jo24_banner
jo24_banner

ثقوب بيضاء!

حلمي الأسمر
جو 24 : على غير عادة الكثيرين، أحاول أن ابحث عن الثقوب البيضاء وسط الثوب الأسود، لا كما يفعل آخرون، حيث يبحثون عن الثقوب السوداء وسط الثوب الأبيض، ليس من باب التفاؤل والتشاؤم، فأنا لا أؤمن بهما أصلا، لأنني أؤمن فقط بالإنجاز، بل بحثا عن منطقة يتوازن فيها المرء، في كرة أرضية مضطربة ومجنونة، على نحو متزايد، بل ربما لم تمر أيام عصيبة على هذه الكرة منذ خلقت، كما هي الآن! في المشهد المحلي مثلا، نرى في عملية هدم وإعادة بناء الأجهزة الأمنية في الأردن، نوعا من التفكير الجديد، الذي يتجاوز أدبيات اعتدنا عليها، تتميز بالطبطبة واللفلفة، باعتبار أن كل شيء على ما يرام، وأننا في قمة بياضنا الناصع، حتى ليحسب المرء أننا مجتمع من الملائكة الذين لا يخطئون، الجديد في هذا الأمر، ان هناك اعترافا علنيا بالتقصير، أعقبه عمليات إجرائية فورية، طالت مسؤولين كبارا، هذا الإجراء «الكبير» يحتاج لأن يصبح نهجا، لا طفرة «جينية» عابرة، فلدى من يراقب ويرصد، كثير من البؤر التي تمتلىء بالخُرّاج، وتحتاج لفتح وتهوية، بعد أن طال عليها الأمد، وترتب على ما هي عليه، وقوع عمليات جور وظلم، ولا نقول فسادا فقط، ويحضرني هنا مثلا، ما يحدث في جامعاتنا الرسمية، التي تحتاج لعملية «نفض» جذرية، كونها «مصنع الرجال» الذي ينتج قادة المستقبل، ومن أسف، أن طريقة الإنتاج هذه يشوبها عمليات سوء كبير جدا، ينعكس على نوعية الرجال الذين تنتجهم، بعد أن تحولت بعض ساحاتها، إلى مجال للنزال والقتال، لا للاحتفال وصناعة الرجال! وفي المشهد المحلي أيضا، ثمة ثقوب أخرى، سوداء وبيضاء، خاصة فيما يتعلق بمشهد «أمنا» غير الرؤوم عمان، التي بدانا نلمس أنها تتغير حينا للأحسن وحينا للأسوأ، ولنعترف هنا أن أمينها يجتهد في تجويد العمل، ونلمس ذلك في غير مكان في الصورة، فقبل أشهر مثلا، كادت تتحول المدينة الأكثر نظافة بين المدن العربية، إلى «مكب» لولا أن تم تدارك الأمر، وبدأت ولو مرحليا، تعود إلى نظافتها المعهودة، التي اشتهرت بها ليس بين مدن العرب، بل العجم أيضا، رغم أن أحد مواقع السياحة العالمية، صنفها كثاني أكثر المدن بشاعة في العالم، تبعا لطبيعة العمران فيها، ونحن وإن لم نوافق على هذا التصنيف، إلا أننا نرى أن فيه شيئا من الوجاهة، فالمشهد العام للمدينة ليس بهذا القبح، وإن كان يحتاج لمزيد من «التجمّل»، وهنا، لا بد من استدعاء منطقة، تختلط فيها الثقوب البيضاء بالسوداء، وهي قصة الكاميرات التي زُرعت في شوارعها، لاصطياد المسرعين والمخالفين لأنظمة السير، فهذه الكاميرات تسهم ولا شك في الحد من الحوادث، وتعلم الخارجين عن القانون «الأدب» جبرا وقهرا، لكن بعضها غير منطقي في تحديد السرعة، وتشعر أن الكاميرا وُضعت لاصطياد الضحايا، أكثر من الحرص على إنقاذ الأرواح، ومثال ذلك، الشارع الممتد آخر إشارة ضوئية في شارع الشهيد، وصولا إلى أتوستراد الزرقاء، حيث حددت السرعة بستين كيلومترا، طلوعا ونزولا، وهذا أمر غير منطقي في شارع كهذا، ومن النادر أن تسيطر على مركبتك، فتلزمها بالسير الهوينى، ما يعني أنك ضحية سهلة للكاميرا، وقل مثل ذلك على شارع الأقصى باتجاه القصور الملكية، وغير ذلك كثير! وربما لنا عودة، مع ثقوب بيضاء أخرى، محليا وعربيا، وربما دوليا! الدستور
تابعو الأردن 24 على google news