jo24_banner
jo24_banner

أحمد ياسين: من المقعدون؟!

حلمي الأسمر
جو 24 : ذات يوم، بعيد، نشرت «الدستور» رسماً كاريكاتورياً للصديق الفنان عماد حجاج يمثل شيخ المجاهدين والشهداء أحمد ياسين وقد اعتلى الأرض في دائرة من نور، فيما المجرم الارهابي شارون مكوم على كرسي متحرك!
تذكرت هذا الرسم أمس، في ذكرى استشهاد الشيخ، ورحت أقلب صفحات قديمة، باحثا عن هذا الأسطورة، التي بقيت على مر الزمان، حصوة في عيون من أرادوا إذلال هذا الشعب، وكم كانت دهشتي كبيرة حينما رحت أقرأ، تلك الكلمات، التي كانت تنبض بالحياة!
بقليل من التأمل، سنكتشف أن الشيخ المقعد، كان يمتلك جناحين عملاقين، لا قدمين راسختين فحسب، سبقنا بهما إلى علياء الشهادة، واهتزت الأرض كلها لاستشهاده، قائلا لنا جميعا، خاصة جماعات النخب وطبقة «الكريما» الفكرية والسياسية والاجتماعية، إن المجد والعلياء والشهرة يأتيان عن طريق أخرى غير طرق «تحقيق الذات!» بالمناصب والجلوس على كراسي القوة، مالية كانت أم سياسية، بل قد يكون الجلوس على كرسي لا يتحرك ذاتيا، أكثر سرعة بالوصول إلى صاحبه، إلى كل ما يشتهيه الانسان من مجد وعلياء واحترام!
أحمد ياسين، الذي كان يمنعه الشلل من تحريك شيء غير رمشيه، امتلك قدمين سابقتا الريح، فانطلق كالسهم إلى دنيا الخلود، رمزا أبديا للإرادة الفولاذية التي لا يُقعدها جسد خامد، عن تحقيق كل ما يصبو إليه بشر، من خلود ومجد وسؤدد في الدنيا والآخرة!
بقليل من التأمل، سيكتشف شبابنا أن هناك طريقا آخر للمجد والشهرة والكبرياء، غير طريق «ستار أكاديمي» و «سوبرستار» و «أراب أيدول» و»إكس فاكتور» و «ذا فويس» الملوث بالتنازلات الأخلاقية، وهدر الكرامة والمعاصي، سيكتشفون أن هناك دنيا أخرى غير تلك التي يبيعونها لهم عبر السوق الإعلامي، المثقل بفحيح البزنس ونفوذ سماسرة اللذة، وتجار الرقيق الأبيض!
بقليل من التأمل، سيكتشف المتعاركون على الكراسي الوثيرة، أن هناك نوعا آخر من الكراسي، زهيد الثمن، قد لا يساوي ثمن سيجار أو ربطة عنق، أو زجاجة عطر فاخرة، باستطاعته حمل صاحبه إلى ذروة السؤدد والاحترام، دون تلوثات وتنازلات وذبذبات وتواطؤات، تعتاش من فائض الكرامة والكبرياء واحترام الذات!
ثمة –إذن- نوع آخر من الكراسي، لا يُشترى بالمال ولا التآمر ولا الكرامة، ولا ببيع النفس على مذبح المصالح الصغيرة الضيقة، ثمة نوع من الكراسي التي تورد صاحبها مهاوي الذل والاستخذاء، واخرى ترفعه إلى عليين!
يا أحمد ياسين!
لو عرفوك ما قتلوك، فقد كنت –وما زلت- وأنت على كرسيك المتحرك، تحرك أفئدة الملايين، وتوقظ ضمائر كانت غافية على أحلام كاذبة، فشققت طريقا بما تبقى من جسدك المعجون على رصيف المسجد، يعجز عن فهمه مدمنو الطأطأة، الذين لا يرتفع نظرهم عن مستوى بطونهم الزاحفة على الأرض!
تابعو الأردن 24 على google news