فرّح قلبها بطنجرة!
حلمي الأسمر
عندما يعتمد الابن على نفسه ويشتد عوده وتكون الأم أدت رسالتها على أكمل وجه..أليس من حقها أن «ترى نفسها» أقصد أن تهتم بشأنها؟ لماذا يتم رفض توظيفها من المجتع بحجة تباعد سنوات التخرج؟ أو لأنها أصبحت في سن الثلاثين فهي غير قادرة على العطاء؟ لا أدري ما أقول لكنني أشعر بالغيرة والفراغ القاتل والظلم.. هكذا تقول إحدى الأمهات، وتمضي قائلة: محتارة بشأن مستقبلي هل سأقف يوما أطرق أبواب التنمية الإجتماعية طلبا للمعونة كأرملة؟؟أم أن بيوت العجزة بانتظاري؟
ونسأل.. هل تتقاعد الأمهات؟ هكذا بدا لي الأمر للوهلة الأولى، حينما قرأت رسالة تلك الأم، لكنني سرعان ما نظرت حولي، ورأيت أمهات أكملن ملف الحياة الرئيس: انتهين من تربية الأبناء على نحو من الأنحاء، ومع وقت الظهيرة أو قبله بكثير ينتهين من شغل البيت، ويبقى أمامهن وقت طويل كسول وثقيل، ماذا يفعلن به؟ أختنا هنا أخذت منحى مختلفا: بدات تطرق أبواب المؤسسات طالبة العمل، وهي كما فهمت مؤهلة لشغل عدد من الوظائف، لكن الأبواب كلها أوصدت في وجهها، لأسباب كثيرة، لعل أقلها أنها تجاوزت الثلاثين، وبدون خبرة، مع العلم أن الوظائف تضيق هذه الأيام في وجوه الشباب الصغار من الخريجين الجدد، ذكورا وإناثا، فما بالك بأم؟
بعض الأمهات من مثل تلك الأم، يعمدن إلى الانشغال بالأنشطة المجتمعية المختلفة، وأخريات يبدأن حياة جديدة يمكن أن تكون أقرب إلى «التصابي» ومحاولة استدراك ما فات من زمن الشباب، فيبدأن بالاهتمام بقوامهن، ولبس ما لم يستطعن لبسه أيام الصبا، كما يشرعن في البحث عن احتفالات المجتمع المخملي، إن استطعن الوصول إليه، فئة أقل حظا ربما، يعمدن إلى اجتراح أشغال وأعمال بقروض صغيرة أو بدونها، مستعملات في ذلك مهاراتهن في الطبخ والنفخ، فيعمدن إلى مساعدة بعض المطاعم الكبرى في إعداد المعجنات وما شابه، فئة أخرى تتحول إلى تجارة الشنطة، أختنا هنا سلكت طريقا وعرة ببحثها عن وظيفة، في زمن الكل يبحث فيه عنها، فيما هي تتباعد وترتمي في أحضان أصحاب الحظوظ والمعارف!
هل لدي، أو لدى القارىء نصيحة سحرية لتلك الأم؟!
تبدو هذه المشكلة ضربا من الترف، أو هكذا يعتقد البعض، لكن حين نعرف أن عائد عمل الزوج بالكاد يسد رمق الأسرة، نفهم أن البحث عن العمل هنا ليس لملء الفراغ فحسب، بل لسد أبواب عدة ومتوالدة من المصاريف!
أيتها الأم، أنا عاجز عن تقديم أي شيء لك، إلا أن أقول لك: لن يأخذ أحد بيدك سواك، فالمسؤولون لا يفكرون بمثل هذه القضايا، فلديهم هموم وطنية كبرى(!).