jo24_banner
jo24_banner

صندوق للغارمين.. مرة أخرى!

حلمي الأسمر
جو 24 : كتبت فيما مضى عن ضرورة إنشاء صندوق لـ»الغارمين»، وها أنذا أكتب مرة أخرى، بعد أن تفاقمت الظاهرة، واصبح التفكير في إنشاء صندوق للغارمين أكثر إلحاحا من ذي قبل، مع تردي الوضع الاقتصادي في المجتمع أكثر فأكثر!
بين ما يُقال وما لا يقال في السياسة بون شاسع، وفي مسافة متوسطة يقف الناس العاديون حيارى، يحمل كل منهم همه الكبير أو الصغير، وثمة من يجد عنتا ومشقة حتى بتأمين رزقه اليومي، فلا ينظر أبعد من توفير وجبة ذلك اليوم، وبين هذا وذاك، تبرز في الذهن مسألة في غاية الأهمية فرضتها علي جملة من الاتصالات والرسائل التي وردتني من أناس إما أودعوا مراكز الإصلاح، أو في طريقهم لحجز حريتهم، بسبب ديون ترتبت عليهم لهذا السبب أو ذاك، وقد مرت علي حالات مأساوية من هذا النوع، لا تحتمل التأجيل، وبعضها يمكن حله ببضع مئات من الدنانير، يمكن أن تنقذ عائلات من التشرد والبهدلة، بسبب الغياب المحتمل لرب الأسرة وراء القضبان، وثمة أيضا حالات أخرى نزيلة مراكز الإصلاح، بسبب ديون بعضها لا يعدو كونه مبالغ «تافهة» في ميزان اصحاب الأموال الذين يتحدثون بالآلاف والملايين، وربما يصرفون في يوم واحد ما يرفع كارثة محتمة عن عدة أسر!
الاقتراح هنا تحديدا هو في إعادة نبش بند «الغارمين» في قائمة مصارف الزكاة، على أمل «تنشيط» هذا البند، لرفع ما يمكن رفعه من مشقة وخراب بيوت عمن ابتلي بديْن عجر عن سداده، وهناك مشروع بهذا الشأن سبقنا إليه أخوة لنا في بلاد الحرمين، أطلقوا عليه أسم «مشروع الغارمين» وهو أحد مصارف الزكاة الثمانية التي نصت عليها الآية الكريمة
( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
والغارمون هم: من أثقلتهم الديون بسبب حاجتهم الماسة للعيش والحياة الكريمة أو بسبب دين غير مقصود كالحوادث والكوارث والأمراض التي قدرها الله -عز وجل- وقد تجده لا يستطيع سداد هذا الدين بسبب الفقر أو قلة ذات اليد وفي نهاية المطاف إن لم يستطع دفع ما عليه من ديون فمصيره إلى السجن ويتبدَّل اسمه من غارم إلى سجين !
والغارم إذا دخل السجن أصبح فقيرا ومسكينا وغارما وهذا سبب تراكم وتدهور حالته المادية والصحية والنفسية فكيف نستطيع أن نساعد هذا المواطن حتى يعود إلى أهله سالماً غانماً وتعود البسمة إليه وعلى أهله وأطفاله وحياته ؟
الفكرة في مضمونها ترجمة لمفهوم التكافل الاجتماعي، والمطلوب أن تتبناها إحدى المؤسسات أو الجمعيات الخيرية الكبرى أو الأشخاص الذين فتح الله عليهم والاستفادة وسائل الاتصالات الحديثة كالانترنت ووسائل الإعلام المختلفة وشركات الجوال في ترويج هذه الفكرة، كي ترفع عن كاهل الآلاف من ابناء هذا البلد ما هم فيه من هم وغم مقيمين، وأنا على استعداد أن أتبرع بالوقت والجهد اللازمين لرعاية هذه الفكرة وإخراجها إلى حيز الوجود، والله -عز وجل- في عون العبد ما دام في عون أخيه.

"الدستور"
تابعو الأردن 24 على google news