حين تتصالح مع نفسك!
حلمي الأسمر
جو 24 : سألته: ما مقدار تصالحك مع نفسك، بالنسبة المئوية؟ قال لي: لا تزيد عن 50 في المائة، لم استغرب الإجابة، فهذه نسبة معقولة، في ظل الشروخ النفسية التي نعانيها، وفي ظل حقيقة أن 20 في المائة من المواطنين يعانون اضطرابات نفسية، ما أدهشني قوله، بعد أن صمت قليلا: حينما تصبح النسبة 100 في المائة يقترب الإنسان من لحظة الموت!
مفهوم التصالح مع الذات حسب فهم صديقي، إن أتمه بالكامل، تكاد تنتهي حياته، قد يكون هذا المعنى صحيحا على النحو المجازي للموت، حين تتحول الحياة إلى سكون تام، بلا أي صراع، وهو أمر معقول، لكن الجانب الأكثر أهمية في مسألة التصالح مع الذات، تتعلق بنوعية مشاعرنا تجاه الآخرين، ومدى تأثير انفعالاتنا بها على حياتنا، وفي هذا الصدد يقول الماهاتما غاندي انّه حتى بداية العشرينيات من عمره كان يحمل الكثير من الغضب والضغينة في قلبه تجاه شخص آلمه كثيراً وتسبب له في جرح غائر في نفسه، رغم أنّه كان من المقربين إليه، وأنّه لمدة طويلة من حياته أراد أن يرد لذلك الشخص الذي كان يثق به كثيراً الصاع صاعين وينتقم لنفسه، عشت – والكلام لغاندي – حياة مليئة بالقصص المؤلمة التي عرقلت مسيرتي وأثقلت نفسي وروحي حتى أنني حملتُ الآخرين مسؤولية الحياة التي كنت أرغب في أن أعيشها ولم أستطع، لذا أدركت أن شعوري بالغضب والألم والرغبة والانتقام هو الذي نغص علي حياتي وامتص كل طاقاتي الإيجابية وصفاء ذهني وروحي، خصوصاً أن تلك المشاعر تزداد يوماً بعد يوم لتحرق صاحبها وتتحول إلى هاجس مزعج، لقد تعلمت لاحقاً ألا أعيد سرد تلك الحكايات المؤلمة، وأن أستبدلها بأخرى تشرح كيف تعلمت بصعوبة أن أسامح الآخرين وأسامح نفسي كي أحررها وأحرر روحي من كل المشاعر السلبية البغيضة التي تعرقل حياتنا وتمنعنا من التقدم!
أعرف صديقا حميما رحل إلى الدنيا الآخرة، نزل بيته لص، فتحفظ عليه، ونصحه أن يتحرك بهدوء، كي لا يوقظ أبناءه فيبطشون به، بل دله على طريق الخروج للفرار بجلده، بعد أن راعى حاجته كما أذكر، بل إنني أشهد أن هذا الرجل العظيم كان يسمع شتيمته بأذنيه، ويتغافل عنها، متظاهرا بعدم سماعها، وكان بإمكانه أن يبطش بمُطلق الشتيمة، لكنه كان يسمو فوق هذه المشاعر، ويتسامح ضمنا مع الآخر، وصولا إلى أعلى مرتبة ممكنة للتصالح مع الذات!
قمة التصالح مع الذات، يتمثل في ذلك الرجل الذي قال رسولنا صلى الله عليه وسلم لصحابته انه من أهل الجنة، وبعد البحث تبين انه لا يزيد في عبادته شيئا عما هو مفروض على أي مسلم، إلا أنه يبيت ليلته ولا يجد في نفسه حقدا على أحد من الناس!
نتصالح ونتسامح مع الآخر، ليس من أجله ، ولا من أجل تحقيق السلم الاجتماعي فقط، بل من أجل أنفسنا، ومن اجل أن ننام سريعا حين نضع رؤوسنا على المخدة!
مفهوم التصالح مع الذات حسب فهم صديقي، إن أتمه بالكامل، تكاد تنتهي حياته، قد يكون هذا المعنى صحيحا على النحو المجازي للموت، حين تتحول الحياة إلى سكون تام، بلا أي صراع، وهو أمر معقول، لكن الجانب الأكثر أهمية في مسألة التصالح مع الذات، تتعلق بنوعية مشاعرنا تجاه الآخرين، ومدى تأثير انفعالاتنا بها على حياتنا، وفي هذا الصدد يقول الماهاتما غاندي انّه حتى بداية العشرينيات من عمره كان يحمل الكثير من الغضب والضغينة في قلبه تجاه شخص آلمه كثيراً وتسبب له في جرح غائر في نفسه، رغم أنّه كان من المقربين إليه، وأنّه لمدة طويلة من حياته أراد أن يرد لذلك الشخص الذي كان يثق به كثيراً الصاع صاعين وينتقم لنفسه، عشت – والكلام لغاندي – حياة مليئة بالقصص المؤلمة التي عرقلت مسيرتي وأثقلت نفسي وروحي حتى أنني حملتُ الآخرين مسؤولية الحياة التي كنت أرغب في أن أعيشها ولم أستطع، لذا أدركت أن شعوري بالغضب والألم والرغبة والانتقام هو الذي نغص علي حياتي وامتص كل طاقاتي الإيجابية وصفاء ذهني وروحي، خصوصاً أن تلك المشاعر تزداد يوماً بعد يوم لتحرق صاحبها وتتحول إلى هاجس مزعج، لقد تعلمت لاحقاً ألا أعيد سرد تلك الحكايات المؤلمة، وأن أستبدلها بأخرى تشرح كيف تعلمت بصعوبة أن أسامح الآخرين وأسامح نفسي كي أحررها وأحرر روحي من كل المشاعر السلبية البغيضة التي تعرقل حياتنا وتمنعنا من التقدم!
أعرف صديقا حميما رحل إلى الدنيا الآخرة، نزل بيته لص، فتحفظ عليه، ونصحه أن يتحرك بهدوء، كي لا يوقظ أبناءه فيبطشون به، بل دله على طريق الخروج للفرار بجلده، بعد أن راعى حاجته كما أذكر، بل إنني أشهد أن هذا الرجل العظيم كان يسمع شتيمته بأذنيه، ويتغافل عنها، متظاهرا بعدم سماعها، وكان بإمكانه أن يبطش بمُطلق الشتيمة، لكنه كان يسمو فوق هذه المشاعر، ويتسامح ضمنا مع الآخر، وصولا إلى أعلى مرتبة ممكنة للتصالح مع الذات!
قمة التصالح مع الذات، يتمثل في ذلك الرجل الذي قال رسولنا صلى الله عليه وسلم لصحابته انه من أهل الجنة، وبعد البحث تبين انه لا يزيد في عبادته شيئا عما هو مفروض على أي مسلم، إلا أنه يبيت ليلته ولا يجد في نفسه حقدا على أحد من الناس!
نتصالح ونتسامح مع الآخر، ليس من أجله ، ولا من أجل تحقيق السلم الاجتماعي فقط، بل من أجل أنفسنا، ومن اجل أن ننام سريعا حين نضع رؤوسنا على المخدة!