نظام الأسد أو إيران إلى الخطة (ب) في سوريا
ياسر الزعاترة
جو 24 : كانت مفارقة أن تنشر صحيفة الأخبار التابعة لحزب الله تقريرا بعنوان: “حزب الله وتيار المستقبل: نظام الأسد إلى الخطة ب”، وهي التي كانت قبل أيام تحتفل بكلام الأمين العام لحزب الله عن الانتصارات في القلمون، وعن الحزب الذي سيقاتل في كل مكان من سوريا لأجل حمايتها من “التكفيريين”، ومعها لبنان بكل تأكيد!! في التفصيل يقول تقرير الصحيفة، وهنا المفارقة: “ترتكز وجهة نظر روسيا وإيران على أن سوريا التي خبرتاها، ومن قبل خبرها النظام وحكمها بقوة؛ الموحدة والقوية، انتهت إلى غير رجعة وسقط معها وهْمُ سوريا الواحدة، والعودة بها إلى تحت سلطة الرئيس الحالي. إلا أنهما متمسكتان، حتى الآن على الأقل (لاحظ حتى الآن)، بقرار منع سقوط الأسد وانهيار نظامه من خلال منع سقوط دمشق، الأمر الذي يحمّل معركة حمص ــــ متى اندلعت ــــ بعدا جوهريا، هو أن احتفاظ النظام بها لا يحمي دمشق فحسب، بل يمكّنه من إحكام التواصل بين المدن الكبرى التي يسيطر عليه، ومن ثم طريقها إلى الساحل السوري”. (انتهى كلام الصحيفة). من الواضح أن الهزائم الأخيرة التي مني بها النظام قد تركت أثرها على نمط التفكير في طهران وموسكو، بل وفي أروقة النظام السوري، والحديث هنا يدور حول نقاش يدور في أوساط البنية الصلبة للنظام؛ العلوية منها على وجه التحديد، من تلك التي تعتقد أن سقوط النظام سيعني الكثير بالنسبة إليها، وهي ستفضل بكل تأكيد فكرة الدويلة العلوية التي تحميها إيران من الخاصرة اللبنانية، حتى لو لم تتمكن من الحصول على منافذ آمنة في الاتجاهات الأخرى، بوجود منفذ بحري. لا يعني ذلك أن مشروع الدويلة العلوية قد بدأ عمليا، فإيران التي تدعم النظام ما زالت ترى أن بوسعها إطالة المعركة وصولا إلى توفير حل إقليمي برعاية دولية يناسبها في ظل استثمارها في قصة التخويف من التكفيريين، لا سيما أنها تدرك أن مشروع الدويلة العلوية إذا ما تأسس على رؤية هزيمة لن يكون برسم الصمود، ويمكن للثوار أن يواصلوا مطاردته وصولا إلى إنهائه أيضا، لا سيما إذا كانت إيران نفسها في حالة ضعف بسبب اتساع نطاق النزيف في العراق، وبشكل أكبر في اليمن. بوسع أنصار النظام أن يروا في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة صحارى وكثبانا كما في تقرير “الأخبار”، لكن المؤكد أن سيطرته على أقل من ثلث مساحة البلاد فقط لا غير ليس أمرا هامشيا بحال، فضلا عن فقدانه السيطرة على المعابر الحدودية باستثناء المعبر مع لبنان، وزد على ذلك فقدانه السيطرة على 80 في المئة من مواقع النفط والغاز (الفوسفات أيضا). هل يمكن لنظام هذا حاله أن يستمر بأي حال من الأحوال، فضلا عن الشك في قدرته على وقف حالة التقهقر رغم استنجاده اليومي بإيران التي تجلب آلاف المقاتلين الشيعة من شتى بقاع الأرض لكي ينصروه في ظل حالة الانهيار في صفوف جيشه؟! ما يعنينا من هذا الأمر هو تأكيد التقرير إياه من صحيفة تابعة لحزب الله أن سوريا الموحدة تحت حكم آل الأسد قد انتهت إلى غير رجعة، وهذا عين الهزيمة بكل تأكيد، لا سيما إذا تذكرنا أن بشار كان حتى قبل شهور قليلة يبشر باستعادة الرقة إلى حضن الدولة السورية. أما الأمر الآخر، فهو أن الدويلة العلوية لن تكون مشروعا قابلا للحياة، والإصرار على تحصيلها دون هزيمة مدوية تعني استمرار النزيف لزمن يطول، بما يعنيه ذلك من نزيف للطائفة العلوية، ومن ورائها إيران. والخلاصة أن على إيران أن تحسبها جيدا، فتجرع كأس السم في وقت مبكر، والمجيء إلى صفقة إقليمية تسوي كل عناصر الصراع في المنطقة، خير من المكابرة الطويلة التي تكرر تجربة أمريكا في فيتنام، والأهم تجربة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، لكن ما يظهر هو أن محافظي إيران ليسوا سوى مقامرين.. يخسرون، لكنهم يزدادون تشبثا بالطاولة، ربما لأنهم يعتقدون أن فشل مشروعهم التوسعي سيعني نهايتهم لصالح الإصلاحيين في الداخل أيضا. -الدستور