ماذا بعد.. أين مشروع قانون الأحزاب من الرؤى الملكية؟
أسعد إبراهيم العزام
جو 24 : بعد شروع مجلس النواب بمناقشة قانون الاحزاب وإقراره للمواد من رقم (1-6) وعلى وجه الخصوص المادتين الثانية المتعلقة بمرجعية الأحزاب إلى وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية،والثالثة المتعلقة بتعريف الحزب السياسي التي توافقت عليها الأحزاب كما وردت في مقترح اللجنة القانونية ولجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان في مجلس النواب.
والمادة ( 6 ) المتعلقة بشروط التأسيس بإلغاء جميع تلك الشروط والإبقاء على شرط واحد فقط وحصره بعدد مؤسسين (150) شخصا.وعليه أود تسليط الضوء على سلبيات ذلك القانون :
أولا- إلغاء وتقزيم شروط التأسيس وحصرها بشرط واحد فقط وهو عدد المؤسسين الذين تم تخفيض عددهم من ( 500 ) شخص حسب القانون النافذ رقم ( 16) لسنة 2012 إلى ( 150 ) شخصا.
ثانيا-إسقاط التمثيل والإمتداد الجغرافي على مستوى محافظات المملكة
ثالثا-إسقاط شرط تمثيل المرأة والشباب
وهذا الإسقاط الغير مبرر لشروط التأسيس حتما سيؤدي إلى ما يلي:
1-زيادة مضطردة بأعداد الأحزاب السياسية ( المستنسخة ) وليس مستبعدا أن يتجاوز عددها خمسماية حزب خلال عام واحد مع إقتراب موعد الإنتخابات النيابية والبلدية.
2-تشكيل أحزاب جوفاء خالية من الفكر السياسي ومنزوعة الدسم لتحقيق طموح ورغبات الهواة الباحثين عن وضع إجتماعي معين الذين سيجدون ضالتهم في هذا القانون الذي سيتيح لهم الحصول على منصب سياسي ( رئيس أو أمين عام حزب ) وغيرها من المسميات الحزبية.
3-تمييع العمل الحزبي بشكل عام وإفراغه من مضمونه ومحتواه الرئيسي والتشجيع على الإنشقاق والإنفصال عن الأحزاب القائمة حاليا وعددها (36) حزبا وتفتيتها كمقدمة لمبررات مستقبلية لإلغاء الأحزاب بحجة عدم فاعليتها وعدم جدواها بإحداث التغيير والتأثير المطلوب.
4- خلق حالة عارمة من الفوضى السياسية على الساحة الأردنية
5-تشكيل نواة قنبلة موقوتة ستنفجر في الشارع الأردني للمطالبة بالحقوق السياسية والإمتيازات بعد حين.وهذا سيعيد إحياء الحراك السلبي الموجه من جديد،مما يصعب مستقبلا إيجاد الحلول المناسبة بسهولة،وسيكون بلا شك الثمن باهضا.
6-وضع العراقيل امام الحكومات القادمة التي ستجد نفسها مضطرة للتعامل مع هذا التحدي الكبير الذي سيعيقها ويعطلها عن أداء مهامها وأعمالها بالتفرغ للملفات المهمة صاحبة الأولويات والتي على الأغلب جاءت من أجل تنفيذها.
7-كيف لنا أن نميز ونفرق بين الأحزاب السياسية التي تأسست على قانون الأحزاب رقم ( 16 ) لسنة 2012 وبين تلك التي أسست على قانون عام 2015؟؟؟ في الدعوات الرسمية والإحتفالات الوطنية والعامة وغيرها من الأنشطة مع أن جميع تلك الأحزاب قد أسست بقرار رسمي وحسب القانون والدستور الأردني ولا يمكن لأحد إستثناء أو إقصاء أي منها عن تلك المناسبات ... فهذا يقود بلا شك إلى إستبعاد جميع الأحزاب عن المشهد السياسي وإقصائها عن المشاركة بكافة القضايا الوطنية لصعوبة جمع ممثلي أكثر من خمسماية حزب في مكان واحد بنفس الوقت.
8-هل من الممكن لنا أن نتصور حجم العمل الهائل الذي سيترتب على الوزارة المعنية بملف الأحزاب ويتطلب موظفين يفوق عدد موظفي الوزارة الموجودين حاليا،ناهيكم عما يتطلبه ذلك من مصاريف ونفقات مالية لن تعود على الوطن بالنفع ؟؟؟ لعدم توفر الجدية عند غالبية الأحزاب التي ستولد مشوهة بسبب هذا القانون.
9-وبالرغم من وجود بعض الإيجابيات في مسودة مشروع هذا القانون الذي تقدمت به اللجنة القانونية ولجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان،إلا أنه يحتوي على ثغرة خطيرة جدا وهي:
إذ أن إلغاء شروط التأسيس وحصرها فقط بعدد المؤسسين وتخفيض عددهم ليكونوا ( 150 ) عضوا مؤسسا وربط باقي الشروط الواردة في قانون الأحزاب رقم ( 16 ) لسنة 2012 المتمثلة ب ( السبع محافظات بنسبة 10 % من كل محافظة.ونسبة المرأة 15 % وتمثيلها أيضا في هيئات قيادة الحزب بنسبة 10 % .والشباب بنسبة 10 % ) بنظام التمويل من شأنه أن يعزز بشكل كبير بروز المال السياسي على الساحة الحزبية ليكون حاضرا بقوة في الإنتخابات النيابية والبلدية التي دنا موعدها.
ومن هنا أرى بأن الكثيرين من أصحاب رؤوس الأموال سيعملوا على تأسيس أحزاب سياسية أشبه ( بزواج المتعة ) الغاية منها فقط هي خوض الإنتخابات النيابية على وجه التحديد لأنها المطمع الأوحد والأهم لهم والتي سينافسون فيها بشراسة للفوز بمعظم مقاعد القائمة الحزبية إن وجدت أو غيرها من القوائم في مشروع قانون الإنتخاب الجديد.مدعومين بكتلة مالية ضحمة ستعمل على قلب الموازين لصالح رأس المال.ولن أستبعد فرضية عدم تمكن أي من الأحزاب القائمة حاليا من الوصول إلى مجلس النواب.ناهيكم عن الزيادة الكبيرة التي سنشهدها بعدد القوائم الحزبية التي ستتجاوز كثيرا ال ( 61 ) قائمة التي خاضت الإنتخابات النيابية الماضية.
ويمكن لنا الخروج من هذا المأزق بإحدى هاتين الطريقتين وأنا شخصيا أميل إلى الإختيار الأول :
1-الإبقاء على كافة شروط التأسيس الواردة في قانون الأحزاب رقم ( 16 ) لسنة 2012 وتضمينها للقانون الجديد للعام 2015 ورفع عدد المؤسسين كحد أدنى إلى ( 1000 ) شخص كشروط يتوجب الوفاء بها لتشكيل الحزب.
2-ربط مشاركة الحزب في الإنتخابات النيابية بإستكماله لكافة الشروط الواردة لغايات التأسيس والتمويل كشرط أساسي لخوض الإنتخابات النيابية على القائمة الحزبية.
وبهذا نكون قد قطعنا الطريق على إستخدام المال السياسي إلى حد ما في الانتخابات النيابية والبلدية واللامركزية مستقبلا إذا ما تم إقرار قانونها.
حيث أننا ما زلنا نكافح تلك الظاهرة السلبية ونعمل على الحد من إنتشارها التي أصبحت سمة غالبة ومهيمنة بقوة على الإنتخابات في الأردن على إختلاف مستوياتها وخصوصا النيابية منها.
وقبل ان نقرر تقليد ونقل التجارب الديموقراطية الغربية بصورها ونماذجها الحالية التي تتيح لشخص واحد من تشكيل حزب وفتح الباب على مصرعيه لتشكيل الأحزاب السياسية بدون أية شروط أو ضوابط ... يجب علينا بداية أن نعمل على نشر الثقافة السياسية والحزبية في المجتمع الأردني وخصوصا بين فئة الشباب وإزالة كافة المعوقات والقيود التشريعية والقانونية التي تقف حاجزا منيعا أمام إنتشار الفكر الحزبي في المجتمع الأردني الذي يسيطر على عقلية مواطنيه وخصوصا فئة الشباب،الأكثر عزوفا وبعدا عن العمل الحزبي لكونها الأكثر تضررا وخوفا على مستقبلها.
وهنا لا بد لنا من طرح بعض التساؤلات: 1-هل يأتي مشروع هذا القانون منسجما ومطابقا مع رؤى جلالة الملك التي جاءت في الأوراق النقاشية الملكية التي أكدت على أهمية وجود أحزاب سياسية فاعلة ومؤثرة على الساحة الأردنية،ممتدة على مستوى الوطن ؟؟؟
2-هل هذه الأحزاب التي ستولد من أب غير شرعي هي التي أشار إليها جلالة سيدنا بأوراقه النقاشية التي ستتشكل منها الحكومات البرلمانية الحزبية مستقبلا ؟؟؟
3-هل هذا القانون ينسجم مع رؤى جلالة الملك بدعوته للشباب بالمشاركة السياسية وحثهم على الإنخراط بالعمل الحزبي؟؟؟
4-هل سيتيح هذا القانون تمثيلا أكبر للمرأة وتمكينا أوسع لها بالمشاركة السياسية تحقيقا لرؤى جلالة الملك؟؟؟
5-هل سيشجع هذا القانون الأحزاب على تنفيذ رؤى صاحب الجلالة بتشكيل الإئتلافات بين الأحزاب وصولا إلى الإندماج فيما بينها،ليتشكل لدينا مستقبلا ثلاثة تيارات حزبية ؟؟؟
6-أليس إقرار القانون بصيغته الحالية يمثل إستهتارا وإستخفافا بالعمل الحزبي والقوى الوطنية ويجعل العمل الحزبي لعبة متاحة بيد كل من يشاء أن يلهو ويمرح حسب مزاجيته وأهوائه؟؟؟
7- القانون النافذ لم يمضي عليه سوى عامين.إذا ما الغاية والهدف من إقرار قانون جديد للأحزاب إن لم يرتقي إلى مستوى الإصلاح المطلوب أو لم يحقق الحد الأدنى من مطالب الأحزاب والقوى الوطنية؟؟؟
من هنا وتطبيقا للقاعدة التي تقول:
" درء المفسدة أوجب من جلب المنفعة "
فالأوجب الإبقاء على كافة الشروط المتعلقة بتأسيس الأحزاب الواردة في القانون النافذ حاليا رقم ( 16 ) لسنة 2012 ،مع رفع عدد المؤسسين كحد أدنى إلى ( 1000 ) شخص إن لم يكن أكثر ... مع الأخذ بالتوصيات الواردة في مسودة مشروع القانون موضوع الخلاف فيما يتعلق ب:
1-تنزيل سن العضو المؤسس الى 18 عاما بدلا من 21
2-تغيير مرجعية الأحزاب لتكون وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية بدلا من الداخلية
3-إلغاء مواد العقوبات الواردة في القانون
4-رفع المبلغ المخصص كرواتب للعاملين في الحزب.
5-رفع نسبتي تمثيل المرأة والشباب في الهيئات العامة والقيادية
6-الحوافز الإضافية في نظام التمويل المالي والتوسع فيها بإضافة منح حوافز مالية لكل حزب عن ( إمتلاكه للقنوات الفضائية والمحطات الإذاعية والصحف اليومية والاسبوعية والدوريات والمجلات والمواقع الإلكترونية ومراكز الدراسات ) وإقامة المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تعود بالنفع العام على المجتمع الأردني والمشاركة في إيجاد الحلول للقضايا الوطنية. وغيرها من المعايير التي تحفز وتشجع الأحزاب على المشاركة في الحياة العامة لتكون أحزاب فاعلة ومؤثرة على الساحة السياسية كما يريدها سيد البلاد –حفظه الله ورعاه-
فكم أثار هذا القانون من جلبة حوله.وهل لنا أن نتوقع ما سيثيره قانون الإنتخاب من جدل واسع ؟؟؟ أعتقد جازما بأن مشروع قانون الإنتخاب ايضا سيثير جدلا واسعا وزوبعة كبيرة جدا لن تهدأ رياحها،لأنه أعد بنفس الطريقة التي أعد فيها قانون الأحزاب ... ناهيكم عن كونه يمس مستقبل جميع أطياف ومكونات المجتمع الأردني.
ويبقى سؤالا أخيرا ألا وهو : لماذا كل هذا التساهل والتهاون إلى هذه الدرجة في تأسيس الأحزاب مع أننا سنعود لاحقا لتطبيق شروط التأسيس الوادرة في القانون رقم ( 16 ) لسنة 2012 لمنح التمويل؟؟؟ أليس هذا القانون ينفي الجدية عن العمل الحزبي ويجعله ألعوبة بيد الهواة ويقتل طموح جميع القوى الوطنية الجادة التي تعمل من أجل مصلحة ورفعة الوطن تحت الراية الهاشمية؟؟؟
* الكاتب رئيس جمعية حداثة للتنمية والديمقراطية
والمادة ( 6 ) المتعلقة بشروط التأسيس بإلغاء جميع تلك الشروط والإبقاء على شرط واحد فقط وحصره بعدد مؤسسين (150) شخصا.وعليه أود تسليط الضوء على سلبيات ذلك القانون :
أولا- إلغاء وتقزيم شروط التأسيس وحصرها بشرط واحد فقط وهو عدد المؤسسين الذين تم تخفيض عددهم من ( 500 ) شخص حسب القانون النافذ رقم ( 16) لسنة 2012 إلى ( 150 ) شخصا.
ثانيا-إسقاط التمثيل والإمتداد الجغرافي على مستوى محافظات المملكة
ثالثا-إسقاط شرط تمثيل المرأة والشباب
وهذا الإسقاط الغير مبرر لشروط التأسيس حتما سيؤدي إلى ما يلي:
1-زيادة مضطردة بأعداد الأحزاب السياسية ( المستنسخة ) وليس مستبعدا أن يتجاوز عددها خمسماية حزب خلال عام واحد مع إقتراب موعد الإنتخابات النيابية والبلدية.
2-تشكيل أحزاب جوفاء خالية من الفكر السياسي ومنزوعة الدسم لتحقيق طموح ورغبات الهواة الباحثين عن وضع إجتماعي معين الذين سيجدون ضالتهم في هذا القانون الذي سيتيح لهم الحصول على منصب سياسي ( رئيس أو أمين عام حزب ) وغيرها من المسميات الحزبية.
3-تمييع العمل الحزبي بشكل عام وإفراغه من مضمونه ومحتواه الرئيسي والتشجيع على الإنشقاق والإنفصال عن الأحزاب القائمة حاليا وعددها (36) حزبا وتفتيتها كمقدمة لمبررات مستقبلية لإلغاء الأحزاب بحجة عدم فاعليتها وعدم جدواها بإحداث التغيير والتأثير المطلوب.
4- خلق حالة عارمة من الفوضى السياسية على الساحة الأردنية
5-تشكيل نواة قنبلة موقوتة ستنفجر في الشارع الأردني للمطالبة بالحقوق السياسية والإمتيازات بعد حين.وهذا سيعيد إحياء الحراك السلبي الموجه من جديد،مما يصعب مستقبلا إيجاد الحلول المناسبة بسهولة،وسيكون بلا شك الثمن باهضا.
6-وضع العراقيل امام الحكومات القادمة التي ستجد نفسها مضطرة للتعامل مع هذا التحدي الكبير الذي سيعيقها ويعطلها عن أداء مهامها وأعمالها بالتفرغ للملفات المهمة صاحبة الأولويات والتي على الأغلب جاءت من أجل تنفيذها.
7-كيف لنا أن نميز ونفرق بين الأحزاب السياسية التي تأسست على قانون الأحزاب رقم ( 16 ) لسنة 2012 وبين تلك التي أسست على قانون عام 2015؟؟؟ في الدعوات الرسمية والإحتفالات الوطنية والعامة وغيرها من الأنشطة مع أن جميع تلك الأحزاب قد أسست بقرار رسمي وحسب القانون والدستور الأردني ولا يمكن لأحد إستثناء أو إقصاء أي منها عن تلك المناسبات ... فهذا يقود بلا شك إلى إستبعاد جميع الأحزاب عن المشهد السياسي وإقصائها عن المشاركة بكافة القضايا الوطنية لصعوبة جمع ممثلي أكثر من خمسماية حزب في مكان واحد بنفس الوقت.
8-هل من الممكن لنا أن نتصور حجم العمل الهائل الذي سيترتب على الوزارة المعنية بملف الأحزاب ويتطلب موظفين يفوق عدد موظفي الوزارة الموجودين حاليا،ناهيكم عما يتطلبه ذلك من مصاريف ونفقات مالية لن تعود على الوطن بالنفع ؟؟؟ لعدم توفر الجدية عند غالبية الأحزاب التي ستولد مشوهة بسبب هذا القانون.
9-وبالرغم من وجود بعض الإيجابيات في مسودة مشروع هذا القانون الذي تقدمت به اللجنة القانونية ولجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان،إلا أنه يحتوي على ثغرة خطيرة جدا وهي:
إذ أن إلغاء شروط التأسيس وحصرها فقط بعدد المؤسسين وتخفيض عددهم ليكونوا ( 150 ) عضوا مؤسسا وربط باقي الشروط الواردة في قانون الأحزاب رقم ( 16 ) لسنة 2012 المتمثلة ب ( السبع محافظات بنسبة 10 % من كل محافظة.ونسبة المرأة 15 % وتمثيلها أيضا في هيئات قيادة الحزب بنسبة 10 % .والشباب بنسبة 10 % ) بنظام التمويل من شأنه أن يعزز بشكل كبير بروز المال السياسي على الساحة الحزبية ليكون حاضرا بقوة في الإنتخابات النيابية والبلدية التي دنا موعدها.
ومن هنا أرى بأن الكثيرين من أصحاب رؤوس الأموال سيعملوا على تأسيس أحزاب سياسية أشبه ( بزواج المتعة ) الغاية منها فقط هي خوض الإنتخابات النيابية على وجه التحديد لأنها المطمع الأوحد والأهم لهم والتي سينافسون فيها بشراسة للفوز بمعظم مقاعد القائمة الحزبية إن وجدت أو غيرها من القوائم في مشروع قانون الإنتخاب الجديد.مدعومين بكتلة مالية ضحمة ستعمل على قلب الموازين لصالح رأس المال.ولن أستبعد فرضية عدم تمكن أي من الأحزاب القائمة حاليا من الوصول إلى مجلس النواب.ناهيكم عن الزيادة الكبيرة التي سنشهدها بعدد القوائم الحزبية التي ستتجاوز كثيرا ال ( 61 ) قائمة التي خاضت الإنتخابات النيابية الماضية.
ويمكن لنا الخروج من هذا المأزق بإحدى هاتين الطريقتين وأنا شخصيا أميل إلى الإختيار الأول :
1-الإبقاء على كافة شروط التأسيس الواردة في قانون الأحزاب رقم ( 16 ) لسنة 2012 وتضمينها للقانون الجديد للعام 2015 ورفع عدد المؤسسين كحد أدنى إلى ( 1000 ) شخص كشروط يتوجب الوفاء بها لتشكيل الحزب.
2-ربط مشاركة الحزب في الإنتخابات النيابية بإستكماله لكافة الشروط الواردة لغايات التأسيس والتمويل كشرط أساسي لخوض الإنتخابات النيابية على القائمة الحزبية.
وبهذا نكون قد قطعنا الطريق على إستخدام المال السياسي إلى حد ما في الانتخابات النيابية والبلدية واللامركزية مستقبلا إذا ما تم إقرار قانونها.
حيث أننا ما زلنا نكافح تلك الظاهرة السلبية ونعمل على الحد من إنتشارها التي أصبحت سمة غالبة ومهيمنة بقوة على الإنتخابات في الأردن على إختلاف مستوياتها وخصوصا النيابية منها.
وقبل ان نقرر تقليد ونقل التجارب الديموقراطية الغربية بصورها ونماذجها الحالية التي تتيح لشخص واحد من تشكيل حزب وفتح الباب على مصرعيه لتشكيل الأحزاب السياسية بدون أية شروط أو ضوابط ... يجب علينا بداية أن نعمل على نشر الثقافة السياسية والحزبية في المجتمع الأردني وخصوصا بين فئة الشباب وإزالة كافة المعوقات والقيود التشريعية والقانونية التي تقف حاجزا منيعا أمام إنتشار الفكر الحزبي في المجتمع الأردني الذي يسيطر على عقلية مواطنيه وخصوصا فئة الشباب،الأكثر عزوفا وبعدا عن العمل الحزبي لكونها الأكثر تضررا وخوفا على مستقبلها.
وهنا لا بد لنا من طرح بعض التساؤلات: 1-هل يأتي مشروع هذا القانون منسجما ومطابقا مع رؤى جلالة الملك التي جاءت في الأوراق النقاشية الملكية التي أكدت على أهمية وجود أحزاب سياسية فاعلة ومؤثرة على الساحة الأردنية،ممتدة على مستوى الوطن ؟؟؟
2-هل هذه الأحزاب التي ستولد من أب غير شرعي هي التي أشار إليها جلالة سيدنا بأوراقه النقاشية التي ستتشكل منها الحكومات البرلمانية الحزبية مستقبلا ؟؟؟
3-هل هذا القانون ينسجم مع رؤى جلالة الملك بدعوته للشباب بالمشاركة السياسية وحثهم على الإنخراط بالعمل الحزبي؟؟؟
4-هل سيتيح هذا القانون تمثيلا أكبر للمرأة وتمكينا أوسع لها بالمشاركة السياسية تحقيقا لرؤى جلالة الملك؟؟؟
5-هل سيشجع هذا القانون الأحزاب على تنفيذ رؤى صاحب الجلالة بتشكيل الإئتلافات بين الأحزاب وصولا إلى الإندماج فيما بينها،ليتشكل لدينا مستقبلا ثلاثة تيارات حزبية ؟؟؟
6-أليس إقرار القانون بصيغته الحالية يمثل إستهتارا وإستخفافا بالعمل الحزبي والقوى الوطنية ويجعل العمل الحزبي لعبة متاحة بيد كل من يشاء أن يلهو ويمرح حسب مزاجيته وأهوائه؟؟؟
7- القانون النافذ لم يمضي عليه سوى عامين.إذا ما الغاية والهدف من إقرار قانون جديد للأحزاب إن لم يرتقي إلى مستوى الإصلاح المطلوب أو لم يحقق الحد الأدنى من مطالب الأحزاب والقوى الوطنية؟؟؟
من هنا وتطبيقا للقاعدة التي تقول:
" درء المفسدة أوجب من جلب المنفعة "
فالأوجب الإبقاء على كافة الشروط المتعلقة بتأسيس الأحزاب الواردة في القانون النافذ حاليا رقم ( 16 ) لسنة 2012 ،مع رفع عدد المؤسسين كحد أدنى إلى ( 1000 ) شخص إن لم يكن أكثر ... مع الأخذ بالتوصيات الواردة في مسودة مشروع القانون موضوع الخلاف فيما يتعلق ب:
1-تنزيل سن العضو المؤسس الى 18 عاما بدلا من 21
2-تغيير مرجعية الأحزاب لتكون وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية بدلا من الداخلية
3-إلغاء مواد العقوبات الواردة في القانون
4-رفع المبلغ المخصص كرواتب للعاملين في الحزب.
5-رفع نسبتي تمثيل المرأة والشباب في الهيئات العامة والقيادية
6-الحوافز الإضافية في نظام التمويل المالي والتوسع فيها بإضافة منح حوافز مالية لكل حزب عن ( إمتلاكه للقنوات الفضائية والمحطات الإذاعية والصحف اليومية والاسبوعية والدوريات والمجلات والمواقع الإلكترونية ومراكز الدراسات ) وإقامة المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تعود بالنفع العام على المجتمع الأردني والمشاركة في إيجاد الحلول للقضايا الوطنية. وغيرها من المعايير التي تحفز وتشجع الأحزاب على المشاركة في الحياة العامة لتكون أحزاب فاعلة ومؤثرة على الساحة السياسية كما يريدها سيد البلاد –حفظه الله ورعاه-
فكم أثار هذا القانون من جلبة حوله.وهل لنا أن نتوقع ما سيثيره قانون الإنتخاب من جدل واسع ؟؟؟ أعتقد جازما بأن مشروع قانون الإنتخاب ايضا سيثير جدلا واسعا وزوبعة كبيرة جدا لن تهدأ رياحها،لأنه أعد بنفس الطريقة التي أعد فيها قانون الأحزاب ... ناهيكم عن كونه يمس مستقبل جميع أطياف ومكونات المجتمع الأردني.
ويبقى سؤالا أخيرا ألا وهو : لماذا كل هذا التساهل والتهاون إلى هذه الدرجة في تأسيس الأحزاب مع أننا سنعود لاحقا لتطبيق شروط التأسيس الوادرة في القانون رقم ( 16 ) لسنة 2012 لمنح التمويل؟؟؟ أليس هذا القانون ينفي الجدية عن العمل الحزبي ويجعله ألعوبة بيد الهواة ويقتل طموح جميع القوى الوطنية الجادة التي تعمل من أجل مصلحة ورفعة الوطن تحت الراية الهاشمية؟؟؟
* الكاتب رئيس جمعية حداثة للتنمية والديمقراطية