2024-11-25 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الفائدة السالبة والدين العام الاردني

د. محمد عبدالله خطايبة
جو 24 : لثلاثة فصول دراسية متتالية واجهت مصاعب مع الطلبة في إيصال فكرة الفائدة السالبة وعدم توفر قنوات استثمارية آمنة مما ينتج عنه إنحلال للثروات، وكان من الصعب أيضا إقناع الطلبة أن البنك المركزي الأوروبي وقبل عامين يخطط لتقاضي رسوم من البنوك التجارية على الأموال الفائضة عن الاحتياطي لدى البنك المركزي الأوروبي ، مما يعني توجها مختلفا للبنوك الأوروبية لتنويع استثمارات البنوك التجارية أو الضغط نحو الأوراق الحكومية والسندات كمخزون للأموال الفائضة.

أما اليوم فالإقراض بتكلفة سالبة في منطقة اليورو أصبح واقعا ، وكانت فلندا أول دولة أوروبية تشهد معدلات فائدة بالسالب ، وتبعتها مُجمل الدول الاوروبية ؛ هولندا والسويد والنمسا وألمانيا والدنمارك على سندات حكومية بالسالب قد تستمر لستة اعوام.

ومن هنا ترسخت وتبلورت فكرة المقال عن جدوى استغلال الاردن للفائدة السالبة لدى منطقة اليورو؟

ما يقوم عليه المنطق الاقتصادي أن الدولة التي تتجه أسعار فوائدها نحو الإنخفاض والذي ينعكس على توقعات أسعار صرفها تقوم الشركات والمؤسسات والأفراد والحكومات بالاقتراض منها ، وعلى العكس نحو الإيداع.

ومن هنا قد يستفيد الأردن بإعادة جدولة ديونه أو إصدار دين جديد بأسعار فائدة مخفضة مستفيدة من الفائدة السالبة في أوروبا ، وأيضا تكلفة إعادة السداد باليورو أو الفرنك السويسري والتي تشير التوقعات إلى انخفاضه على مدى السنوات القادمة ، ونذكر هنا أن سويسرا أصدرت سندات بمعدلات سالبة تستمر حتى ثلاثة عشر عاما مما يعطي مؤشرا مستقبليا لسعر صرف الفرنك والوضع الاقتصادي لتلك الدولة على مدى السنوات العشر القادمة.

وبالتالي تكون الحكومة قد استفادت من أسعار الفائدة السالبة والتي تستطيع الحصول على سعر تفضيلي جديد ، علما بأن خدمة الدين العام الاردني ترهق خزينة الدولة وبنفس الوقت تعطي مساحة أكبر للقطاع الخاص الأردني للاستفادة من تحول الحكومة من الإقتراض الداخلي المرتفع التكلفة وفسح المجال أمام الشركات والأفراد لمزيد من السيولة والمنافسة بين البنوك بدلا من توجه القطاع المصرفي نحو الإقراض الحكومي والذي يضعف دور القطاع الخاص بالمساهمة في نمو الاقتصاد المحلي بسبب تغول القطاع الحكومي على حصة القطاع الخاص من الاقراض.
والسبب الآخر والذي أميل إليه أكثر هو إمكانية استفادة المملكة من أسعار الصرف المستقبلية للعملات ذات الفائدة السالبة والتي تقلل من حجم الفاقد في ميزان المدفوعات وخدمة الدين العام عند سداد الأقساط والفوائد على أسعار صرف منخفضة، إذ تظهر بيانات مديرية الدين العام التابعة لوزارة المالية أثر انخفاض أسعار الصرف إلى وفرة مقدارها 181 مليون دولار حتى نهاية ايلول 2014.

أود أن أذكر هنا أن سياسة البنك المركزي الأردني الحصيفة بالمحافظة على سعر صرف الدينار مربوطا بالدولار كانت سياسة ناجحة مقارنة بربط الدنيار بسلة من العملات كما طالب البعض من الاقتصاديين لفترات من الزمن، واليوم هو عصر الدولار من جديد، فالبلد الذي سيصبح مصدرا للنفط والغاز سيحظى باقتصاد قوي وخاصة وأن الإقتصاد الصيني سوف يعاني من تحرير سعر صرف اليوان خلال السنوات القادمة، مما يؤدي إلى تراجع نسب النمو الصيني وتزايد الفجوة بناء على أرقام الناتج المحلي الإجمالي بين الصين والولايات المتحدة الامريكية، وبقاء الثانية منفردة بالصدارة لفترة قد تطول على التوقعات السابقة بحلول الصين لصدارة العالم خلال العشر سنوات لعقود عدة من الزمان.

وأضيف أن قوة الدولار سوف تتجلى أيضا إذا ما طبق السيناريو الامريكي بإحلال ست عشرة دولة، لتقوم بالدور الصيني بعدد سكان مشابه للتعداد الصيني، وبقطاعات قد تجعلنا نستغني عن الصين كصناعة الملابس والزراعة والصناعات التكنولوجية، موزعة على دول من لاتين امريكا حتى بنجلادش ، وهي أيضاً فرصة للشركات والمستثمرين الاردنيين لدخول تلك الاسواق والاستفادة من فرصها الإستثمارية.

ومن هنا نقدم عرضا لصناع القرار الأردني بزيادة الثقة بالدولار والتوجه نحو منطقة اليورو للإقتراض والتخلص من خدمة الدين العام التي ترهق الميزانية وإفساح المجال أمام القطاع الخاص للحصول على التمويل وعدم التغول على حصته وأيضا إفساح المجال للبنوك التجارية لأن تثبت أن العمل المصرفي الأردني قائم على التنافسية وليست على احتكارية القلة والتي أترك موضوعها لمقال آخر.


* الكاتب استاذ مساعد- الجامعة الهاشمية
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير