jo24_banner
jo24_banner

مصالحة من أجل المصالح!

حلمي الأسمر
جو 24 : في الوطن العربي الآن، ثمة ثلاث دول عربية تشهد حروبا أهلية من نوع ما: سوريا، العراق، ليبيا، وثمة بلد على أبواب حرب مماثلة: اليمن، وثمة دولة تشهد أوضاعا غير مستقرة، ويصعب التكهن بمستقبلها: مصر، وهناك دولة على أبواب تغيير، يترقبه الكثيرون ، أما بقية الدول، فلدى كل منها ما يشغله عن الآخر، وإنْ بمقادير مختلفة، وحدها إسرائيل تشعر أنها في غاية الراحة والاسترخاء، لجهة خروجها من حالة القلق الأمني، فهي تعيش في محيط إقليمي آمن، وتبدو منشغلة بانتخاباتها الوشيكة، بل تدَّعي أنها جزء من حملة مكافحة الإرهاب .. وعلى أعتاب هذه الرؤية المجملة، لدينا بعض الإضاءات..
أولا: يبدو العالم العربي اليوم في حالة «فراغ» قيادي، بلا دولة رئيسة تمثل «العقل» المدبر، تاريخيا كانت مصر والسعودية تقومان بهذا الدور، مصر مشغولة بلملمة جراحها، وفرض حالة استقرار أمني واقتصادي، يبدوان بعيدين عن التحقيق، والسيناريو الأكثر سوداوية يبدو أقرب للتحققن بل ثمة من يعتقد ان استمرار تدهور الوضع الأمني والاقتصادي، قد يوصلها إلى حالة من الفوضى العارمة، وفي حال تحقق مثل هذا السيناريو -لا سمح الله- فثمة خطر داهم في أن يلقي وضع كهذا بظلال سوداء على المشهد العربي برمته، ويبدو أن هناك حاجة ملحة للجنوح إلى مصالحة وطنية، تبدو هي المخرج الأسلم والأقدر على إعادة القطار «الأرعن» إلى سكته، وتبدو في الأفق متغيرات، قد تسهم بترجيح كفة هذا الخيار، خاصة مع مؤشرات بدأت تطفو على السطح، من قبل السعودية، عقب التغيرات التي شهدتها أخيرا، وكلها تقول إن سياسة الدعم غير المحدود التي لقيتها مصر عقب العهد الجديد، لن تستمر، وثمة من يعتقد أن هناك توجها بربط الدعم المالي والسياسي بإجراء عملية مصالحة، تحقن دماء المصريين، وتؤمِّن عودتها إلى حالة الاستقرار، التي فقدتها منذ سجن الرئيس محمد مرسي .
ثانيا: القراءة المتأنية للتغيرات في السعودية، تشي بأن البلاد في صدد عودتها إلى سياستها التقليدية بلعب دور «أبوي» يرعى المصالحات، لا النزاعات، بعد أن شهدت حقبة غير مسبوقة من الانحياز لجهة دون أخرى، في مصر كما في غيرها (اليمن مثلا!) وثبت أن هذا التغير الدراماتيكي في السياسة التقليدية، عاد عليها وعلى الوطن العربي بقدر غير مسبوق من المخاطر، ولهذا، يبدو أن ثمة من يعتقد أنها ستعود إلى سياسة المصالحات، مستذكرا المصالحة اللبنانية في مؤتمر الطائف كمثال، بدلا من سياسة الاصطفاف، ويقال هنا، إن من لعب دور زعامة «الإسلام السني» لا يمكن أن يناصب من يمثلونه العداء، سواء في مصر أو اليمن، لأن مثل هذا الموقف يؤدي إلى تآكل في مصداقية هذا الدور على نحو خطير.
ثالثا: ثبت أن سياسة الإدارة الأمركية الجديدة، القائمة على على الانسحاب غير المنظم من بؤر الصراع (أفغانستان، العراق، وعيرها) جرت حالة من الهياج الأمني، الذي لم ينعكس على دول المنطقة فقط، بل امتد أثره إلى العالم بأسره، وهو ما دفع هذه الإدارة إلى مراجعة سياساتها، والعودة مكرهة، إلى المناطق التي انسحبت منها، كالعراق، لمحاربة تنظيم داعش، الذي يبدو أنه أعاد خلط الأوراق في المنطقة والعالم، على نحو غير مسبوق، ومثل هذه العودة الأمريكية لها أكثر من استحقاق، سيبدو جليا ولو بعد حين.
رابعا: وسط هذه الأجواء المضطربة، يتعين على الأطراف كافة، إعلاء صوت المصالحات، والتسويات، بدلا من تعميق الشقوق والخلافات، فقد بدا أن تحويل الوطن العربي كله إلى «خاصرات رخوة» لا يصب في مصلحة أحد، إلا إسرائيل، التي لا يهمها سوى أمنها، ولو تحول الوطن العربي كله إلى رجم من الحجارة!
الوطن العربي كله الآن، بحاجة لمُصالحة، حفاظا على مَصالِحه أولا، ولا يستنى من ذلك، مصالح الحكام أو المحكومين!
تابعو الأردن 24 على google news