاد شبه فارغة.
إلا أن الجماهير اليهودية في شرق أوروبا الشرقية أجبرت هرتسل على تغيير وجهته والتحوّل باتجاه فلسطين، وفي كتابه الأساسي، الدولة اليهودية ، يحتوي الفصل الذي يتعلق بالموضوع على أقل من صفحة، كان عنوانها فلسطين أم الأرجنتين ، لم يُذكر السكان العرب في الكتاب إطلاقا!
لا شيء، لا شيء إطلاقا، باعترافهم، فأنى لفلسطيني أو عربي، أو إنسان، أن يقرَّ لهؤلاء القتلة المغتصبين بأي حق في أرض احتلوها بالإرهاب والسطو؟
المحاضرة –كما يقول- كانت افتتاحية مؤتمر بكلية كنيرت (يعني طبرية!) حول موضوع: «صخرة وجودنا - علم الآثار في الإعلام والسياسة» وهو يفسر سرَّ اهتمامهم بعلم الآثار، كيهود مهاجرين، فيقول إن أبناء ذلك الجيل الصهيوني أول من وُلد في البلاد، وكانت البلاد في نظر آبائهم وطنا مجرّدا، البلاد التي حلموا فيها في الكُنُس في بولندا وأوكرانيا، وفي نظر أبنائهم وبناتهم، من مواليد البلاد، كانت ببساطة «وطنا» لقد اشتاقوا لما يسميه «جذورهم»، لقد جرفوا البلاد طولا وعرضا، قضوا ليالي حول النار المشتعلة، عرفوا كلّ جبل وكل وادٍ، فهل وجدوا هذه «الجذور»؟
يقول أفنيري: استند الادعاء الصهيوني بملكية أرض إسرائيل كلّه إلى قصص الكتاب المقدّس: خروج من مصر، احتلال كنعان، مملكة شاؤول، داود وسليمان، وسائر أحداث تلك الفترة، ولأنّ جميع «الآباء المؤسسين!» تقريبا كانوا ملحدين، لم يستطيعوا الاستناد إلى حقيقة أنّ الله وعد ذرية إبراهيم شخصيًّا بالبلاد. ومن ثم، فمع مجيء الصهاينة للبلاد فورا، بدأت البحث المحموم، تم مسح البلاد من أجل اكتشاف إثبات علمي حاسم يحدد أن قصص الكتاب المقدّس ليست مجرّد أساطير، إنما تاريخ حقيقي، الصهاينة المسيحيون سبقوا الصهاينة اليهود في هذا البحث. لقد اقتحموا المواقع الأثرية، تمت إزالة الطبقات العليا من الفترات العثمانية والمملوكية، الصليبية، العربية، البيزنطية، الرومانية، اليونانية والفارسية للكشف عن طبقة بني إسرائيل، كدليل على أنّ الكتاب المقدس صحيح. تمّ القيام بجهد هائل، قام دافيد بن غوريون، الذي عيّن نفسه خبيرا بالكتاب المقدّس، بتنظيم هذا النشاط، رئيس الأركان، يغئال يادين، نجل عالم آثار وهو بنفسه عالم آثار معروف، بحث في المواقع القديمة من أجل إثبات أنه بالفعل كان هناك فتح لكنعان، لكن لم يجد شيئا. وماذا كانت نتائج هذا البحث المحموم؟
كان شيئا لا يُصدّق، أربعة أجيال من علماء الآثار المتخصّصين، من ذوي الإيمان المتحمّس والموارد الهائلة، اكتشفوا: لا شيء. لا شيء مطلقا!!
نعم، هذا هو اعتراف صريح بعدم وجود أي دليل محسوس على ما حمله «تاريخهم» من «حق تاريخي» بل إن أفنيري يعيد إلى الأذهان قصة اختيار فلسطين في اللحظات الأخيرة، كي تكون أرضا لاحتلال الصهاينة، فيقول إنه في المسودة الأولى لرؤيا الدولة اليهودية، والتي تمّت صياغتها كمذكرة لعائلة روتشيلد، كانت باتاغونيا هي الأرض التي حَلُم بها. جرت في تلك المنطقة من الأرجنتين قبل وقت قصير من ذلك إبادة جماعية، وكانت البلاد شبه فارغة.
إلا أن الجماهير اليهودية في شرق أوروبا الشرقية أجبرت هرتسل على تغيير وجهته والتحوّل باتجاه فلسطين، وفي كتابه الأساسي، الدولة اليهودية ، يحتوي الفصل الذي يتعلق بالموضوع على أقل من صفحة، كان عنوانها فلسطين أم الأرجنتين ، لم يُذكر السكان العرب في الكتاب إطلاقا!
لا شيء، لا شيء إطلاقا، باعترافهم، فأنى لفلسطيني أو عربي، أو إنسان، أن يقرَّ لهؤلاء القتلة المغتصبين بأي حق في أرض احتلوها بالإرهاب والسطو؟