يا حيا الله جارتنا الإيرانية
محمد سلمان القضاة
جو 24 : "أول القولِ ذِكر الله، والشياطين نخيزها"، نبدأ مقالتنا هذه المرة بهذا الجزء من أنشودة غنائية شعبية طالما تغنى بها الآباء والأجداد في أفراحهم. وذلك ونحن نكتب عن دور "سراج علاء الدين" في العلاقة الأردنية الإيرانية.
وبادئ ذي بدء تعالوا نتذكر أن الأردن يعتبر عضوا مؤقتا في مجلس الأمن الدولي، ومن ثم فإن بمقدور وزارة الخارجية الأردنية إرسال وزيرها لزيارة طهران بعد انقطاع في العلاقات دام ثماني سنوات.
إذاً، زيارة وزير الخارجية الأردني الأخ ناصر جودة إلى جيراننا الإيرانيين ليست مستغربة ولا هي مستهجنة، فالمثل الشعبي يقول "الجار للجار، والجار قبل الدار"، ولكن المستهجن يكمن في الغموض الذي يلف أهداف الزيارة برمتها في مثل هذا التوقيت الذي تتساقط فيه العواصم العربية الواحدة تلو الأخرى في أحضان النفوذ الإيراني، وسط صمت أميركي ودولي رهيب.
وبصراحة أكثر، بماذا أجيب جدتي –رحمها الله- لو أرادت أن تسألني عن هذه الزيارة الأردنية للأراضي الإيرانية، وعن سر دعوة الأردن من قلب طهران إلى حوار بين إيران وجامعة الدول العربية. وجدتي بطبيعة الحال تحب أن تسمع جوابا صريحا ومباشرا وبلا مواربة.
أقول لجدتي يا جدتي إن الأحوال قد تغيرت وتبدلت، وإن الصديق الأميركي لم يعد يؤمن جانبه ولم يعد يُعرف له "وجه من قفا"، وإن واشنطن على وشك عقد صفقة نووية مع طهران، ترغب طهران نفسها في عقدها كاستراحة محارب نووي أكثر ما يكون.
يا جدتي لقد تمدد النفوذ الإيراني إلى وتعاظم إلى أن طال لبنان وسوريا والعراق من على شمال وشرق الأردن، ثم إلى صنعاء اليمن من الجهة الجنوبية، بل وإلى بعض الفصائل الفلسطينية في غزة من جهة الغرب، وإن ما كان يوصف بالهلال الشيعي على المستوى السياسي، أصبح اليوم يا جدتي بدرا مكتمل التمام، وإن بريق أضوائه قد تطرق أبوابا أخرى.
في مثل هذه الأجواء يا جدتي، وفي ظل التحالف الأميركي الإيراني منذ ما قبل سقوط كابل وبغداد في المرة الأولى قبل سنوات بأيدي الأميركيين بدعم إيراني بحسب اعتراف الإيرانيين أنفسهم، فليس بيد الأردن يا جدتي إلا أن يفرك سراج علاء الدين السحري كي يتخلص من شر هذه الميمعمة، وخاصة في ظل العداء الذي بدا يستحكم في ما بين الأردن وما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، والذي تدعي دول العالم مجتمعة أنها لا تستطيع إلى إبطال سُمِّه سبيلا، سوى بالترياق الإيراني.
قوى العالم مجتمعة تدعي أنها لا تستطيع الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية، برغم كل أسلحة الطيران المتطورة التي لديها، وبرغم كل الأساطيل التي تمخر عباب البحار والمحيطات وبرغم كل أسلحتها الاستخبارية المنتشرة في كل مكان.
فهل تريدين يا جدتي أن يبقى الأردن صامتا وسط هذه الفوضى الخلاقة؟ فتا الله يا جدتي إن اللعب في منطقة الشرق الأوسط الآن صار يشبه إلى حد بعيد لعبة "الاستغماية"، فلا يعرف اللاعب معصوب العينين من أين ستأتيه الضربة، وهذا ما استشعره الأردن في وقت مبكر وقبل فوات الأوان.
ومن هنا يا جدتي، فإن جواب سراج علاء الدين بالنسبة للأردن قد كان"شُبيك لبيك، طهران بين يديك"، فتحرك الأردن تبعا لهذه البشارة دون أدنى تأخير. فالمثل الشعبي الذي تعرفينه يا جدتي كان يقول "عند طلوع الروح ما تنفع الرَفايق".
وبهذا، فيمكننا القول إن الأردن ما تحرك هذه الحركة من فراغ، فلا بد أن هناك تنسيقات سياسية وأمنية أردنية مع الأشقاء في دول الخليج، كما ولا بد أن هناك تنسيقات سياسية وأمنية مع الأصدقاء الأميركيين، ومن هنا فلقد تحرك الأردن بحسب ما تقتضيه المرحلة الراهنة، حيث يُعتبر تنظيم الدولة الإسلامية عدوا مشتركا للأردن وكل الأشقاء والحلفاء والأصدقاء الذين أشرنا إليهم، عدوا مشتركا لهم جميعا من جهة ولإيران من جهة أخرى.
وما إسهاب كل من مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية جيمس كلابر ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارت ديمبسي في مدح إيران والإشادة بدورها في مكافحة الإرهاب في أعقاب مشاركة قواتها في تحرير مدينة تكريت العراقية قبل أيام عنا ببعيد. ويا حيا الله جارتنا الإيرانية.
*إعلامي أردني مقيم في دولة قطر
وبادئ ذي بدء تعالوا نتذكر أن الأردن يعتبر عضوا مؤقتا في مجلس الأمن الدولي، ومن ثم فإن بمقدور وزارة الخارجية الأردنية إرسال وزيرها لزيارة طهران بعد انقطاع في العلاقات دام ثماني سنوات.
إذاً، زيارة وزير الخارجية الأردني الأخ ناصر جودة إلى جيراننا الإيرانيين ليست مستغربة ولا هي مستهجنة، فالمثل الشعبي يقول "الجار للجار، والجار قبل الدار"، ولكن المستهجن يكمن في الغموض الذي يلف أهداف الزيارة برمتها في مثل هذا التوقيت الذي تتساقط فيه العواصم العربية الواحدة تلو الأخرى في أحضان النفوذ الإيراني، وسط صمت أميركي ودولي رهيب.
وبصراحة أكثر، بماذا أجيب جدتي –رحمها الله- لو أرادت أن تسألني عن هذه الزيارة الأردنية للأراضي الإيرانية، وعن سر دعوة الأردن من قلب طهران إلى حوار بين إيران وجامعة الدول العربية. وجدتي بطبيعة الحال تحب أن تسمع جوابا صريحا ومباشرا وبلا مواربة.
أقول لجدتي يا جدتي إن الأحوال قد تغيرت وتبدلت، وإن الصديق الأميركي لم يعد يؤمن جانبه ولم يعد يُعرف له "وجه من قفا"، وإن واشنطن على وشك عقد صفقة نووية مع طهران، ترغب طهران نفسها في عقدها كاستراحة محارب نووي أكثر ما يكون.
يا جدتي لقد تمدد النفوذ الإيراني إلى وتعاظم إلى أن طال لبنان وسوريا والعراق من على شمال وشرق الأردن، ثم إلى صنعاء اليمن من الجهة الجنوبية، بل وإلى بعض الفصائل الفلسطينية في غزة من جهة الغرب، وإن ما كان يوصف بالهلال الشيعي على المستوى السياسي، أصبح اليوم يا جدتي بدرا مكتمل التمام، وإن بريق أضوائه قد تطرق أبوابا أخرى.
في مثل هذه الأجواء يا جدتي، وفي ظل التحالف الأميركي الإيراني منذ ما قبل سقوط كابل وبغداد في المرة الأولى قبل سنوات بأيدي الأميركيين بدعم إيراني بحسب اعتراف الإيرانيين أنفسهم، فليس بيد الأردن يا جدتي إلا أن يفرك سراج علاء الدين السحري كي يتخلص من شر هذه الميمعمة، وخاصة في ظل العداء الذي بدا يستحكم في ما بين الأردن وما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، والذي تدعي دول العالم مجتمعة أنها لا تستطيع إلى إبطال سُمِّه سبيلا، سوى بالترياق الإيراني.
قوى العالم مجتمعة تدعي أنها لا تستطيع الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية، برغم كل أسلحة الطيران المتطورة التي لديها، وبرغم كل الأساطيل التي تمخر عباب البحار والمحيطات وبرغم كل أسلحتها الاستخبارية المنتشرة في كل مكان.
فهل تريدين يا جدتي أن يبقى الأردن صامتا وسط هذه الفوضى الخلاقة؟ فتا الله يا جدتي إن اللعب في منطقة الشرق الأوسط الآن صار يشبه إلى حد بعيد لعبة "الاستغماية"، فلا يعرف اللاعب معصوب العينين من أين ستأتيه الضربة، وهذا ما استشعره الأردن في وقت مبكر وقبل فوات الأوان.
ومن هنا يا جدتي، فإن جواب سراج علاء الدين بالنسبة للأردن قد كان"شُبيك لبيك، طهران بين يديك"، فتحرك الأردن تبعا لهذه البشارة دون أدنى تأخير. فالمثل الشعبي الذي تعرفينه يا جدتي كان يقول "عند طلوع الروح ما تنفع الرَفايق".
وبهذا، فيمكننا القول إن الأردن ما تحرك هذه الحركة من فراغ، فلا بد أن هناك تنسيقات سياسية وأمنية أردنية مع الأشقاء في دول الخليج، كما ولا بد أن هناك تنسيقات سياسية وأمنية مع الأصدقاء الأميركيين، ومن هنا فلقد تحرك الأردن بحسب ما تقتضيه المرحلة الراهنة، حيث يُعتبر تنظيم الدولة الإسلامية عدوا مشتركا للأردن وكل الأشقاء والحلفاء والأصدقاء الذين أشرنا إليهم، عدوا مشتركا لهم جميعا من جهة ولإيران من جهة أخرى.
وما إسهاب كل من مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية جيمس كلابر ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارت ديمبسي في مدح إيران والإشادة بدورها في مكافحة الإرهاب في أعقاب مشاركة قواتها في تحرير مدينة تكريت العراقية قبل أيام عنا ببعيد. ويا حيا الله جارتنا الإيرانية.
*إعلامي أردني مقيم في دولة قطر