حول مخيم اليرموك ومأساته والتطورات الأخيرة
ياسر الزعاترة
جو 24 : تنشأ المشكلة الكبرى في التعاطي مع أزمة مخيم اليرموك من روحية التعامل مع الأزمة السورية برمتها؛ بين من يريد التعامل مع ما يجري بوصفه أزمة عابرة بين شعب ونظام، ما تلبث أن تحل، وبين من يراها ثورة لن تتوقف حتى يتغير الوضع برمته في سوريا. وهي أيضا بين من يريد للفلسطينيين في سوريا أن يردوا جميلا للشعب الذي احتضنهم، ومن من يرى أن عليهم دينا للنظام الذي عاملهم بشكل جيد وفقا لهذا التقدير، كأنه كان يصرف لهم من جيب أقليته الحاكمة (دعك هنا من تجاهل هذا المنطق لسجل طويل من إجرام نظام آل الأسد بحق الفلسطينيين في لبنان).
حدث خلاف بين فصائل فلسطينية مجهرية تتبع النظام وتعمل من أجل خدمته، وبين حماس التي دفعت ثمنا باهظا لقاء انحيازها للشعب الثائر، في حين وقفت حركة فتح بقيادة محمود عباس في المنتصف، وإن كانت أقرب عمليا إلى النظام، بدليل المديح الي كان يحصل عليه عباس في إعلام الممانعة، قبل أن يوجِّه له حسن نصر الله بعض الانتقاد بسبب موقفه من عاصفة الحزم، وهو انتقاد المحب كما كان ظاهرا في الخطاب.
في السياق الأخير الذي نحن بصدده ظهرت قضية ما يعرف بكتائب أكناف بيت المقدس، والتي لم يكن يُسمع بها من قبل، وإن كانت موجودة طوال الوقت، وهي كتائب تتشكل عمليا من شبان كانت لهم صلات بحركة حماس، لكنهم انخرطوا عمليا في سلك الثورة، وقاتلوا واستشهد منهم الكثير، في ذات الوقت الذي كانوا يقومون فيه بالكثير من الخدمات الإغاثية لما تبقى من أهل المخيم، والانفصال بينهم وبين حماس كان نتاج رفضهم لفكرة التحييد التي طالبت بها حماس أيضا؛ لاعتبارات سياسية تتعلق بفكرة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وحتى لا تذهب بعيدا في القطيعة مع إيران، رغم توقف دعم الأخيرة للحركة منذ 4 سنوات.
نفتح قوسا هنا لنشير إلى أن ما أصاب أهل مخيم اليرموك لا يختلف كثيرا عما أصاب بقية السوريين، إن كان في ضواحي دمشق، أم في المناطق الأخرى، مع فارق بؤس التعامل اللبناني من مهجريهم، وهم في الأصل ما كان لهم أن يقبلوا بالتمايز عن الشعب الذي عاشوا بجواره؛ أحبة وأشقاء.
أما رفض أولئك الشبان لفكرة التحييد، فكان ابتداءً وقبل كل شيء نتاج إرادة الانحياز لهموم الشعب السوري، لكنه كان -أيضا- نتاج تقدير واقعي خلاصته استحالة ذلك دون الانحياز للنظام في ظل الالتحام الجغرافي للمخيم بمحيطه الدمشقي. ولو كان جزيرة معزولة، وبعيدة عن مجريات الحرب، لربما كان الأمر مختلفا، كما هي حال مخيمات أخرى في مناطق لا تحتدم فيها المعارك. والنتيجة أن النظام لن يفهم التحييد إلا سيطرة كاملة على المخيم واستخدامه لمهاجمة الثوار في المناطق الأخرى الملتصقة به، وهو ما تؤمن به الفصائل المجهرية التابعة له أيضا، لاسيما أنها تدرك أنه هزيمته تعني نهايتها في سوريا.
كانت العلاقة بين كتائب أكناف بيت المقدس وبين فصائل مقاتلة أخرى في المخيم ومحيطه طيبة، بما في ذلك فصائل جهادية كالنصرة وأحرار الشام، وما جرى مؤخرا كان نتاج إشاعات وتسريبات حول صفقة بين بين تلك الكتائب وبين النظام، الأمر الذي لم يكن صحيحا، وإن فكّرت فيه عناصر أخرى داخل المخيم.
هنا دخل تنظيم الدولة المتمركز في منطقة الحجر الأسود الملاصقة للمخيم على الخط، وهو دخول لا ينبع فقط من إرادة قطع الطريق على الصفقة المزعومة، بل أيضا نتاج سياسات التنظيم في السيطرة والتوسع على حساب المجموعات الأخرى، بخاصة أنه معني بزيادة نفوذه في محيط دمشق التي لا يتمتع فيها بنفوذ كبير قياسا بالنصرة وفصائل الجيش الحر والمجموعات الأخرى.
هنا استخدمت إشاعات مغرضة ضد الأكناف، بما في ذلك تحميلها مسؤولية الحصار الذي يتعرض له المخيم، وتمت عمليات قتل واغتيال بشعة، وكان مثيرا أن النصرة سكتت عن ذلك، وإن تناقضت مواقفها من القضية، وهنا دخل النظام على الخط بمزيد من القصف والتدمير للمخيم، مع اللعب على التناقضات الجديدة لتحقيق هدفه بالسيطرة على المخيم واستخدامه منصة لتطهير المناطق الملتصقة به.
لم تبدأ كارثة المخيم من دخول تنظيم الدولة، بل هو يعاني من جراء حصار النظام منذ 3 سنوات، ومن يبررون للنظام شركاء له في الإجرام، وليست الفصائل المسلحة داخله هي من يفعل ذلك، ولا يمكن تجريمها لأنها ترفض الخروج من المخيم للاعتبارات التي ذكرنا، بما فيها أكناف بيت المقدس التي تعدّ جزءا من معركة الشعب السوري ضد النظام المجرم.
من هنا يمكن القول، إنه لا حل لمشكلة المخيم إلا كجزء من حل المعضلة السورية برمتها، فلا فكرة التحييد قابلة للتطبيق العملي حتى لو أرادها البعض، فضلا عما تسببه من شرخ مع الشعب الثائر، ولا دخول تنظيم الدولة بنهجه الإقصائي وتصنيفاته الحدية للآخرين يمثل حلا (هناك حديث عن انسحابه ونرجو أن يكون صحيحا)، لكن الأسوأ هو دعوات بعضهم إلى القتال إلى جانب النظام، بدل الإدانة الصريحة لحصار المخيم وعقاب من تبقى من سكانه على وجود مسلحين بداخله، كما هي الحال منذ ثلاثة أعوام تقريبا، وهو ما يحدث أيضا لمناطق أخرى يجوّعها النظام المجرم لأجل تركيعها.
حدث خلاف بين فصائل فلسطينية مجهرية تتبع النظام وتعمل من أجل خدمته، وبين حماس التي دفعت ثمنا باهظا لقاء انحيازها للشعب الثائر، في حين وقفت حركة فتح بقيادة محمود عباس في المنتصف، وإن كانت أقرب عمليا إلى النظام، بدليل المديح الي كان يحصل عليه عباس في إعلام الممانعة، قبل أن يوجِّه له حسن نصر الله بعض الانتقاد بسبب موقفه من عاصفة الحزم، وهو انتقاد المحب كما كان ظاهرا في الخطاب.
في السياق الأخير الذي نحن بصدده ظهرت قضية ما يعرف بكتائب أكناف بيت المقدس، والتي لم يكن يُسمع بها من قبل، وإن كانت موجودة طوال الوقت، وهي كتائب تتشكل عمليا من شبان كانت لهم صلات بحركة حماس، لكنهم انخرطوا عمليا في سلك الثورة، وقاتلوا واستشهد منهم الكثير، في ذات الوقت الذي كانوا يقومون فيه بالكثير من الخدمات الإغاثية لما تبقى من أهل المخيم، والانفصال بينهم وبين حماس كان نتاج رفضهم لفكرة التحييد التي طالبت بها حماس أيضا؛ لاعتبارات سياسية تتعلق بفكرة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وحتى لا تذهب بعيدا في القطيعة مع إيران، رغم توقف دعم الأخيرة للحركة منذ 4 سنوات.
نفتح قوسا هنا لنشير إلى أن ما أصاب أهل مخيم اليرموك لا يختلف كثيرا عما أصاب بقية السوريين، إن كان في ضواحي دمشق، أم في المناطق الأخرى، مع فارق بؤس التعامل اللبناني من مهجريهم، وهم في الأصل ما كان لهم أن يقبلوا بالتمايز عن الشعب الذي عاشوا بجواره؛ أحبة وأشقاء.
أما رفض أولئك الشبان لفكرة التحييد، فكان ابتداءً وقبل كل شيء نتاج إرادة الانحياز لهموم الشعب السوري، لكنه كان -أيضا- نتاج تقدير واقعي خلاصته استحالة ذلك دون الانحياز للنظام في ظل الالتحام الجغرافي للمخيم بمحيطه الدمشقي. ولو كان جزيرة معزولة، وبعيدة عن مجريات الحرب، لربما كان الأمر مختلفا، كما هي حال مخيمات أخرى في مناطق لا تحتدم فيها المعارك. والنتيجة أن النظام لن يفهم التحييد إلا سيطرة كاملة على المخيم واستخدامه لمهاجمة الثوار في المناطق الأخرى الملتصقة به، وهو ما تؤمن به الفصائل المجهرية التابعة له أيضا، لاسيما أنها تدرك أنه هزيمته تعني نهايتها في سوريا.
كانت العلاقة بين كتائب أكناف بيت المقدس وبين فصائل مقاتلة أخرى في المخيم ومحيطه طيبة، بما في ذلك فصائل جهادية كالنصرة وأحرار الشام، وما جرى مؤخرا كان نتاج إشاعات وتسريبات حول صفقة بين بين تلك الكتائب وبين النظام، الأمر الذي لم يكن صحيحا، وإن فكّرت فيه عناصر أخرى داخل المخيم.
هنا دخل تنظيم الدولة المتمركز في منطقة الحجر الأسود الملاصقة للمخيم على الخط، وهو دخول لا ينبع فقط من إرادة قطع الطريق على الصفقة المزعومة، بل أيضا نتاج سياسات التنظيم في السيطرة والتوسع على حساب المجموعات الأخرى، بخاصة أنه معني بزيادة نفوذه في محيط دمشق التي لا يتمتع فيها بنفوذ كبير قياسا بالنصرة وفصائل الجيش الحر والمجموعات الأخرى.
هنا استخدمت إشاعات مغرضة ضد الأكناف، بما في ذلك تحميلها مسؤولية الحصار الذي يتعرض له المخيم، وتمت عمليات قتل واغتيال بشعة، وكان مثيرا أن النصرة سكتت عن ذلك، وإن تناقضت مواقفها من القضية، وهنا دخل النظام على الخط بمزيد من القصف والتدمير للمخيم، مع اللعب على التناقضات الجديدة لتحقيق هدفه بالسيطرة على المخيم واستخدامه منصة لتطهير المناطق الملتصقة به.
لم تبدأ كارثة المخيم من دخول تنظيم الدولة، بل هو يعاني من جراء حصار النظام منذ 3 سنوات، ومن يبررون للنظام شركاء له في الإجرام، وليست الفصائل المسلحة داخله هي من يفعل ذلك، ولا يمكن تجريمها لأنها ترفض الخروج من المخيم للاعتبارات التي ذكرنا، بما فيها أكناف بيت المقدس التي تعدّ جزءا من معركة الشعب السوري ضد النظام المجرم.
من هنا يمكن القول، إنه لا حل لمشكلة المخيم إلا كجزء من حل المعضلة السورية برمتها، فلا فكرة التحييد قابلة للتطبيق العملي حتى لو أرادها البعض، فضلا عما تسببه من شرخ مع الشعب الثائر، ولا دخول تنظيم الدولة بنهجه الإقصائي وتصنيفاته الحدية للآخرين يمثل حلا (هناك حديث عن انسحابه ونرجو أن يكون صحيحا)، لكن الأسوأ هو دعوات بعضهم إلى القتال إلى جانب النظام، بدل الإدانة الصريحة لحصار المخيم وعقاب من تبقى من سكانه على وجود مسلحين بداخله، كما هي الحال منذ ثلاثة أعوام تقريبا، وهو ما يحدث أيضا لمناطق أخرى يجوّعها النظام المجرم لأجل تركيعها.