jo24_banner
jo24_banner

"الدستور" في قلوبنا!

حلمي الأسمر
جو 24 : كبقية المؤسسات الصحفية في بلدنا، تمر «الدستور» بمصاعب حقيقية، أصابت قطاعات اقتصادية كثيرة، بسبب ظروف سياسية واقتصادية كثيرة، ونحن نعرف أن بعض الشركات المساهمة العامة، بلغت خسائرها 100% ولكن موظفيها لم تنقطع رواتبهم ولا مكافآتهم، ولا ميزانية الرفاه لديهم، بل تُحوّل مصروفاتها من حر مال المواطن، رغم مخالفة كل هذا للقانون، والسبب أن هناك قرارا «سياديا» ببقاء هذه الشركات على قيد الحياة، مهما بلغت خسائرها!
الدستور شركة مساهمة عامة، تُصنف باعتبارها «شبه رسمية» وهي في الواقع صحيفة رسمية رسمية كاملة الدسم، وتتواءم سياساتها مع السياسات الرسمية، وكانت على الدوام خندقا وطنيا متقدما، تدافع عن هذه السياسات، وتتبناها، على نحو شبه كامل، بل إن حملها اسم «الدستور» له دلالة رمزية، ليس فقط كأعرق صحيفة في البلاد، بل لأنها واحدة من مؤسسات الدولة، التي ترمز لسيادتها وتاريخها وغيابها – لاسمح الله – أو تصفيتها، بسبب «مصاعب مالية» له دلالة سيئة جدا ليس على سمعة البلد فقط، بل ربما تكون نذير شؤم على غير صعيد، فهذه ليست شركة لصناعة الأثاث، أو الفول المعلب، أو بيع القهوة، مع احترامنا الشديد لكل من يتعاطى بهذه الأصناف في أسواقنا، ولكنها شركة لصناعة الرأي العام، وقوتها وصمودها جزء من رمزية ثبات الدولة ونظامها ومجتمعها!
في ظل هذه المعطيات، نشعر أن اللامبالاة التي تبديها بعض الجهات الرسمية في بلادنا، تجاه أزمة «الدستور» نابعة من سوء تقدير، ولن نقول سوء نية، مع العلم أن كل أو جل مخرجات الحاضر الصعب الذي تعيشه الصحيفة، كان ثمة مدخلات «رسمية» ساهمت في تفاقم وضعها المالي المضطرب اليوم، ومنطقيا لا يمكن ان تتحمل الصحيفة وحدها عبء حل مشكلاتها، بل لا بد من مساهمة كل من شارك في صناعة الأزمة بحلها!
بالنسبة لنا كعاملين في الصحيفة، علينا أن نتحلى بالنظرة الواقعية، وأخص بعض الزملاء الذين يقدمون بين حين وآخر عرائض ومطالبات، تدل على أنهم يعيشون في «غيبوبة» وإلا ما معنى أن نطالب برواتب إضافية وزيادات وامتيازات، والمؤسسة عاجزة عن دفع استحقاقات الرواتب الاعتيادية؟
علينا كعاملين احتضنتنا صحيفتنا لسنوات، فكانت لنا بيتا حميما، وحضنا دافئا، أن نشعر معها في ضيقها، ونقف في خدمتها وتقديم كل ما يلزم لإقالتها من عثرتها، لا أن نسهم في مفاقمة وضعها الصعب، وعرقلة الجهود التي تبذل لحل مشكلاتها.
الصحيفة الآن تعيش ظروفا في غاية الصعوبة، وحل مشكلاتها لا يتطلب تدخلا من خارجها فقط، بل لا بد من إجراءات تصحيحية مؤلمة، فشأنها الآن شأن المريض الذي يحتاج لتدخل جراحي خطير، كي لا ... يموت!
«الدستور» في قلوبنا، كنا معها في الرخاء، فلنكن أيضا معها في الشدة التي تعيشها، كي تبقى منارة من منارات هذا الوطن.
تابعو الأردن 24 على google news