jo24_banner
jo24_banner

الله يجيب الصبيان!

حلمي الأسمر
جو 24 : لو لم يكن البرد شديدا إلى هذا الحد .. لربما تمكنت من التعبير عن أفكاري بشكل أفضل .. لكن تفكيري مشوش تماما..
أنا أصلا لا أعلم لماذا أكتب لك.. أو ما الذي كنت أرغب في قوله تحديدا؟!! ..
كانت أمي تناديني قبل لحظات لأنظف السجادة.. فقد هوى طبق الطعام من يد أخي -الذي تجاوز العشرين- على الأرض وتناثرت حبات الأرز .. لم ينكسر الطبق، لم تكن ثمة شظايا لزجاج مكسور .. كانت هناك حبات الأرز فقط !! .. لكنه مع ذلك ادعى أنه لا يعرف السبيل إلى تنظيفها.. فأوكلت المهمة إلي ..
من السهل جدا على الذكر، الرجل، الولد .. سمه ما شئت .. من السهل عليه التملص من أداء أية مهمة .. يكفيه فقط أن يقول : لا أعرف !
تلك العبارة تعد كفرا مخرجا من الملة في قاموسنا نحن البنات.. كيف لا تعرفين؟! تعلمي جربي حاولي حتى تنجحي.. ماذا تنتظرين؟! أن أقوم به أنا ؟ .. بنات آخر زمن !!
مهما فعلنا فنحن سيئات مقصرات دائما.. الذكور أهم منا.. وجودهم ضروري حتى لو لم يفعلوا أي شيء!
لا تمل أمي من ترديد هذه العبارة كلما سمعت أن إحداهن رزقت بمولودة.. أنثى : الله يجيب الصبيان .. الله يجيب الصبيان!
حتى أثناء حرب غزة .. أذكر أن إحدى العائلات قد فقدت ابناً وحيداً ونجت بناتها وأظنهن خمسا .. فصرخت عمتي أثناء استماعها للخبر ولطمت وجهها قائلة: يا حسرتي عليهم يا حسرتي عليهم راح الولد وضلوا البنات يا حسرتي عليهم !
هل البنات بهذا السوء.. في عائلتي تحديداً.. حين يعود أبي من عمله متعبا .. أساعده في تبديل ملابسه وأخلع عنه جواربه .. بينما تقوم أختي بقياس نسبة السكر في دمه.. فيما تقوم أمي بإعداد العشاء له..في هذه الأثناء يكون أخي في غرفته مستلقياً.. يثرثر على الهاتف أو نائماً .. ماذا أفدنا من وجوده حينها ؟ لا شيء.
أحمد الله أحيانا أنني لست الطرف الأقوى في المنزل.. وإلا لدخلت غرفهم غرفة غرفة .. ورميت الأثاث من النوافذ.. ولأحرقت ملابسهم وقلت لإخوتي: إلى الشارع !!
فماذا يفعلون سوى خنقنا ومضاعفة قيودنا ؟ لا شيء مطلقا.. هذا ممنوع وذاك عيب وذلك كله حرام في حرام.. يحاولون محاولات ساذجة أن يجعلوا ممنوعاتهم تتخذ طابعا دينيا !
هي رسالة من سياق مستمر، لم احدث تغييرا يُذكر عليها، فهي تصرخ في كل حرف، بما لا تقوله الكثيرات من بنات هذا المجتمع، ويعتبرنه احيانا حقا من حقوق الذكور، مع أنه ليس كذلك، ولن يكون!
إنها صرخة، ليست اولى، ولن تكون كذلك، فلعلها تصيب أذنا تسمع، أو عقلا يعي!


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news