الإرهاب .. ودماء صحفيي "تشارلي ايبدو" ودماؤنا!
نضال منصور
جو 24 : استنفر الغرب بعد الهجوم الإرهابي على جريدة تشارلي ايبدو الفرنسية معلنا حالة طوارئ غير مسبوقة لمواجهة الإرهاب القادم من التنظيمات المتطرفة في العالم العربي.
وربما يكون ما هو قادم أخطر مما حدث، فالقضية لم تعد اعتداء إجراميا على جريدة فقط، بل أن الأمر سيمتد، وأول الغيث مؤتمر مكافحة الإرهاب في أميركا الشهر المقبل.
ورغم الجهود التي تبذل لتطويق آثار الحادث حتى لا يصبح وسم الإرهاب مرتبطا بالإسلام والمسلمين، وحتى لا يتحول الأمر لصراع بين الأديان ومخاطر ذلك على الجميع، خاصة أن الدول الأوروبية تضم الملايين من المسلمين ممن يحملون جنسيات تلك البلدان وهم مواطنون أولاً وأخيراً.
الخروج من عنق الزجاجة لهذه الأزمة التي تعيد دق طبول الحرب تذكر بأحداث سبتمبر عام 2001 بعد اعتداءات تنظيم القاعدة في الولايات المتحدة، وما تبعها من احتلال لأفغانستان، ثم احتلال للعراق للقضاء على الإرهاب، ولكن كل الشعارات التي رفعت لم تؤت أكلها، والتنظيمات الإرهابية فرخت تنظيمات أخرى بأسماء جديدة، والأنظمة التي سقطت رحلت وجاءت مكانها أنظمة أكثر استبداداً وفساداً، وقادة انتجوا الطائفية وزرعوها.
واليوم لا ينفع الغرب وحتى العالم العربي البدء بالتفكير بتحريك الأساطيل والإعداد لعمليات استخباراتية والتخطيط لهجوم بري، ربما ينتج ذلك بشكل مباشر عن قتل قادة القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية داعش، وجبهة النصرة، وقد يهزمهم على الأرض في سورية والعراق، ولكن أبداً جذور هذه التنظيمات لن تنتهي، والصراع الطائفي لن يتوقف، والدولة الفاشلة لن تنهض.
البدء بتشخيص المشكلة يتطلب جرأة، ومن طرفنا علينا الاعتراف دون لبس بأن الاعتداء على جريدة تشارلي ايبدو إرهاب دون أن نقدم له المبررات والاعذار، والقول بأن الجريدة تمارس ازدراء للأديان صحيح، ومعالجته ليس بقتل الإعلاميين ابداً، بل اللجوء إلى المحاكم لمقاضاتهم استناداً إلى القانون الوطني، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تجرم الإساءة وتشويه الأديان.
يتساءلون في العالم العربي لماذا كل هذا الضجيج على مقتل إعلاميين في جريدة تحترف الإساءة للأديان، هل دمهم غال لهذه الدرجة، ودمنا كعرب ومسلمين رخيص ولا تقوم الدنيا ولا تقعد حتى لو ازهقت آلاف الأرواح؟!
هل دم صحفييهم الذي أريق غدراً يختلف عن دم 17 إعلامياً سقطوا ضحية العدوان الإسرائيلي على غزة.. لماذا يتحرك العالم لأجل هؤلاء، وتحرك المسيرات في باريس دفاعاً عن حرية التعبير وتنديداً بالإرهاب، ونحن لا بواكي لنا، مع التأكيد أنني مع المشاركة في مسيرة باريس، فالأردن ضد الإرهاب بشكل قاطع وفي ذات الوقت يرفض الرسومات التي تسيء للأديان.
لن نضيف جديداً حين نعيد التأكيد على ازدواجية معايير الغرب في التعامل مع العالم العربي، والظلم وعدم الإنصاف في كل ما نتعرض له، ولن نغير شيئاً حين نؤكد أن الغرب مسؤول ومتورط ومدان في كل أزماتنا، هذا الاكتشاف المعروف واجتراره مضيعة للوقت ولا يغير الحال ولا ينفي التهمة عن الكثير من الأعمال الإرهابية التي تصدر من العالم العربي، والمطلوب أن نلتفت لبيتنا الداخلي لوضع استراتيجية لضرب ومواجهة الإرهاب الذي يـُصنع في أوطاننا ويأخد علامتها التجارية بدلاً من الاستمرار في لوم الغرب والشكوى والاكتفاء بالحديث عن نظرية المؤامرة التي تحاك ضدنا.
نقطة البداية وقف تفريخ العالم العربي للمتطرفين، وفصل الدين عن الدولة، وبناء الديمقراطية الحقيقية التي تصنع المواطنة وتكرس العدالة وسيادة القانون، وعندها يكون الاشتباك مع الغرب ممكناً لوقف تعاملهم مع بلداننا باعتبارها بقرة حلوبا، ومساندتهم لمشاريع التفتيت والفك والتركيب بما يتفق مع مصالحهم، والتصدي لدعمهم الأعمى لإسرائيل الاحتلال الأخير في العالم، ومصدر كل الاضطرابات والقلق في المنطقة، والمظلة التي يختبئ تحت شعار محاربتها الكثير من المتطرفين.
بعد حادثة تشارلي ايبدو سنشهد تغييرات كثيرة، العرب والمسلمون سيدفعون الثمن بالتحريض والاعتداءات عليهم، وحرية الانترنت والتعبير وانتهاك الخصوصية ضحايا للتوسع في الحرب على الإرهاب، وسيادة الدول وحدودها لن تعود محصنة، فالحرب على الإرهاب كفيلة بأسقاط كل الخطوط الحمراء، ويبقى السؤال من سيدفع الثمن وكيف؟!
وربما يكون ما هو قادم أخطر مما حدث، فالقضية لم تعد اعتداء إجراميا على جريدة فقط، بل أن الأمر سيمتد، وأول الغيث مؤتمر مكافحة الإرهاب في أميركا الشهر المقبل.
ورغم الجهود التي تبذل لتطويق آثار الحادث حتى لا يصبح وسم الإرهاب مرتبطا بالإسلام والمسلمين، وحتى لا يتحول الأمر لصراع بين الأديان ومخاطر ذلك على الجميع، خاصة أن الدول الأوروبية تضم الملايين من المسلمين ممن يحملون جنسيات تلك البلدان وهم مواطنون أولاً وأخيراً.
الخروج من عنق الزجاجة لهذه الأزمة التي تعيد دق طبول الحرب تذكر بأحداث سبتمبر عام 2001 بعد اعتداءات تنظيم القاعدة في الولايات المتحدة، وما تبعها من احتلال لأفغانستان، ثم احتلال للعراق للقضاء على الإرهاب، ولكن كل الشعارات التي رفعت لم تؤت أكلها، والتنظيمات الإرهابية فرخت تنظيمات أخرى بأسماء جديدة، والأنظمة التي سقطت رحلت وجاءت مكانها أنظمة أكثر استبداداً وفساداً، وقادة انتجوا الطائفية وزرعوها.
واليوم لا ينفع الغرب وحتى العالم العربي البدء بالتفكير بتحريك الأساطيل والإعداد لعمليات استخباراتية والتخطيط لهجوم بري، ربما ينتج ذلك بشكل مباشر عن قتل قادة القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية داعش، وجبهة النصرة، وقد يهزمهم على الأرض في سورية والعراق، ولكن أبداً جذور هذه التنظيمات لن تنتهي، والصراع الطائفي لن يتوقف، والدولة الفاشلة لن تنهض.
البدء بتشخيص المشكلة يتطلب جرأة، ومن طرفنا علينا الاعتراف دون لبس بأن الاعتداء على جريدة تشارلي ايبدو إرهاب دون أن نقدم له المبررات والاعذار، والقول بأن الجريدة تمارس ازدراء للأديان صحيح، ومعالجته ليس بقتل الإعلاميين ابداً، بل اللجوء إلى المحاكم لمقاضاتهم استناداً إلى القانون الوطني، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تجرم الإساءة وتشويه الأديان.
يتساءلون في العالم العربي لماذا كل هذا الضجيج على مقتل إعلاميين في جريدة تحترف الإساءة للأديان، هل دمهم غال لهذه الدرجة، ودمنا كعرب ومسلمين رخيص ولا تقوم الدنيا ولا تقعد حتى لو ازهقت آلاف الأرواح؟!
هل دم صحفييهم الذي أريق غدراً يختلف عن دم 17 إعلامياً سقطوا ضحية العدوان الإسرائيلي على غزة.. لماذا يتحرك العالم لأجل هؤلاء، وتحرك المسيرات في باريس دفاعاً عن حرية التعبير وتنديداً بالإرهاب، ونحن لا بواكي لنا، مع التأكيد أنني مع المشاركة في مسيرة باريس، فالأردن ضد الإرهاب بشكل قاطع وفي ذات الوقت يرفض الرسومات التي تسيء للأديان.
لن نضيف جديداً حين نعيد التأكيد على ازدواجية معايير الغرب في التعامل مع العالم العربي، والظلم وعدم الإنصاف في كل ما نتعرض له، ولن نغير شيئاً حين نؤكد أن الغرب مسؤول ومتورط ومدان في كل أزماتنا، هذا الاكتشاف المعروف واجتراره مضيعة للوقت ولا يغير الحال ولا ينفي التهمة عن الكثير من الأعمال الإرهابية التي تصدر من العالم العربي، والمطلوب أن نلتفت لبيتنا الداخلي لوضع استراتيجية لضرب ومواجهة الإرهاب الذي يـُصنع في أوطاننا ويأخد علامتها التجارية بدلاً من الاستمرار في لوم الغرب والشكوى والاكتفاء بالحديث عن نظرية المؤامرة التي تحاك ضدنا.
نقطة البداية وقف تفريخ العالم العربي للمتطرفين، وفصل الدين عن الدولة، وبناء الديمقراطية الحقيقية التي تصنع المواطنة وتكرس العدالة وسيادة القانون، وعندها يكون الاشتباك مع الغرب ممكناً لوقف تعاملهم مع بلداننا باعتبارها بقرة حلوبا، ومساندتهم لمشاريع التفتيت والفك والتركيب بما يتفق مع مصالحهم، والتصدي لدعمهم الأعمى لإسرائيل الاحتلال الأخير في العالم، ومصدر كل الاضطرابات والقلق في المنطقة، والمظلة التي يختبئ تحت شعار محاربتها الكثير من المتطرفين.
بعد حادثة تشارلي ايبدو سنشهد تغييرات كثيرة، العرب والمسلمون سيدفعون الثمن بالتحريض والاعتداءات عليهم، وحرية الانترنت والتعبير وانتهاك الخصوصية ضحايا للتوسع في الحرب على الإرهاب، وسيادة الدول وحدودها لن تعود محصنة، فالحرب على الإرهاب كفيلة بأسقاط كل الخطوط الحمراء، ويبقى السؤال من سيدفع الثمن وكيف؟!