بطولات حزب اللـه التاريخية في القلمون!!
ياسر الزعاترة
جو 24 : نكتب قبل الإطلالة الجديدة لأمين عام حزب الله المقررة مساء أمس، والتي لن تغادر مسلسل الكذب والتدليس والوعود التي لا تتحقق منذ ثلاث سنوات؛ تحديدا منذ أن تورط الحزب في معركة بشار ضد الشعب السوري. منذ ذلك الحين خطب نصرالله أكثر من مجموع خطبه، ربما منذ تسلم منصبه في الحزب، الأمر الذي يبدو طبيعيا في واقع الحال؛ ليس فقط لأنه يبدو مطمئنا إلى أن الصهاينة لن يتورطوا في استهدافه وهم يرونه يفقد كل رصيده في العالم العربي والإسلامي، ويغرق في مستنقعات لن يخرج منها سالما بحال، ولكن أيضا لأنه في حاجة إلى طمأنة جمهوره الذي يأخذه نحو مسارات مدمرة، ويلقي بأبنائه في أتون معارك خاسرة، فضلا عن حقيقة أن المسار الخاطئ يحتاج للكثير من الكذب والتدليس من أجل تبريره، لكن المصيبة أنه لا يحصل كلما أمعن في الكذب والتدليس سوى على مزيد من العزلة والاستنكارفي الشارع العربي والإسلامي. في سوريا، كما في اليمن؛ يباشر نصرالله، دعم أقليتين تعتديان على مجموع الشعب، وكلا الشعبين للمفارقة ثارا ضمن ما يعرف بالربيع العربي الذي سمّاه ولي أمره، أو “ولي أمر المسلمين” صحوة إسلامية، قبل أن يتحول إلى مؤامرة أمريكية صهيونية حين وصل سوريا، وتعبير “ولي أمر المسلمين” هو تعبير نصرالله في وصف خامنئي. لن ندخل في تكهنات عسكرية بشأن الحرب التي أطلقها نصرالله في القلمون، والسبب أن ما سيلقيه فيها من ثقل قد يؤدي إلى صورة تفوق ما، وإن كان ذلك مستبعدا، بدليل وعد الانتصار الذي أطلقه من أكثر من عام، ولم يتحقق، لكننا نقول، إنه حتى التقدم المذكور لن يغير كثيرا في حقائق الوضع في سوريا بعد الانتصارات الأخيرة للثوار في إدلب وجسر الشغور والجنوب السوري ومناطق أخرى، مع العلم أن تقدما ما للحزب سينقلب من جديد في ظل إصرار الثوار، في ذات الوقت الذي سيحضر فيه احتمال الهزيمة، ومعها مئات النعوش التي ستنطلق باتجاه الضاحية الجنوبية وقرى الجنوب التي تقول الأنباء، إن بعضها قد جرى تفريغه من الشبان الذين جرى استنفارهم بحشد مذهبي رهيب من أجل التطوع للقتال في معركة إشكالية يجري وصفها بأنها تمثل معركة تاريخية تحدد مصير الشيعة في العالم، وليس في لبنان وحده. أليس من دعا إليها هو “ولي أمر المسلمين” الذي يحتاج بدوره إلى صورة انتصار تلملم كرامته المهدورة في اليمن وسوريا؟! إنه الجنون بعينه. جنون القوة وغطرستها الذي دفع “الولي الفقيه” إلى كسب عداء أكثر من مليار من المسلمين في معارك عبثية، جرّ إليها غالبية الشيعة العرب، أقله بالدعم المعنوي؛ ليضعهم في حالة تناقض سافر مع جيرانهم، وهو الجنون الذي حوّل حزبا كان يحظى باحترام الغالبية إلى حالة مذهبية معزولة، في لبنان والشارع العربي والإسلامي. إنها مأساة تتحرك أمام أعيننا، ولم يعد بوسع أحد وقفها، لكأنها تسير بقدر مقدور نحو مسلسل بائس من الموت والدمار والمعاناة، تابعنا فصولا كبيرة منه، في حين لا يملك الناس غير الشعور بالازدراء لهؤلاء الذي يتباكون على بعض الضحايا من المدنيين في اليمن، مع أن أكثرهم يسقطون بمدافع الحوثيين والمخلوع في عدن وجوارها، بينما يسكتون على براميل بشار المتفجرة التي تحصد الناس حصدا في عموم سوريا. فليخطب نصرالله كما يشاء، وفي كل يوم إذا أراد، فلن يستمع إليه أحد غير مريديه؛ إذا استمعوا بالفعل، فقد مضى ذلك الزمن الذي كان الناس ينتظرون فيه خطاباته، ليس لأنها كثرت على نحو ممل وحسب، بل لأنها تتضمن مواقف وأكاذيب لا تثير غير الازدراء، لكن الجميع سيظلون بانتظار لحظة العقل والرشد من الأسياد في طهران، فهم من أطلق هذه الحرب المجنونة، وهم من بيدهم وقفها، لأجل مصلحتهم أولا، ولأجل مصلحة عموم الأمة ثانيا.
الدستور
الدستور