2024-05-28 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الفارق بين العيب والحرام...

خالد الزبيدي
جو 24 : في حياتنا تغيَّرت مفاهيم وممارسات كانت واضحة ومتفقاً عليها ردحاً من الزمن، فالعيب كان يتمثل بمد اليد طلبا للعون بينما يستطيع العمل، وكان من يمارس مثل هذا السلوك قلة من الناس، لذلك عامة الناس لا يخجلون من العمل في كافة القطاعات طالما كان العمل مشروعا، وكانت العمالة الأردنية تنشط في القطاعات كافة، في الزراعة، الصناعة، الخدمات، والمهن المختلفة، أمَّا اليوم فيعج الاقتصاد الأردني بأكثر من مليوني وافد يشغلون وظائف لو شغلها الأردنيون لما وجدنا عاملاً واحداً يعاني من البطالة، وتبعا لذلك سينخفض الفقر الى مستويات آمنة، ولو جدنا نسيجا اجتماعيا أقوى وأمتن، واقتربنا من مستويات معيشية طبيعية.
ومن المفاهيم الجديدة التي تسللت الى حياتنا وهي تندرج تحت وصف الحرام بحسب القوانين الإلهية والوضعية، وهي سرقة المال العام والخاص، والتمادي على البلاد والعباد، ففي السابق قلما نسمع عن شخص يسرق المياه والكهرباء، وكان ينظر اليه بازدراء، امام اليوم اصبح وصف من يقوم بذلك بأنه «شاطر» وقادر على تدبير نفسه، فسرقة المياه والعبث في عدادات المياه والطاقة الكهربائية من يمارس ذلك لا يخجل من فعلته، ويصل بعضهم حد المجاهرة بذلك، وينحى باللوم على الحكومات التي رفعت الأسعار وزادت الضرائب..الى غير ذلك من المبررات الواهية التي إذا ما تم التهاون معها أو التغاضي عنها كمن يسهم بدفع أنفسنا وحياتنا إلى الانزلاق لفوضي عارمة، ونعرض البلاد الى مستقبل مجهول.
وبالعودة إلى مفهومي العيب والحرام، فإن العيب أن نمد اليد طلبا للعون ونحن قادرون على العمل طالما العمل مشروع وشريف في كافة المهن، وفي هذا السياق فإن ما يسمى بثقافة العيب التي راجت بيننا. آن الأوان لتجاوزها، فالعيب الحقيقي أن يكون العمل متاحاً ولا نقبل عليه ونتركه للغير مهما كان نوعه، وتجنيد كل المعارف للالتحاق بعمل مكتبي حكومي و/ أو خاص، وفي هذه الحالة نقع في براثن الفاقة والنكد.
أما مفهوم «الحرام» فإن من يمارسه في غفلة من تطبيق القوانين والملاحقة سيجد نفسه امام العقوبة وان تأخرت، فالموروث الوطنى والإنساني والديني من قيم وعادات وتقاليد، وتشريعات معروفة ومتعارف عليها، وستضع من يمارس الحرام في كافة المعاملات في تصنيف واضح ومنبوذ مهما (أبدع) في سلوكياته ومخالفاته، فالفارق بين العيب والحرام بيِّن لا لبُس فيه، وإن اختلاط الحبل بالنابل كما يُقال له نهاية...والأصح والأسلم الابتعاد عن ممارسة التمادي سواء على المال العام أو الخاص، وتقديس وتعميق ثقافة العمل والإنتاج لبلوغ مستوى لائق من العيش ...وكما قِيلَ: الويل لشعب يأكل مما لا يزرع ويستهلك مما لا ينتج وإن طال الزمن.

zubaidy_kh@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news