في وداع الدستور
مها الشريف
جو 24 : شريط مثقل بالذكريات والاحداث، استعرضته وأنا أقرا كتاب الاستغناء عن خدماتي، وانقطاع عملي من الدستور حتى في كتابة مقالتي الاسبوعية، وبذلك انقطعت صلتي بحضن الدستور، الصرح الأول والوحيد الذي احتضنني وحبوت فيه خطواتي الاولى في عالم الصحافة والاعلام.
قرابة الثلاثين سنة قضيتها في المؤسسة، كان همي الأول العمل باخلاص دون الالتفات الى اية مكاسب مادية، وجاهة او محسوبية، عملت بصمت بمختلف المواقع .
كانت بداية عملي كسكرتيرة للوالد كامل الشريف –رحمه الله- في مكتبه كحال منزله يتنفس الاعلام ويعيش الصحافة في عصر ربيع الاعلام الاردني، ومن ثم عملت في قسم الارشيف الذي كان يعج بمختلف الصحف والمطبوعات العربية والعالمية في زمن تسيدت فيه الصحافة الورقية المشهد الاعلامي.
عشت الفترة الذهبية للدستور، وعايشت كذلك فترة هبوطها الذي لم يكن بسبب خطف الصحافة الالكترونية للقاريء فحسب، وانما بسبب عجز الدستور عن مواكبة هذا التطور الخطير في نقل الخبر، وبقيت الدستور تكابر امام السيل الجارف، بينما كان الاولى لها أن تسبح مع التيار، حتى لا تقع وتنهار كما هو حالها اليوم، فما زالت ادارتها الحالية تعتقد بأن خبرها الصحفي الركيك والمتملق هو سفينة النجاة.
وقد كان المركز الفني والمطبعة التجارية "الدجاجة التي تبيض ذهبا للمؤسسة" فما كان من الادارات الجاهلة والمتعاقبة الا والقضاء عليهما، فانهارت المؤسسة كما هو متوقع.
تذكرت الاسرة الكبيرة التي عشقتها في الدستور، وتذكرت افواج الزملاء في أروقة المبنى، وفي مكاتب تعج برفاق المهنة التي اصبحت اليوم بيوتا للاشباح، بعد ان تم فصل وتحفيز الكثير من الزملاء "المنتجين اعلاميا وفنيا" للاستقالة، ليتم ارتفاع نسبة البطالة في زمن سيطرة الحكومة التي تتغنى بمكافحة البطالة، وزيادة النمو الاقتصادي، وغيرها من مصطلحات بعيدة عن الواقع.
لتقف الدستور شاهدة اليوم على البيروقراطية والروتين، وهدم رأس المال، وتطفيش الاستثمار بسبب التدخل السافر والساذج في ادارة المؤسسة، فكانت الدستور نموذجا "لكيف تهدم مؤسسات الوطن".
غادرت الدستور حزينة عليها وانا ارى تحقق المقولة التي تتردد في اروقتها "اذا دخل الظلم مكانا افسده، واذا دخل الضمان مكانا دمره"، بعد أن اخفق صندوق استثمار الضمان الاجتماعي في أدارة الشركة فها هي الدستور مثالا حيا على اخفاقات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي كحال شركات كثيرة منها "نيزك لصناعة القوالب والمعدات"، و"المتحدة للصناعات الزجاجية" و "ملح الصافي". شركات هدمت بايدي الضمان، بسبب المزاجية في التعيين والتنفيعات الشخصية بعيدا عن المحاسبة والمتابعة والرقابة، فالمسؤولين بالمجمل يخافون من العقاب ولا يخجلون من الفشل.
مسؤولون لا يواجهون فشلهم، بل يحاربون كل نجاح لا ينسب اليهم، فيحملون الفشل كاملا على كاهلهم غير آبهين بالنتائج ولا بالاخفاقات، وهم آسياد تغيير الحقائق والالتفاف حول الميزانيات والأرقام، لا يملكون الا تأهيل الألقاب التي يحرصون عليها في المخاطبات وفي الاحاديث الشفوية عندما يهبطون بالبرشوتات على مؤسسات الوطن.
غادرت "الدستور" وانا التي اعلم بأن هذا اليوم قادم لا محالة، فلم يكن همّ ادارة الدستور سوى الانتقام وغايتها تصفية الادارات الناجحة التي تعريهم وتعري جهلهم، فكتبت مقالات كثيرة لعلي اصوب الأخطاء التي ترتكبها الادارة، ولعلهم لا يتغولون على المؤسسة وموظفيها، اعترف بأنني فشلت، وواجهت مجلس تأديبي مؤلف من زملائي، زملاء القلم، ولكن بسبب ضغوط نقابة الصحفيين الاردنيين، وتجمع "أبناء الكلمة الحرة"التي تضم نخبة من الصحفيين والاعلاميين، بغياب زملائي في الدستور خوفا من بطش مسؤوليهم، وهو أمر لا يمكن ان اقبله على نفسي وعلى زملائي، فتبع ذلك العديد من المقالات والهتافات في الاعتصامات مشيرة الى أصل الفساد صراحة، وهو الاسم الذي يتردد همسا وسرا في اروقة الدستور، فكان لا بد من الانتقام لحبي وحرصي على مؤسستي، وها أنا أقف لأدفع الثمن غير اسفة.
غادرت الصحيفة والارقام تعكس فشل الادارة التام حيث تجاوزت خسائر الدستور المعلنة على بورصة عمان من خلال البيانات الاولية ثلاثة ملايين وثمانمائة الف حيث لم تظهر ميزانية للشركة منذ عام 2013. وهي تشكل خسارة لعام واحد فقط حيث تم اطفاء الخسائر بالاحتياطيات وعلاوة الاصدار في نهاية عام 2012. وميزانية 2014 التي لم ترى النور بعد، المخفي فيها اعظم.
لا الوم الأقدار ولا الظروف ولا الزمن ولكنني الوم ادارات الدستور المتعاقبة على ضياع المؤسسة العريقة التي لم تجد من ينقذها ولا ينقذ الموظفين الذين يكتوون بنار المسؤول الذي أخطا او تجاهل عن عمد او دون عمد الى ضياع مؤسستهم وطرد زملائهم.
وجد قلمي طريقه في دروب المستقبل، فها انا اكتب على موقع جو24 الاخباري، لاواكب العصر ولاواكب الفضاء المفتوح، تجربة جديدة علي، اقوم بها وكلي استمتاع بهذا العالم الرحب الرائع.
قرابة الثلاثين سنة قضيتها في المؤسسة، كان همي الأول العمل باخلاص دون الالتفات الى اية مكاسب مادية، وجاهة او محسوبية، عملت بصمت بمختلف المواقع .
كانت بداية عملي كسكرتيرة للوالد كامل الشريف –رحمه الله- في مكتبه كحال منزله يتنفس الاعلام ويعيش الصحافة في عصر ربيع الاعلام الاردني، ومن ثم عملت في قسم الارشيف الذي كان يعج بمختلف الصحف والمطبوعات العربية والعالمية في زمن تسيدت فيه الصحافة الورقية المشهد الاعلامي.
عشت الفترة الذهبية للدستور، وعايشت كذلك فترة هبوطها الذي لم يكن بسبب خطف الصحافة الالكترونية للقاريء فحسب، وانما بسبب عجز الدستور عن مواكبة هذا التطور الخطير في نقل الخبر، وبقيت الدستور تكابر امام السيل الجارف، بينما كان الاولى لها أن تسبح مع التيار، حتى لا تقع وتنهار كما هو حالها اليوم، فما زالت ادارتها الحالية تعتقد بأن خبرها الصحفي الركيك والمتملق هو سفينة النجاة.
وقد كان المركز الفني والمطبعة التجارية "الدجاجة التي تبيض ذهبا للمؤسسة" فما كان من الادارات الجاهلة والمتعاقبة الا والقضاء عليهما، فانهارت المؤسسة كما هو متوقع.
تذكرت الاسرة الكبيرة التي عشقتها في الدستور، وتذكرت افواج الزملاء في أروقة المبنى، وفي مكاتب تعج برفاق المهنة التي اصبحت اليوم بيوتا للاشباح، بعد ان تم فصل وتحفيز الكثير من الزملاء "المنتجين اعلاميا وفنيا" للاستقالة، ليتم ارتفاع نسبة البطالة في زمن سيطرة الحكومة التي تتغنى بمكافحة البطالة، وزيادة النمو الاقتصادي، وغيرها من مصطلحات بعيدة عن الواقع.
لتقف الدستور شاهدة اليوم على البيروقراطية والروتين، وهدم رأس المال، وتطفيش الاستثمار بسبب التدخل السافر والساذج في ادارة المؤسسة، فكانت الدستور نموذجا "لكيف تهدم مؤسسات الوطن".
غادرت الدستور حزينة عليها وانا ارى تحقق المقولة التي تتردد في اروقتها "اذا دخل الظلم مكانا افسده، واذا دخل الضمان مكانا دمره"، بعد أن اخفق صندوق استثمار الضمان الاجتماعي في أدارة الشركة فها هي الدستور مثالا حيا على اخفاقات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي كحال شركات كثيرة منها "نيزك لصناعة القوالب والمعدات"، و"المتحدة للصناعات الزجاجية" و "ملح الصافي". شركات هدمت بايدي الضمان، بسبب المزاجية في التعيين والتنفيعات الشخصية بعيدا عن المحاسبة والمتابعة والرقابة، فالمسؤولين بالمجمل يخافون من العقاب ولا يخجلون من الفشل.
مسؤولون لا يواجهون فشلهم، بل يحاربون كل نجاح لا ينسب اليهم، فيحملون الفشل كاملا على كاهلهم غير آبهين بالنتائج ولا بالاخفاقات، وهم آسياد تغيير الحقائق والالتفاف حول الميزانيات والأرقام، لا يملكون الا تأهيل الألقاب التي يحرصون عليها في المخاطبات وفي الاحاديث الشفوية عندما يهبطون بالبرشوتات على مؤسسات الوطن.
غادرت "الدستور" وانا التي اعلم بأن هذا اليوم قادم لا محالة، فلم يكن همّ ادارة الدستور سوى الانتقام وغايتها تصفية الادارات الناجحة التي تعريهم وتعري جهلهم، فكتبت مقالات كثيرة لعلي اصوب الأخطاء التي ترتكبها الادارة، ولعلهم لا يتغولون على المؤسسة وموظفيها، اعترف بأنني فشلت، وواجهت مجلس تأديبي مؤلف من زملائي، زملاء القلم، ولكن بسبب ضغوط نقابة الصحفيين الاردنيين، وتجمع "أبناء الكلمة الحرة"التي تضم نخبة من الصحفيين والاعلاميين، بغياب زملائي في الدستور خوفا من بطش مسؤوليهم، وهو أمر لا يمكن ان اقبله على نفسي وعلى زملائي، فتبع ذلك العديد من المقالات والهتافات في الاعتصامات مشيرة الى أصل الفساد صراحة، وهو الاسم الذي يتردد همسا وسرا في اروقة الدستور، فكان لا بد من الانتقام لحبي وحرصي على مؤسستي، وها أنا أقف لأدفع الثمن غير اسفة.
غادرت الصحيفة والارقام تعكس فشل الادارة التام حيث تجاوزت خسائر الدستور المعلنة على بورصة عمان من خلال البيانات الاولية ثلاثة ملايين وثمانمائة الف حيث لم تظهر ميزانية للشركة منذ عام 2013. وهي تشكل خسارة لعام واحد فقط حيث تم اطفاء الخسائر بالاحتياطيات وعلاوة الاصدار في نهاية عام 2012. وميزانية 2014 التي لم ترى النور بعد، المخفي فيها اعظم.
لا الوم الأقدار ولا الظروف ولا الزمن ولكنني الوم ادارات الدستور المتعاقبة على ضياع المؤسسة العريقة التي لم تجد من ينقذها ولا ينقذ الموظفين الذين يكتوون بنار المسؤول الذي أخطا او تجاهل عن عمد او دون عمد الى ضياع مؤسستهم وطرد زملائهم.
وجد قلمي طريقه في دروب المستقبل، فها انا اكتب على موقع جو24 الاخباري، لاواكب العصر ولاواكب الفضاء المفتوح، تجربة جديدة علي، اقوم بها وكلي استمتاع بهذا العالم الرحب الرائع.