زفرة العربي الأخيرة!
حلمي الأسمر
جو 24 : المشهد الأول: على أسوار غرناطة في العام 1492 / قائد جيش غرناطة أبو موسى الغساني القيسي، رفض تسليم غرناطة بعد استسلام سلطانها أبي عبد الله الصغير، ومن ثم استشهد القيسي على أسوار غرناطة!
(إيضاح سريع: يقول التاريخ، إن أبا عبد الله محمد الثاني عشر أو محمد الصغير أعطى الموافقة بالتسليم للملكين فرناندو الخامس وإيزابيلا، ولم ينسَ أن يرسل إليهما بعضًا من الهدايا الخاصة، وبعد التسليم بأيام يدخل الملكان في خيلاء قصر الحمراء الكبير ومعهما الرهبان، وفي أول عمل رسمي يقومون بتعليق صليب فضي كبير فوق برج القصر الأعلى، ويُعلن من فوق هذا البرج أن غرناطة أصبحت تابعة للملكين الكاثوليكيين، وأن حكم المسلمين قد انتهى من بلاد الأندلس، وقد خرج أبو عبد الله محمد بن الأحمر الصغير آخر ملوك المسلمين في غرناطة من القصر الملكي، وسار بعيدًا حتى وصل إلى ربوة عالية تُطل على قصر الحمراء يتطلع منها إليه، وإلى ذاك المجد الذي قد ولَّى، وبحزن وأسى قد تبدَّى عليه لم يستطع فيه الصغير أن يتمالك نفسه، انطلق يبكي حتى بللت دموعه لحيته، حتى قالت له أمه عائشة الحرة : أجل؛ فلتبك كالنساء مُلْكًا لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال، وإلى هذه اللحظة ما زال هذا التل -الذي وقف عليه أبو عبد الله محمد الصغير- موجودًا في إسبانيا، وما زال الناس يذهبون إليه، يتأمَّلون موضع هذا المَلِك الذي أضاع مُلكًا أسسه الأجداد، ويُعرف (هذا التل) بـ زفرة العربي الأخيرة، وهو بكاء أبي عبد الله محمد الصغير حين ترك ملكه!
المشهد الثاني: بعد 450 سنة، وعلى أسوار القدس، في الشهر الخامس من عام 1948 استشهد سالم موسى أبو مطر القيسي، من بلدة الدوايمة، وهو يدافع عن القدس، ضمن المعارك التي خاضها الجيش العربي، ضد العصابات الصهيونية التي هاجمت المدينة المقدسة.
المشهد الثالث: بعدها بست سنوات، وفي الشهر الحادي عشر من العام 1954، كان أول الشهداء في جبال أورا س، في معارك الجزائريين الأحرار ضد قوات الغزو الفرنسي، العربي بن مهيدي، ومصطفى بلعيد، وعبد الكريم القيسي!
ثلاثة مشاهد ساقها لي الرجل السبعيني، الذي زارني بالأمس في مكتبي بـ»الدستور»، وهو من أهل سحاب، وأهل الفجر، لم يقطع صلاة فجر في المسجد منذ 66 سنة، ليدلل على وحدة العرب، وعروبيته، ساخرا من الحدود والسدود، شاكيا لي همه مما يعاني وهو يرى أوضاع عرب اليوم، استوقفتني المشاهد الثلاثة، فأحببت أن تكون دليلا عمليا على وحدة الأمة، من «قيس» ويمن، راجيا ألا تكون هذه الزفرة، زفرة العربي الأولى نحو الحرية، لا كما كانت زفرة العربي الأخيرة في غرناطة!
الدستور
(إيضاح سريع: يقول التاريخ، إن أبا عبد الله محمد الثاني عشر أو محمد الصغير أعطى الموافقة بالتسليم للملكين فرناندو الخامس وإيزابيلا، ولم ينسَ أن يرسل إليهما بعضًا من الهدايا الخاصة، وبعد التسليم بأيام يدخل الملكان في خيلاء قصر الحمراء الكبير ومعهما الرهبان، وفي أول عمل رسمي يقومون بتعليق صليب فضي كبير فوق برج القصر الأعلى، ويُعلن من فوق هذا البرج أن غرناطة أصبحت تابعة للملكين الكاثوليكيين، وأن حكم المسلمين قد انتهى من بلاد الأندلس، وقد خرج أبو عبد الله محمد بن الأحمر الصغير آخر ملوك المسلمين في غرناطة من القصر الملكي، وسار بعيدًا حتى وصل إلى ربوة عالية تُطل على قصر الحمراء يتطلع منها إليه، وإلى ذاك المجد الذي قد ولَّى، وبحزن وأسى قد تبدَّى عليه لم يستطع فيه الصغير أن يتمالك نفسه، انطلق يبكي حتى بللت دموعه لحيته، حتى قالت له أمه عائشة الحرة : أجل؛ فلتبك كالنساء مُلْكًا لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال، وإلى هذه اللحظة ما زال هذا التل -الذي وقف عليه أبو عبد الله محمد الصغير- موجودًا في إسبانيا، وما زال الناس يذهبون إليه، يتأمَّلون موضع هذا المَلِك الذي أضاع مُلكًا أسسه الأجداد، ويُعرف (هذا التل) بـ زفرة العربي الأخيرة، وهو بكاء أبي عبد الله محمد الصغير حين ترك ملكه!
المشهد الثاني: بعد 450 سنة، وعلى أسوار القدس، في الشهر الخامس من عام 1948 استشهد سالم موسى أبو مطر القيسي، من بلدة الدوايمة، وهو يدافع عن القدس، ضمن المعارك التي خاضها الجيش العربي، ضد العصابات الصهيونية التي هاجمت المدينة المقدسة.
المشهد الثالث: بعدها بست سنوات، وفي الشهر الحادي عشر من العام 1954، كان أول الشهداء في جبال أورا س، في معارك الجزائريين الأحرار ضد قوات الغزو الفرنسي، العربي بن مهيدي، ومصطفى بلعيد، وعبد الكريم القيسي!
ثلاثة مشاهد ساقها لي الرجل السبعيني، الذي زارني بالأمس في مكتبي بـ»الدستور»، وهو من أهل سحاب، وأهل الفجر، لم يقطع صلاة فجر في المسجد منذ 66 سنة، ليدلل على وحدة العرب، وعروبيته، ساخرا من الحدود والسدود، شاكيا لي همه مما يعاني وهو يرى أوضاع عرب اليوم، استوقفتني المشاهد الثلاثة، فأحببت أن تكون دليلا عمليا على وحدة الأمة، من «قيس» ويمن، راجيا ألا تكون هذه الزفرة، زفرة العربي الأولى نحو الحرية، لا كما كانت زفرة العربي الأخيرة في غرناطة!
الدستور