صحيفة الرأي واستباحة الثوابت المهنية
هل تبرر الأوضاع المالية المتردية لصحيفة يومية استباحتها لثوابت مهنة الصحافة ، أي خصام هذا الذي يكون على شكل انقلاب على الذات؛ فبين عشية وضحاها ، من مدَاح للحكومة إلى خصم يتربص بها الدوائر ، لدرجة التخبط في نقل المعلومة و بشكل يكشف ارتباكا واضحا في إدارة هذا الخصام.
نشرت صحيفة الرأي على صفحتها الأولى الاربعاء الثاني والعشرين من الشهر الجاري؛ تقريرا حول المدارس الحكومية، لا نبالغ إذا قلنا أن هذا التقرير يفتقر لأساسيات المهنة الصحفية وأولها الموضوعية ؛ بأن يطلق التقرير الأحكام دون إثبات مقنع ، بشكل يستخف بعقل القارئ ، ثم يأتي وهو يتحدث عن الواقع ، ليضع في مقدمته صورة ، شرحها " ...الواقع الصعب " وفي ذات الشرح بين قوسين يكتب صورة أرشيفية .
ويستمر انتهاك المهنية الصحفية لينسب مدرسة خاصة إلى المدارس الحكومية ، ثم يتبعها بدراسة لتقرير صادر عن وزارة التربية والتعليم هو يقر بأنه نشر " العام المنصرم " .
أما فكرت الصحيفة بأن يتساءل القارئ البسيط - وهو الذي قرأ قبل عدة أيام أن الصحيفة قد غيرت سياستها في التعامل مع الحكومة - أين كانت الصحيفة حين نشرت الوزارة تقريرها العام الماضي ؟!
حتما سيبتسم القارئ حين يتذكر أنه في ذلك الوقت كان يقرأ أخبار المدح والإشادة للوزارة ، بل ربما وقفت الصحيفة آنذاك في صف الوزارة دفاعا عن قضايا المواطنين العادلة.
وتتوالى الأحكام على الأبنية المدرسية ومرافقها " خرابات ، آيلة للسقوط ،لا تصلح لأي بيئة تعليمية ،متهالكة ، مكسورة ، لا تصلح للتدريس ، تهدد سلامة الطلبة ، بعيدة ،مكتظة ، لا تتوفر فيها أدنى شروط الصحة والسلامة العامة ، مدارس سكنية ، مشكلة متفاقمة ، تفتقر لوجود ساحات وملاعب وتدفئة ، يحرم منها الطلبة ، وجود خلل متراكم ،توزيع عشوائي ...."
كل هذه الصفات والأحكام وغيرها حشدت في تقرير واحد ، خلط بين الماضي والحاضر ، وتجاهلت الصحيفة كل ما نشرته من إنجازات أشادت بها ذات يوم ، بل لم تنصف القارئ بالإشارة لما يحفظ له شيئا من حقه في احترام عقله .
كان من المنتظر من التقرير الإشارة للجهود الكبيرة التي بذلتها الوزارة خلال الفترة الأخيرة في مختلف المجالات والتي أحدثت نقلة نوعية شهد لها القاصي والداني لا سيما في مجال الأبنية المدرسية .
مع كل هذا نقول أنه: ما زال القارئ الأردني يكن لصحافتنا كل الاحترام ، و الثقة، ولعل تقرير الرأي الغراء هذا يقع في باب الخطأ الشخصي أو ردة الفعل المتسرعة، أو ... لعلنا نعذر الصحيفة في مقاطعتها لأخبار الحكومة ، وحتما نحترمها إذا سلطت الضوء على عيوب وأخطاء ، ولكن بموضوعية ، و ضمن ابجديات المهنية التي لا نرضى على صحفنا تجاوزها ، وبما يبقي على احترام عقول القراء .... دامت صحافتنا بخير.