jo24_banner
jo24_banner

الخروج من دائرة الصمت الشيطاني!

حلمي الأسمر
جو 24 : هل هي حرب بين الشيعة والسنة، أم بين أنظمة ومصالح، وقودها الناس والعوام من الطرفين؟
الشيعة لن يتسننوا والسنة لن يتشيعوا.. فمن المستفيد من إشعال هذه النار الملعونة؟
ألا يتوقف المضلِّلون والمضلَّلون عن النفخ فيها؟ أليس في هذه الأمة رجل رشيد؟
الخلاف في أصله تاريخي، حيث تكمن نقطة الخلاف الرئيسية في شخصية الخليفة الشرعي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ففي حين يؤمن السُنَّة بأن النبي مات ولم يحدد للأمة الإسلامية خليفة من بعده مما أدى لاجتماع عدد من الصحابة لاختيار خليفة الرسول عليه الصلاة والسلام بعد وفاته في سقيفة بن ساعدة، يرى الشيعة أن الرسول قد أعلن أن الخليفة من بعده علي بن أبي طالب وأحد عشر خليفة من ولده في عدة مواقف، من أبرزها حديث الغدير وحديث الخلفاء الاثني عشر، وكل هذا يعود إلى القرون الأولى للإسلام، فلم يدفع أبناء الأمة ثمن هذا الخلاف إلى أبد الأبدين؟
وكي نكون على بينة أكثر، فقد كان من استحقاق هذا الخلاف في مسألة الخلافة، نشوء خلاف على صعيدين، عقيدي وفقهي، وقد جرت في بدايات القرن الماضي محاولات علمية للتقريب بين المذاهب، وعقد ما يشبه «الهدنة» الفقهية والعقيدية بينها، بحيث يتوقف كل من أصحاب المذاهب عن مهاجمة الآخر، فقهيا وعقيديا، كي تنعكس هذه الخلافات على الواقع السياسي، وللأسف فقد توقفت هذه الجهود، وصمت علماء المذاهب عن الحديث في التقريب، وانخرطوا من كلا الجهتين في جهد ساخن للتحريض على الفتنة الطائفية، وانجر كثير من الكتاب وأصحاب الأقلام للنفخ في نار الفتنة.
إن الجهد الأكبر في النأي بالأمة عن هذه النيران، يقع على عاتق العلماء والفقهاء السنة والشيعة، فهم أصحاب كلمة مسموعة لدى العوام، الذين يستخدمونهم الساسة لتصفية حساباتهم، وإنفاذ سياساتهم، ليس لإعلاء شأن الأمة، بل للحفاظ على كراسي الحكم، ومطالح أنظمتهم، وفي النهاية، يدفع الناس العاديون ثمن هذا الخلاف الفقهي العقيدي، الذي ارتدى ثوبا سياسيا، ومصلحيا.
ما يجري في سوريا واليمن والعراق وحتى لبنان، ليست مواجهات طائفية، سنية شيعية، بقدر ما هي مواجهات سياسية، تستثمر العاطفة الدينية لحشد الأنصار والبطش بالخصوم، وتحقيق المصالح، ويبدو أن هناك من يهمه أن يرتدي هذا الصراع الإسلامي-الإسلامي ثوبا طائفيا، كي تشتد المنازعات، وتقتات من عاطفة دينية مشبوبة، تجعل من قتل المسلم للمسلم نوعا من التقرب إلى الله تعالى، والله ورسوله وعامة المسلمين، بريئون من هذا التفكير الإجرامي.
أصبحت الأمة الإسلامية أضحوكة بين الأمم، لفرط خلافاتها، وثمة من أصحاب المصالح، من داخل الأمة وخارجها، من يهمهم زيادة حرارة الخلاف، وتوظيفه لتنفيذ مخططاتهم، وتحقيق مصالحهم، وعلى العلماء تقع المسؤولية الكبرى في حقن دماء الناس، مسلمين وغير مسلمين، والتدخل لوقف هذه الفتنة الطائفية، والخروج من دائرة الصمت الشيطانية، من باب أن الساكت عن الحق شيطان أخرس!

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news