القهوة أنثى!
حلمي الأسمر
جو 24 : -1- من طقوس القهوة تُشْرَبُ القَهْوَةُ بِالأنْفِ أوّلاً.. وَتُشَمُّ بِالشِّفاه!/ ..وما يبقى مِنْ أثَر الشّفاهِ على طَرَفِ الفِنْجانِ.. بَصْمَةُ المَزاجِ.. تَهْذي بالشّغَف!/ رَشْفَةً..رَشْفَةً.. واشْتَعَلَ الرأْسُ زَنْبَقًا!/ في الرُّكْنِ الخافِتِ من المقهى المَسائِيّ، ظِلٌّ لاثْنَيْن. . وبقايا فِنْجان!/ وأَنْتَ تُعِدّ قَهْوَتَكَ.. تحتار.. أيهما يَغْلي أكْثَر . . أنْتَ. . أمْ .. البُنْ؟/ قَهْوَةُ الصّباحِ للصّحْوِ. . وَقَهْوَةُ المَساءِ للنَّومِ.. وقَهْوَةُ الظّهيرةِ. .!؟/ ثَمّةَ قَهْوةٌ للمَوْتِ.. وَأُخْرى للمَزاج.. وَقَهْوَةٌ للمُجامَلة. . أمّا قَهْوَتي فَلِلْقَهْوة فَقَطْ!/ سؤال وجواب: س: ما قَهْوَتُكْ؟ ج: بِنَكْهَتكْ!/ س: كيفَ تشْربُ قَهْوَتَكْ؟ ج: أَستَنْشِقُها، ثُمّ أشْهَقُها!/ قهوة «أهلا وسهلا» وقهوة «مع السلامة» ليْسَتْ بُنًّا، هي مسحوق بُنّي بنكهة النفاق والمُجاملة!/ قهوة المساء؛ حين تشربَها وحْدَك، مُثيرةٌ لغُبارِ الذّكْرياتِ والحَنين لـ «ما بَعْرفْ لمَينْ»!/ مع قهوة المساء: الصَّدِيقُ الَّذِي يَعُدّ عَلَيْكَ أَنْفَاسَكَ.. لَيْسَ صَدِيقًا. هَذَا عَدّاد كهرباء!/ حينَ يَشْرَبُ المساءُ قَهْوَتي.. يُساهِرُني، ولا يَنامُ.. يَظلُّ يَقِظًا .. حتّى مَشْرِقِ الشّمْس! -2- ضريح رقمي! يَمامةٌ حَطّتْ على كَتفِ الصّباحِ، تَنَفَّسَتْني بِـهَديلِ باكٍ، وَمَضَتْ بي بَعيداً عن عيوني!/ تطوي الخراب تحت إبطيك كجريدة قديمة، تنتصب واقفا بعد كل غبار، تعانق ساقيك، وتتكىء على عنفوان قلبك، وتمضي!/ .. ولا يَبْقى مِنْكَ بَعْدَ الرَّحيلِ، إلا ما يَعْلقُ بالرُّموشِ بَعْدَما تَغْتَسل بِالدُّمُوع! الفيسبوك، كما هو سرير للنوم، وأريكة للاسترخاء، وصومة للإبداع، وما أردتَ له أن يكون.. هو أيضا ضريح رقمي، هنا نرقد رقدتنا الأبدية، ويبقى «حسابنا» مفتوحا، حتى يوم الحساب.. فيا أيها العابر بهذا الضريح، عش ما استطعت من حياتك، وترحّم على صاحبه، الذي كان يوما مثلك، يمر على أضرحة الأحياء، ويترحم عليهم .. ويحاول أن يعيش ما استطاع إلى العيش سبيلا! الرسائل التي تصل متأخرة جدا، قد لا تجد من يستلمها، وقد لا يستلمها أحد!/ الفيسبوك اللعين، يشعل نارا كونية، حين يُذكّرك أن اليوم عيد ميلاد أحد الأحبة، وهو يرقد تحت التراب! كل صباح: أسَرّحُ شَعْرَ النّـهار وأمْسَحُ عَنْه بَقايا السَّهر، لنَصْحو سويًّا وَنَمْضي لشقّ الطريقِ وَرَدْمِ الحُفَر! -3- آخر الكلام.. كلما زاد السكون حولك صمتا، زاد الضجيج في رأسك!