jo24_banner
jo24_banner

أعداء الفصول الأربعة

حلمي الأسمر
جو 24 :
من حسنات الربيع العربي أنه «فك» عقدة الخوف عند المواطن العربي، فأضحى يتكلم بسقف مرتفع، هو في الأصل من أخص حقوقه، فقد خلق الناس أحرارا، ولكن وعيهم الجمعي تشوه بالإرهاب الرسمي الذي مارسته أجهزة السلطات الاستبدادية لسنوات طويلة، فبنت حولها هالة من «الإخافة» ألجمت ألسنة الخلق عن الصدع بالحق، علما بأن حق التعبير من الحقوق اللصيقة بالإنسان، وهي الحقوق التي ارتبطت بطبيعة الإنسان باعتباره آدميا، وهي تأتي على رأس حقوق الإنسان الكثيرة التي ارتضتها الدولة العصرية الحديثة وصارت ملزمة لها بقوة القوانين والمعاهدات الدولية، كما يقول الباحث الدكتورعبد الله المدني، هذه الحقوق ليست منحة من أحد لآخر، وليست هبة من حاكم أو حكومة، وإنما حقوق فطرية بمعنى أنها تولد مع الإنسان يوم خروجه إلى هذه الدنيا، وبالتالي ليس لأي جهة أن تمنعها أو تتلاعب فيها أو تنتقص منها أو تنتهكها، من أمثلة هذه الحقوق اللصيقة: حق الإنسان في الحياة، و حقه في الحرية ومنها حقه في حرية التعبير، وحقه في السلامة الشخصية، وحقه في المأكل، وحقه في التنقل والسفر داخل حدود بلده، وحقه في التفكير، وحقه في الملكية والعمل والمعتقد. ومن بينها أيضا حق الإنسان في الاقتران بمن يشاء، و هو حق له مكانة سامية ضمن الحقوق اللصيقة على اعتبار انه في اغلب الأحيان محكوم بالعواطف وهوى القلب، وقد انتهك هذا الحق أخيرا باشتراط موافقة الداخلية إذا أراد المواطن الأردني الاقتران بغير أردنية، ولكن هذا ليس موضوعنا الآن، وربما نعود إليه في وقت لاحق..!





الانعتاق من الخوف أوصل البعض أحيانا إلى مناطق بالغة الخطورة، تنتهك القانون المحلي، والدولي أيضا، وتلك المعاهدات التي وقع عليها الأردن، وصادق عليها، وأصبحت جزءا من التشريعات المحلية، كما أنها تزرع العداوة والبغضاء في أوساط المجتمع، وتشيع أجواء من المشاحنة والفتن، ومن هذا عدم التحرج من الإساءة الصريحة من قبل البعض لأطراف أو جماعات من أبناء الشعب الأردني، ومن يتصفح بعض المواقع الإخبارية من تعليقات ومقالات يرى ما يثير الاشمئزاز والحنق، بل إننا بتنا نرى «منظرين» وكتابا متخصصين في النيل من أحزاب أو جماعات أو فئات من المواطنين، دون مراعاة لأي اعتبار، خاصة وإن مثل هذه اللغة من «التعبير» تنتهج أسلوبا هجينا غريبا على قيم مجتمعنا، حين تعتبر جزءا من أبناء الأردن وكأنهم عبء عليه، أو»حمل» زائد، كأنهم «تسللوا» إلى البلاد من الأبواب الخلفية، ولا أخص بهذا الكلام فئة دون أخرى، فالخطأ موجود لدى جميع الأطراف، إن من يكتب ويفكر بهذه الروحية يلعب بالنار، لأن الأردن القوي بكل أبنائه هو القادر على حمايته من مخططات الوطن البديل، وفي المحصلة كلنا أبناء الوطن ، ولا فضل لمواطن على آخر إلا بما يقدمه لحمايته ورفعته واستقلاله، علما بأن من سرق الوطن، وحمله تلك المديونية الهائلة، وخرب اقتصاده ونهب مقدراته وباع ثرواته، هم الأولى بالعداء والملاحقة والشتم والإيذاء!





الربيع العربي جاء لانطلاق الشعوب من الاستبداد، واستخلاص حقوقها الأساسية اللصيقة بالإنسان من حيث هو إنسان، أما من يريد استثماره لتمزيق أواصر المجتمع، وإطلاق شياطين الكراهية والبغضاء فهو عدو للربيع وللفصول الأربعة كلها!


الدستور
تابعو الأردن 24 على google news