منازعات استثمارية تضر ولا تنفع
خالد الزبيدي
النزاع بين اورانج العالمية ( المملوكة بنسبة كبيرة لـ فرانس تليكوم ) وهيئة تنظيم قطاع الاتصالات التي تمثل الحكومة مثال حي على ذلك، حيث ادرجت القضية لدى المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستشارية في ولاية واشنطن الامريكية، ويقينا ان شركات الاتصالات قد تحذو حذو (اورانج العالمية) جراء مبالغة الحكومة في استيفاء تجديد التراخيص والضرائب واثمان الترددات اللازمة لتقديم خدمات جديدة للمشتركين، وقضية بيع حصة اسهم بنك الاسكان المملوكة للضمان لجهة غير معروفة حيث اودعت القضية لجهة تحكيم في لندن، وقبل القضيتين قضية الكازينو ...وهناك قائمة طويلة من القضايا مماثلة، والسبب في ذلك تساهل الجانب الرسمي لدى توقيع العقود والاتفاقيات مع المستثمرين في تحديد مكان التقاضي، علما بأن القضاء الاردني كفيل بتأدية الحقوق لاصحابها.
هناك قناعة بأن المالية العامة تحتاج على الدوام المزيد من الايرادات (وهي كما يقال كالجراب المخزوق) الا ان مواصلة زيادة الضرائب والتكاليف على المستثمرين سيؤدي اولا .. ترحيل هذه التكاليف على مستهلكي الخدمات، وثانيا يؤدي الى كبح المزيد من الاستثمارات، وفي هذا السياق فإن مشاركة الحكومة في ايرادات قطاع الاتصالات البالغة 10%، وضريبة المبيعات والضريبة الخاصة والنوعية، اثمان الترددات، وتجديد التراخيص، تتجاوز مجتمعة ما نسبة 70% من الدينار الواحد، ويطالب المستثمر بتخصيص اموالا طائلة للتحديث وتطوير خدماته، وهذا من شأنه تقليص العوائد على الاستثمار بشكل مباشر.
هذا النمط الذي يتجلى هذه الايام في قطاع الاتصالات حصل مع شركات التطوير العقاري، وادت سياسات التحصيل الجبائي على مستثمرين كبار في عزوفهم عن انجاز مشاريعهم في البلاد، ومغادرة المملكة والبحث عن مناطق اكثر جدوى لاستثماراتهم، اما الاستثمارات المحلية التقليدية فقد غادرت الى دول اخرى تحت مسمى (التفرع) ونقلت جل موجوداتها وابقت على مقار في المملكة، وخسر الاقتصاد صادرات وفرص عمل وايرادات مؤكدة كانت يجب ان ترفد الخزينة بالاموال...تطوير بنية الاستثمار المحلية يجب ان ترسخ بالممارسة ليس بالقول والتصريحات فقط.
zubaidy_kh@yahoo.com
(الدستور)