jo24_banner
jo24_banner

المجالي: المشكلة الأساسية للبرلمان هي قانون الانتخاب

المجالي: المشكلة الأساسية للبرلمان هي قانون الانتخاب
جو 24 : قال النائب عبدالهادي المجالي ان البرلمان يعاني من قصور واشكاليات عديدة في جانب الشفافية، يتحمل جزءا كبيرا من مسؤوليتها مجلس النواب، اضافة للمسؤولية الحكومية.

وأضاف المجالي في ندوة أقامتها جمعية الشفافية التي يرأسها النائب السابق، ممدوح العبادي، إن مراجعة قانوني الانتخاب والأحزاب قضية أساسية للوصول إلى برلمانات عريقة.

وأشار المجالي إلى ضرورة احداث تغيير في آلية العمل البرلماني، مبيّنا ضرورة ان يتم نقاش القوانين والتشريعات والملفات داخل اللجان المختصة دون مقترحات جديدة تحت القبة، حيث تحتاج تلك المقترحات الى مناقشة وفهم صحيح قبل اقرارها من قبل النواب.


وتاليا نصّ كلمة المجالي في جمعية الشفافية:


بسم الله الرحمن الرحيم

معالي الأخ رئيس الجمعية المحترم
الإخوةُ أعضاءُ الجمعيةِ المحترمون
الإخوةُ الحضورُ المحترمون

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُه

سؤالُ "الشفافيةُ في الأداءِ البرلماني" ليسَ سؤالا تَرَفيا أو هامشيا، بل سؤالٌ مهمٌ وأصيلٌ، لا يمكنُ لأيِّ ديمقراطيةٍ حقيقية، البرلمانُ أساسُ ديمقراطيتِها، أن تتجاهلَهُ أو تستخفَّ به وتُسَطِّحَه، بل عليها، إن كانت ديمقراطيةً حقة، أن تسألَهُ وتجيبَ عليهِ بكلِّ وضوحٍ وبلا تأويلاتٍ أو التباساتٍ أو محاولةِ تزيينِ واقعِه..

وكي نكونَ واقعيينَ في النظرِ إلى مسألةِ الشفافيةِ في الأداءِ النيابيِّ البرلماني، علينا أن نُقِرَّ ونعترفَ بأنَّ توافرَ هذهِ الشفافيةِ نسبي، وليست سمةً أساسيةً وقويةً في الأداءِ البرلماني..
وأمامَ هذا الإقرار، علينا أن نسألَ سؤالا آخرَ لتكتملَ لدينا صورةُ التقييمِ الذي نسعى إليه، وهو: هل نسبيةُ الشفافيةِ في الأداءِ البرلماني، سببُها أن البرلمانَ نفسَهُ ورئاسَتَهُ ومراكزَ القيادةِ فيهِ لا تريدُ هذهِ الشفافية، وتسعى إلى إحاطةِ بعضِ نشاطِهِ وافعالِهِ وأعمالِهِ بالغموض، أم أن نسبيةَ الشفافيةِ سببُها تركيبةُ المجلسِ وصلةُ ذلك بقانونِ الانتخاب؟ وكذلكَ الخللُ في فهمِ الدورِ البرلمانيِّ وقصورٌ في النظامِ الداخليِّ للمجلس؟ وبالتالي غيابُ الشفافيةِ أو نسبيتُها ليس فعلا مقصودا ومتعمدا وإنما نتاجُ القصورِ والخللِ التشريعيِّ والنظاميِّ الذي أفضى إلى برلمانٍ لم يطورْ فهما عميقا للدورِ الدستوريِّ المناطِ به..؟

هذهِ مسألةٌ أساسية، فالفهمُ الدقيقُ والعميق، يساعدُنا في بناءِ الصورةِ الواقعيةِ لأداءِ المجلسِ ومقدارِ شفافيتِه، ويساعدُنا أيضا في بناءِ الصورةِ المثاليةِ التي نريدُ أنْ يكونَ عليها البرلمانُ وعملُه، لأنك لا تستطيعُ أن تصفَ علاجا لمريضٍ إن لم تُشخِّصْ ما بهِ من مرض، وأيُّ علاجٍ يوصفُ من غيرِ فهمِ الحالةِ المَرَضيةِ قد يؤدي إلى تشوهاتٍ إضافيةٍ وأثار وأضرارٍ جانبيةٍ قد تتحولُ إلى أمراضٍ رئيسية.

حقيقةً، لدينا مشكلةٌ برلمانيةٌ أساسُها قانونُ الانتخاب، وهو قانونٌ يحول، إلى الآن، دون تصعيدِ الدورِ الحزبيِّ في الحياةِ البرلمانية، فالقانونُ لا يزالُ يركزُ على الفرديةِ في الانتخاب، أي أنّ أغلبَ النوابِ يأتون إلى البرلمانِ يصفتِهِم أفرادا مستقلين ومن ثم يتجمعُ أغلبُهُم في كتلٍ ضعيفةِ التماسكِ والموقف، وأثرُها يبقى هامشيا نتيجةَ غيابِ الرؤيةِ الواحدةِ والموقفِ الواحد.

والأصلُ أن يعطي القانونُ الثِّقَـلَ الحقيقيَّ للحزبيةِ لتكونَ هي المكونُ الأقوى والأكثرَ حضورا، نوعاً وكمّا، في البرلمان، والحزبيةُ تعني، بفهمي وبمنطقِ الواقع، البرامج، فالأحزابُ الأكثرُ قدرةً على وضعِ برامجَ تعملُ على تنفيذِها من خلالِ عضويَّتِها في مجلسِ النواب، والحزبيةُ أيضا تعني التزاما من نوعين، التزاما بالبرنامَجِ والموقفِ الذي هو انعكاسٌ لبرنامَجِ وموقفِ الحزب، وأيضا التزامَه بالحضورِ والمشاركةِ في الجلْساتِ البرلمانيةِ العامةِ واجتماعاتِ اللجان، فعضويةُ النائبِ الحزبيِّ خاضعةٌ للمساءلةِ والمحاسبةِ من قِبَلِ الحزب.. وهذا يُحدِثُ فرقا حقيقيا في الأداءِ البرلمانيِّ العام.

ويُمكِنُهُ أن يُحدِثَ فرقا جوهريا أكثرَ قيمةً ووزنا، إذا ما تحولنا إلى صيغةِ الحكوماتِ البرلمانية، التي تشكَّلُ من أغلبيةٍ حزبيةٍ أو ائتلافٍ حزبي، لأن الحزبَ سيسعى إلى تطبيقِ برنامَجِه، والائتلافُ سيسعى إلى تطبيقِ برنامَجٍ مشترَكٍ ومتفَقٍ عليه مسبقا، وهذه الحالةُ ستُظهرُ أعلى مستوى من الشفافيةِ والوضوحِ في الأداء، لأنَّ برنامَجَ الأغلبيةِ التي شكلت الحكومةَ معروفٌ سلفا، وبرنامَجُ الأقليةِ المعارضةِ سيكونُ معروفا سلفا أيضا، فلا مجالَ للتوريةِ والتحايلِ والالتفافِ على عناوينِ وتفاصيلِ الأداء.

إذا حُلَّت مشكلةُ قانونِ الانتخاب، وصعدَت فرصُ الحكوماتِ البرلمانية، فأظنُّ أن جزءا كبيرا جدا من مسألةِ الشفافيةِ في الأداءِ البرلماني"ِ ستُحَلّ، بل في الأداءِ البرلمانيِّ بمجملِه، تشريعيا ورقابيا، وسيكونُ هناك انضباطٌ في توظيفِ الأدواتِ البرلمانيةِ الرقابية، لا أنْ نرفعَ مذكرةً ونتراجعَ عنها أو لا نتابعَها لمعرفةِ ما آلت إليه، ولا نوجِّهَ سؤالا لا تأتي إجابتُه أو تأتيَ مجزوءًة ولا نفعلُ أغلبَ الوقتِ في الحالين أيَّ شيئ، وإذا فعلنا وحوَّلنا السؤالَ إلى استجوابٍ لا نحسنُ التصرفَ وينتهي الاستجواب إلى لا شيء أيضا.. ولجانُ التحقيقِ والتحققِ أيضا يطاوِلُها ما يطاولُها من قُصور.

هكذا في كلِّ، أو أغلبِ الأحوال، لا نبدأُ عملا رقابيا ونتمِّمُهُ كما يجب، فيأتي الناتجُ الإجماليُّ للأداءِ البرلمانيِّ يعاني قصورا وضعفا، ينعكسُ سلبا على مستوى ونسبةِ الشفافية..

وإتماما للصورة، علينا الاعترافُ أيضا أن الحكوماتِ ذاتَها لعبت دورا في إضعافِ نسبةِ الشفافيةِ في الأداءِ البرلماني، فالحكومةُ، أيُّ حكومة، لا ترتاحُ لفكرةِ أن تكونَ كلُّ تفاصيلِ عملِها مكشوفةً للبرلمان، وهي تكونُ مرتاحةً أكثرَ حالَ كان القصورُ في الأداءِ البرلمانيِّ ذاتيا لانه يريحُها من التملصِّ والتحايلؤ عليه لإخفاءِ بعضؤ جوانبِ الأداء، وإذا كان الأداءُ الرقابيُّ البرلمانيُّ أكثرَ شفافية، فهي تعمَدُ إلى عدمِ إطلاعِ النواب، قدْرَ المستطاعِ على كلِّ ما يُطلبُ الإطلاعُ عليه، بل يمكنُ أن تُحركَ حلفاءَ في المجلسِ لتعطيلِ مثلِ هذهِ المطالبِ أو تشويهِها.

والحال هذه، فإن أسبابا ذاتية وأخرى موضوعية، تلعب، إلى الآن، دورَها في بروزِ القصورِ في الأداءِ البرلماني، وتلعبُ كذلكَ دورا جوهريا في نسبيةِ الشفافية، التي تُشوِّش، في مُحصِّلتِها، رأيَ الشارع، وتخلقُ لديها انطباعاتٍ سيئةً للغايةِ عن الأداءِ البرلماني، وتراهُ مقصرا وقاصرا عن ممارسةِ ما لديهِ من صلاحياتٍ دستوريةٍ في السيطرةِ على الأداءِ الحكوميِّ خصوصاً ذلك الأداءُ الذي ينعكس، بصيغةٍ مباشرةٍ أو غيرِ مباشرة، على حياةِ الناسِ ومصالحِهِم وطموحاتِهِم.

الإخوةُ الكرام..

إنَّ الأساسَ الصحيحَ والسليمَ للرقابةِ البرلمانية، والذي يزيدُ من منسوبِ الشفافية، هو الرقابةُ على أساسِ البرنامجِ الحكومي، وهذا البرنامجُ يجبُ أن يكونَ الفيصلَ في المحاسبة، والفيصلَ في مسألةِ مواصلةِ الثقةِ بالحكومةِ وسحبِها، وهو الذي يضطرُّ الحكومةَ إلى الالتزامِ ببرنامَجِها وعدمِ التلاعبِ به، أو التحايلِ على البرلمانِ في تطبيقِهِ وتنفيذهِ على أرضِ الواقع.

تحقيقُ هذا النمط ِمنَ الرقابة، يكونُ بتفريغِ البرنامَجِ الذي تحصلُ الحكومةُ الثقةَ على أساسِه، إلى محاورَ محددةٍ وواضحةٍ ومدونةٍ على شكلِ نقاط، تُوَزَّعُ على اللجان، بحيث تختصُّ كلُّ لجنةٍ بمحورٍ محددٍ منسجمٍ من التكليفِ المَنوطِ بها، دستوريا ونظاميا.

بعد تفريغِ البرنامَجِ إلى محاورَ وتكليفِ اللجانِ بمتابعتِها، تجتمعُ هذه اللجانُ مع الأطرافِ الحكوميةِ ذاتِ الصلة، للاتفاقِ على الخطواتِ التفصيليةِ والعمليةِ لتنفيذِ المحور، خصوصا لجهةِ المدةِ الزمنيةِ التي يحتاجُها بشكلٍ عامٍّ والتي تحتاجُها كلُّ مرحلةٍ من مراحلِ التنفيذ.

إثرَ هذهِ الترتيباتِ والتفاهماتِ مع الأطرافِ الحكومية، على تفاصيلِ البرنامَجِ الحكومي، تبدأُ اللجانُ بمراقبةِ تنفيذِه، من حيثُ مضمونِ التنفيذِ ومدى الالتزامِ بما اتفقَ عليهِ من حيثُ زمنِ التنفيذ، وعند ظهورِ أيِّ خللٍ في التنفيذِ سواءَ من جانبِ المضمونِ أو من جانبِ العاملِ الزمني، ترفعُ اللجنةُ المعنيةُ تقريرا سريعا إلى هيئةِ مجلسِ النواب، مشفوعا بتوصياتِها، لاتخاذِ الخطواتِ والإجراءاتِ المناسبةِ واللازمة.

بمثلِ هذا النمطِ من الأداء، تنضبطُ الكثيرُ من عناصرِ وأنماطِ الأداءِ البرلماني، والحكوميةِ كذلك، وتفرضُ الشفافيةُ نفسَها على الواقع، ويصبحُ الرأيُ العامُّ ونُخَبُهُ بصورةِ كلِّ التفاصيل، ولهُ أن يُقيِّمَ في مثلِ هذهِ الحالةِ الأداءَ البرلمانيَّ والأداءَ الحكوميَّ ويطلقَ أحكامَهُ ويحدِّدَ مواقفَها منهما.. وهذا سيضطرُّ كلَّ طرف، حكوميٍّ أم برلماني، إلى الالتزامِ بدورهِ لأن التخفيَ والتمويهَ فقدا فرصهُما وبات صعبا ولا مجالَ لغيرِ العملِ والإنجاز.

فلا يُعقلُ أن تضعَ الحكومةُ برنامجا لغاياتِ الحصولِ على الثقة، ومن ثم تنتهي فترةُ حكمِها ولم تُحقِّقْ منه شيئا قيِّما، بل ربما تنشغلُ بما لم يرِدْ في برنامَجِها، وهذه مسؤوليةُ البرلمانِ الذي أنيطَ به، دستوريا، مهمةُ الرقابةِ والتشريع، ومنحَ الحكوماتِ الثقةَ أو حجبهَا، أو سحبَها لاحقا حالَ ظهرَالعجزُ الحكوميُّ عن القيامِ بالواجباتِ والالتزامِ بالمَهماتِ التي كُلِّـفَتْ بها.

في جزئيةٍ أخرى، أراها مهمةَ أيضا، وهي أنَّ النقاشَ تحتَ القبةِ لا يجوزُ بدونِ أسسٍ نظاميةٍ ومنهجيةٍ مستقرة، فالأصلُ أنَّ النقاشَ يتمُّ في اللجانِ المختصة، وتأتي التنسيباتُ والتوصياتُ منها إلى هيئةِ المجلسِ مكتملة.

أي أنَّ المقترحاتِ المقدمةَ من النوابِ كلُّها، يجبُ أن تناقَشَ في اللجان، ولا يجوزُ أن تُطرحَ اقتراحاتٌ جديدةٌ تحتَ القبة، لأنَّ المقترحَ الجديدَ يحتاجُ إلى مناقشةٍ وفهمٍ صحيح، وهذا يعني أن يُعرضَ على اللجنةِ المختصةِ لدراستِه، وبعد أن تدرسَهُ ترفعُ المقترحَ وتوصيتَها بشأنِه إلى النوابِ لاتخاذِ القرارِ المناسبِ بشأنهِ في ظلِّ توفرِ وُجهتيْ نظر؛ وجهةُ نظرِ صاحبِ الاقتراحِ ووجهةُ نظرِ اللجنةِ المختصة.

هذه من القضايا التي تساعِدُنا حقيقةَ في تكريسِ أنماطٍ وازنةٍ في الأداءِ البرلماني، وتؤسِّسُ أيضا لتكريسِ أعرافٍ وتقاليدَ نيابية، مع الأسفِ لم نكرسْها طوالَ السنواتِ السابقة، وهذه الاعرافُ والتقاليدُ سمةُ البرلماناتِ العريقةِ والديمقراطياتِ الراسخة، التي نأملُ أن نصلَ إليها في يومٍ من الأيام.

الإخوةُ الكرام..

إن الاعترافَ بالقصورِ أو خطواتِ التصحيحِ والمعالجة.. هو فضيلةٌ وخطوةٌ أولى في الاتجاهِ الصحيح.

نعم، لدينا إشكاليةٌ في جانبِ الشفافية، يتحملُ مجلسُ النوابِ خصوصا، ومجلسُ الأمةِ في عمومِهِ مسؤوليةً كبيرةً فيها، وتتحملُ الحكومةُ جانبا من المسؤولية، لأنَّ الأصلَ أن البرلمانَ يمنعُها من أن تكونَ غيرَ شفافةٍ بالنظرِ إلى دورهِ الدستوري، كسلطةِ تشريعٍ ورقابة، ولديهِ الكثيرُ من الأدواتِ الدستورية التي عليهِ استغلالُها بأفضلِ الصور.

مع الأخذِ بالاعتبارِ أنَّ مراجعةَ قانوني الانتخابِ والأحزابِ قضيتانِ أساسيتانِ في الوصولِ إلى برلماناتٍ نوعيةٍ تضاهي البرلماناتِ في الديمقراطياتِ العريقة..

أرجو ألا أكونَ أطلتُ عليكم، وأُنهي بشكرِ أخي وصديقي رئيسِ الجمعيةِ الدكتور ممدوح العبادي وكلِّ أخٍ وأختٍ في هذهِ الجمعية، على كريمِ الدعوة وكرمِ الضيافة، والشكرُ موصولٌ إلى كلِّ الحضورِ الكريم.. سعدتُ بالحديثِ إليكم، وأسعدُ بالاستماعِ إليكُم..

والسلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير