2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حول «دردشات أحمد يوسف» وردود السلطة

ياسر الزعاترة
جو 24 : الذين يكرهون حماس، ويتصيَّدون أخطاءها لم يجدوا منذ مدة أفضل من الهدية التي قدمها لهم أحمد يوسف بحديثه عما أسماه “دردشات” مع الإسرائيليين حول صفقة تخص تهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة، فضلا بطبيعة الحال عن أزلام السلطة في رام الله، والذين يضيفون إلى مسألة الكره بُعدا آخر يتمثل في الذعر الذي ينتابهم من وجود أي تواصل بين حماس والصهاينة، لا لشيء إلا لأنه منافسة على ذات الحضن الذي يأوون إليه، والشريك الذي يستمتعون بشراكته، وبالتعاون الأمني معه!! أحدهم خرج في خطبة جمعة، وقد عُرف أنه البوق الأكثر شراسة ضد حماس، ليقول إن التفاوض مع الكيان الصهيوني (قال إسرائيل طبعا)، خارج إطار منظمة التحرير “خيانة”، وكان عليه أن يتوسل تبعا لذلك حديثا نبويا يستشهد به على نظريته في عدم جواز التفاوض خارج إطار منظمة التحرير (كما فعل لتبرير دعوته المسلمين إلى السياحة في القدس)، لا سيما أن ذلك بسهولة، باعتبار سيده هو ولي الأمر برأيه (يتجاهل أن حماس منتخبة أيضا، وأن رئيسه انتهت ولايته!!). منذ زمن لم يتحفنا أحمد يوسف بشيء من أفلامه التي يغرد بها خارج السرب، لكن الأمانة تقتضي القول إن الذين تحدثوا عن تصريحاته لم يكونوا أمناء في النقل، فهو أكد على أن “الدردشات” ليست مباشرة، وإنما هي عبر أطراف أخرى، وهي كلمة بائسة في وصف شيء من قبيل أن يسأل دبلوماسي أوروبي قياديا في حماس عن رأيه أو رأي حركته في كذا وكذا، وفي الحالة الراهنة، هناك إلى جانب الملفات المتعلقة بالقطاع عموما، ملف يتعلق بالأسرى لدى الحركة، والذين يصر الصهاينة على أنهما مجرد “جثتين”، بينما تصر حماس على عدم كشف عما لديها. من هنا، جاء الرد من حماس عبر إسماعيل رضوان، وقبله زياد الظاظا وآخرون بنفي كلام أحمد يوسف، والتأكيد على أنه لا يمثل الحركة، لكن أحدا من مستثمري التصريحات لم يشر إلى ذلك، واستمرت لعبة استغلالها، بدليل أن خطبة “الشيخ” الذي تحدثنا عنه في البداية جاءت بعد تلك الردود!! من جهة أحمد يوسف، فإنني أظن، وليس كل الظن إثم، أنه لا يمانع البتة في إجراء مفاوضات مباشرة مع الصهاينة وليس عبر وسطاء، وهو لا يرى في ذلك أية مشكلة، وهذا طبعا من ملامح “الانفتاح” و”العبقرية السياسية”، التي تقنع صاحبها بأن بوسعه النجاح فيما فشل فيه الآخرون عبر عقود طويلة من التفاوض، ولا شك أنه يشعر بالزهو حين يسمع من بعض الدبلوماسيين الأوروبيين كلمات الإطراء والمديح لذكائه ووعيه وانفتاحه!! كل ذلك، لا يعفينا من ضرورة التحذير من أي تفكير في عقد صفقة ما مع العدو الصهيوني تتعلق بهدنة طويلة، والأسوأ أن يفكر البعض في نسبة ذلك إلى فكرة الهدنة التي تحدث عنها الشيخ ياسين قبل ربع قرن، لأنها جريمة بحق الشيخ وتراثه، هو الذي تحدث عن هدنة لـ13 سنة تتضمن انسحابا كاملا من حدود 67، مع الإفراج عن الأسرى، ودون اعتراف بدولة العدو، فيما يعلم الجميع أنه لو كان لدى الصهاينة عرض أقل من ذلك بكثير، وحتى مع تبادل للأراضي (مصطلح يخفي تنازلا خطيرا بالطبع بتكريسه لبقاء الكتل الاستيطانية الكبرى في قلب الضفة الغربية) لمنحوه لعرفات بدل اغتياله، فضلا عن عباس الذي ظهر حرصا غير مسبوق على أمنهم. تجريب المجرّب عمل بائس ويستحق الإدانة، وتقديم العروض لعدو بيده كل شيء بدل مطالبته هو بتقديم العروض (في معرض الرد على السائلين وأدعياء التوسط) نهج أكثر بؤسا، وهو ذاته الذي أفضى إلى ما عليه القضية من تيه. أما فكرة الهدنة بصيغتها التي نسمع عنها مع قطاع غزة، فلا يمكن أن تكون مقبولة بحال، وإذا قيل إن الهدف هو رفع الحصار والحفاظ على السلاح، فإن النهج الذي جلب الحصار يغدو هو المدان، في حين لم يصنع السلاح لكي تقدم التنازلات من أجل الحفاظ عليه، بل من أجل المقاومة. لا شك أنها ورطة الدخول في انتخابات أوسلو، والتي أفضت تاليا للحسم العسكري لا زالت تطل برأسها في كل حين، فيما يرفض البعض الاعتراف بها كخطأ من الأصل، وهنا إن الحفاظ على السلطة يغدو هدفا عند البعض أيضا، وأقله عدم التنازل عنها جميعا خوفا من التداعيات على الحركة وعلى السلاح في آن. الحفاظ على السلاح ضرورة، لكن من دون تنازلات للعدو، ويمكن أن يكون التنازل للسلطة البائسة، وجعل الحفاظ على السلاح معركة للشعب وكل قواه مع تلك السلطة، أو الصبر والصمود حتى تتغير الظروف ويطلق الشعب انتفاضته الجديدة ويقلب الطاولة في وجه الجميع. الشعب (كذلك الأمة) لا يعطي أحدا شيكا على بياض. نقول ذلك رغم ثقتنا بأن في حماس رجال شرفاء، ومن ورائهم مقاتلون أبطال، لا يمكن أن يقبلوا بأي صفقة تمسُّ قضيتهم وتاريخ حركتهم وتراث شهدائها، ويبقى أن عليهم أن يلجموا أمثال أحمد يوسف حتى لا يشوّهوا هذا التاريخ، أو يسمحوا للمتصيدين في المياه العكرة باستغلال تصريحاتهم في معرض التشويه، وإذا لم يلتزم، فليترك الحركة، وليذهب “يدردش” مع من يشاء كما يحلو له!!

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير