jo24_banner
jo24_banner

باحث امريكي يضع سيناريوهات لمحاربة الفقر في العالم

باحث امريكي يضع سيناريوهات لمحاربة الفقر في العالم
جو 24 :

اكد البروفسور أبيجيت بانرجي استاذ كرسي الاقتصاديات الحالي بمؤسسة فورد الدولية في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا (ام آي تي) علي ضرورة ان تؤدي المعونات الدولية الي محاربة الفقر وليس التدخل في شؤون الاخري .

جاء ذلك في محاضرة بعنوان " العطاء بذكاء .. نحو تحقيق الفائدة القصوى من المعونات " القاها بالمجلس الرمضاني للشيخ محمد بن زايد ال نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة الليلة الماضية .

واكد البروفسور بانرجي وهو ايضا الباحث المنتسب بجمعية الإبتكار من أجل مكافحة الفقر بولاية كونيكتيكت الأمريكية في بداية محاضرته أهمية مبدأ العطاء مشيراً الى أنه في الوقت الذي يعتبر فيه مسألة المعونات جدية بالنسبة لدولة الامارات العربية المتحدة فإن الجدال حولها مستمر بين الاقتصاديين في مختلف أنحاء العالم لمعرفة ما إذا كان للمعونات أن تقضي على الفقر أم لا ولماذا تخفق بعض المعونات في تحقيق الهدف منها.

وقدم في المحاضرة التي شهدها الشيخ محمد بن زايد ال نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة الليلة الماضية وعدد من الشيوخ والوزراء وفؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني الاسبق , عددا من الأفكار والمفاهيم والأسئلة الخاطئة حول هذا الأمر مثل الذي يقول اعطني المعونة وأنا أنهي الفقر أو هل المعونة تنهي الفقر.. وهل تعطى المعونة لكسب الولاء .. وهل تنجح البرامج الحكومية عند تقديم المعونات .

واشار الى أن السؤال الصحيح هو هل يمكن تقليص هذه الفجوة .. أي التقليل من حدة الفقر عبر تعزيز الرعاية الصحية مثلاً واستخدام انواع من التدريب لمواجهة مشكلة الملايين الذين يعانون من الجوع والأمراض وعدم الالتحاق بالمدرسة.

وقال أن الناس يتأثرون بالناحية الدعائية خاصة الأثر الذي تتركه الصورة المنشورة لدى الناظر مستشهداً بحالة فردية لفتاة صغيرة من مالي والتي تعاني الجوع والأمراض وقد ظهرت صورتها في الإعلام لذا تبرعوا لها بمال كثير بعكس ما قدموه لملايين الفقراء في مختلف أنحاء العالم وأعاد السؤال مجدداً هل المساعدة تنجح وتقضي على الفقر.. وهل من الصعب القضاء على الفقر.

وأجاب بأن السؤال يجب أن يبدأ بالتالي .. ماهي الخبرة التي نحتاجها للتأثير على مقدمي المعونات وإقناعهم بأن العطاء هو الطريقة الأفضل ..موضحا أن هناك مبادئ أساسية للتبرع او العطاء: اولها أن لا تفترض معرفة السؤال بل جرب الإجابة فمثلا التطعيم ضد الأمراض من الفوائد طويلة الأمد والرخيصة الثمن والمتوفرة مجانا ولكن المشكلة تكمن في الخطوة الأخيرة فرغم أن كل شيء متوفر لكن لا يتم تطعيم الأطفال ففي عام 2000م تم تطعيم 1 بالمائة فقط والسبب أن بعض الحكومات وانظمتها المنهارة والموظفين الكسالى الذين لا يقومون بالتطعيم وهو سبب في عدم نجاح فكرة تقديم المعونات.

أما المبدأ الثاني فهو ان هناك من يقول أن اهالي الأطفال لا يريدون تطعيم أطفالهم بسبب معتقداتهم القديمة وعاداتهم الشعبية وبالتالي فهم لا يذهبون إلى مراكز التطعيم ..وأشار إلى اللجوء الى افكار من أجل جذبهم من خلال تجربة توزيعهم في مخيمات مختلفة وكانت النتيجة ان نسبة 95 بالمائة منهم حضروا الى المخيم الذي قدمت فيه بعض الحوافز مثل إعطاء أكياس الفاصوليا كهدية للطفل المطعم وذلك في مقابل مخيمات تطعيم دون حوافز.

واكد ان نتيجة هذه التجربة كانت بعد سنة ونصف تقريبا وهي زيادة في نسبة الأطفال المطعمين من 1 بالمائة الى 6 بالمائة ثم إلى 17 بالمائة وهو تحسن كبير ولكن هناك 83 بالمائة من الأطفال غير المطعمين لم يحضروا ولكن بإعطائهم اكياس الفاصوليا زادت النسبة الى 38 بالمائة ونتوصل الى حقيقة مفادها أن التكلفة الحقيقية لهذه العملية هي أن تذهب الى القرية لتطعيم أكبر عدد ممكن من الأطفال وتقديم الحوافز لهم.

ثم تحدث عن المبدأ الثالث وهو (انظر الى الادلة وتوقع المفاجآت) وقد تناول فيه المحاضر موضوع التعليم المثير للاهتمام حيث وجد أن بلدان كثيرة مثل باكستان والهند وكينيا وتنزانيا وغانا ... الخ تؤكد أن هناك حقيقة مقلقة وهي ان نسبة 40 بالمائة من الطلاب في الصف الخامس يستطيعون القراءة في مقطع واحد و30 بالمائة يستطيعون التقسيم البسيط في الرياضيات ..مشيراً إلى عدة عوامل تساعد على ذلك ولكن الشيء الأساسي هو أنه لكي ينجح هذا النوع من الفعل لابد من إجراء الكثير من التجارب.

وأشار إلى انه تم توزيع الكتب المنهجية في بعض المدارس ولكنها لم تنجح رغم وجود المدرسين الإضافيين ..وقال أن الحقيقة هي أنه بدلاً من مدرس يعلم المنهج للأطفال احصل على معلم من نفس المنطقة والمهم أن عليه أن يعلمهم على الأقل تاريخ المنطقة وليس القراءة فقط لان الطفل يريد مشاهدة الأفلام حيث أنه لا يشعر بالفائدة من الكتب ولا عجب أن يترك المدرسة.

كما لاحظ المحاضر أن طلاب الثانوية المتطوعين الذين يساعدون الأطفال في تعلم الأساسيات احدثوا تغييراً كبيراً لان المسألة هي التركيز على هذه النقطة فالوالدين الأميين لا يستطيعان مساعدة طفلهما وقد يحرم الطفل من كثير من الفرص ومع ذلك فالمدرس ليس سبب الفشل لأنه لا توجد لديه تعليمات وإنما السبب هو النظام التعليمي المتجمد وهكذا نجد أن النقطة الرئيسة إذن ليست بتعليم الأطفال وتدريب المدرس على المنهج او إدخال الحاسوب ولكن السؤال الصحيح هو لماذا وسنرى أننا نتجاهل الحقيقة ثم نرى ماذا يحدث ونتوقع المفاجآت ولا نستبق الإجابات.

وتحدث المحاضر بعد ذلك عن المبدأ الرابع وهو إنسانية الفقراء أي أنهم بشر مثل بقية الناس ولهم رغبات مماثلة وطموحات مشابهة ..مشيراً الى أنه في المغرب مثلاً عندما يسأل الفقير ماذا سيفعل بالمال الذي يعطى له فيجيب بأنه عند الحصول على المال يريد أن يشتري الأكل لأنه جائع ولكن في الحقيقة فإنه يشتري ببعض المال التلفاز للتسلية لأنه في نظره أهم من الطعام وهذا مهم فقريته لا شيء فيها والملل يلفها ولذلك فالفقراء ليسوا مجرد آلات آكلة وإنما هم بشر يريدون أن يعيشوا مثلنا تماما يريدون تسلية وملابس جيدة ... الخ وإذا أعطيت الفقير مثلا عشرة دولارات فسينفق منها ستة دولارات على الغذاء وثلاثة على المغذيات ودولار على طعام افضل ولكن 7 بالمائة من إجمالي الأنفاق لدى الفقراء تذهب لشراء السكر والشاي لأنهم يستمتعون بذلك.

كما تحدث عن تجربة أخرى جميلة في بعض قرى الصين التي يزرع فيها الأرز ويصنع منها (النودلز) وهو احد انواع المعكرونة حيث قام الفقراء بشراء بعض الأرز بمال أقل والباقي لشراء أمور أخرى وبذلك انخفضت السعرات الحرارية لذلك فإنها تجربة تؤكد بشريتهم وضرورة ممارسة حياتهم اليومية.

وانتقل المحاضر بعد ذلك الى المبدأ الاخير وهو أن علينا الانصات لما يقال حول ريادة الأعمال لدى الفقراء وتمويل المشاريع الصغيرة وكيف يساعدهم ذلك لانتشالهم من الفقر ..مشيرا الى ان 12 بالمائة من سكان بعض دول اوروبا أطباء وأغنياء وهناك 40 بالمائة من فقراء الريف لديهم نوعان من العمل أحدهما زراعي والآخر غير زراعي مقابل 60 بالمائة الى 70 بالمائة من فقراء المدن الذين لديهم أعمالهم الخاصة في حوالي 18 دولة غربية ولكن الامر المضلل هو أنهم يريدون أن يكونوا من رواد الأعمال.

ولاحظ المحاضر أنه من أصل 140 منطقة في الهند حصلت 52 منها على تمويل لرواد الأعمال وعندما حصلوا على هذه الأموال اشتروا بها التلفاز والبرادات وغير ذلك ولم ينشؤوا عملاً خاصاً بهم وعندما تسألهم ماذا يريد الفقراء لأبنائهم فإنهم يجيبون بجواب واحد وهو أنهم يريدون الحصول على وظيفة حكومية أو عمل غير حكومي ولا يذكرون العمل الخاص ..مؤكدا ان المتبرعين بالمال يعتقدون بما يقول هؤلاء ولكنهم ليسوا كذلك أي لا يفعلون ما يقولون.

ويتساءل المحاضر لماذا كل الاهتمام بذلك ..ويجيب بأن سياسات صناع القرار التي تصاغ بهذا الشكل ليست صحيحة والمشكلة أننا لا نميز الحقائق حيث نعتمد على الايديولوجيا أو الافكار المسبقة أي أن الامور يجب ان تكون بهذا الشكل او نتجاهل ما يريدونه فصناع القرار يتجاهلون البراهين ويتم تنفيذ الأمور دون التفكير بنجاعتها لسوء الحظ .

وأكد البروفسور أبيجيت بانرجي في ختام محاضرته أن الرسالة التي أراد ايصالها هي أن هناك إجابات كثيرة يمكن أن تساعد على القيام بالأمور الصحيحة وليس من المستحيل ان نقوم بالصواب بل علينا التفكير بانفتاح وننظر الى الادلة لأنها تحدثنا وتقدم لنا الاجابات التي نريد او يمكن من خلالها تجنب المشاكل وجعل العطاء أفضل.

وبعد ذلك فتح المحاضر الباب للأسئلة والمداخلات حيث قدم فؤاد السنيورة مداخلة أشار فيها الى ان احد الابعاد من هذه التجربة هو ان الهدف هو مكافحة الفقر وتقديم مستوى معيشة افضل عبر التعليم حيث أن التعليم هو المفتاح لكل ذلك ..مشيراً الى انه في الكثير من الحالات لا تستفيد الأسرة من التعليم بسبب الأمية.

وقال السنيورة انه رغم ذلك فإنه يجب ايصال شيء آخر للمتلقين للمعونات فهم لا يدركون الأمور المهمة وعلينا ان نرسل مع المساعدات قيمة معينة في طريقة احترام العمل الجاد والنظر الى المعونة ..مشيرا الى حديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم معناه ان تأكل من عمل يدك فهو افضل من ان تكون عالة على الآخرين مؤكدا ان هذه هي الرسالة المهمة.

واضاف السنيورة انه لابد ايضا من مساعدة الفقراء في تطوير فكرة ريادة الاعمال ..مؤكدا انها قيمة محددة لابد من تدريسها للأجيال ليطوروا انفسهم، كما تساءل السنيورة عن نقطة أخرى لم يسمعها من المحاضر وهي مسألة التمكين في مجال المهارات لكي يكسب الفقراء عيشهم ويحسنوا من اوضاعهم وبالتالي تتم مكافحة الفقر وليس بالمساعدة فقط فالأمر يحتاج الى العزم والارادة المتواصلة من قبل الحكومات والبلدان المانحة.

وأجاب المحاضر على مداخلة فؤاد السنيورة ..مشيرا الى ان الموضوع متعدد الجوانب وأنه لم يتطرق الى كافة القضايا في حديثه ..وقال ان المثال الذي اورده السنيورة عن تطوير المهارات هو مثال ممتاز جدا مضيفا انه عندما نفكر لابد من التعامل ولابد من التمكين بدلا من اعطاء الشهادات التي يتم التعامل معها بطريقة ميكانيكية وهذا هو جوهر التمكين.

وردا على سؤال من احد الحضور حول الاجراءات التي اتخذت في مجال مكافحة الفقر ..أجاب البروفسور بانرجي بان المختبر الذي يعمل فيه يضم شبكة من المكاتب والباحثين والاساتذة في جامعات العالم، كلهم يقومون بهذه التجارب والتوسع والتفاعل مع الواهبين وجمع التجارب لهم وللحكومات ليستغلوا هذه المعلومات وتقديم دورات تدريب حول طريقة معرفة التعليم الافضل وارسال هذه التجارب للعاملين في السياسات وصناع القرار كما ان هناك مواقع اليكترونية نشطة تقوم بذلك لحساب الشبكة.

وردا على سؤال آخر حول كيفية مساعدة الفقراء وكيفية التأكد من المنظمات غير الحكومية قبل القيام بتقديم العطاء لهم ..قال المحاضر ان المرء لديه اكثر من المال لديه الحكمة والرأي السديد فهل يثق بما تفعله هذه المنظمات وهل يثق بما تفعله دون ان يتأثر بالكليشيهات التي تتحدث عنها ..مشيرا الى انه تم تأسيس المختبر ليلخص البراهين ويقدم فوائد الوصول الى هذه المعلومات والتي تكون مركزية لاستخدامها في صنع القرار.

كما رد على سؤال آخر حول من يجب ان يتأهل للحصول على المساعدة ..وقال ان ذلك يعتمد على المتبرع فاذا وجدت امرأة تموت اثناء الولادة والطفل سيعيش دونها فإن هذا يعتمد على القيم التي لديك كما رد على سؤال يقول هل الرأي العام ضاق درعا بهذه الامور وهل المساعدات اصبحت قليلة ..مؤكدا ان تقديم الوعود وعدم الايفاء بها وكذلك المال لا يحل كل المشاكل ولا توجد طريقة سحرية للقضاء عليها ولكن هناك العديد من قصص النجاح فالعطاء قد لا يحل الفقر ويجب الا نتوقع ان نحل مشكلة الفقر غدا صباحا ولكن علينا ان نكون ممتنين مما نحققه وستكون خيبة امل اذا قلنا باننا سنحل غدا كل المشاكل.


وردا على سؤال آخر حول ما قاله من ان العطاء ينقذ فهل المال المقدم الى بلد يزيد من التضخم وكيف يمكن منع ذلك قال المحاضر ان هذه قضية كبيرة بالنسبة للدول الصغيرة وهو ما يطلق عليه الاقتصاديون اسم/ المرض الهولندي/ وطالب الدول الصغيرة ان توائم الامر عن طريق التخفيف من التضخم في الاقتصاد بحيث يكون هناك انخفاض في قيمة العملة وسعر الصرف .

وحول الطرق الاخرى التي يمكن القضاء بها على الفقر دون المساهمات والعطاءات أجاب المحاضر بان الامر يتعلق بتغيير السياسات ..مشيرا الى ان المساعدات تشكل جزءا صغيرا من ميزانية الدول فبنغلادش مثلا وباكستان تقدم حوالى 25 بالمائة للقضاء على الفقر ولكنها نسبة مفيدة لأنها غير مرتبطة بالسياسة ومن يقدم المساعدات اذا كان حكيما وله نظرة مستقبلية يقول ان الدول لا تريد ان تفشل والمهم هو البحث عن حلول جديدة و ابتكارية وليس عيبا ان نعترف بالفشل في موضوع العطاء والمساعدات.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير