عن أزمة الإخوان من جديد والحاجة لخطوة كبيرة
ياسر الزعاترة
جو 24 : في قراءة البيان الذي صدر قبل أيام عن عدد كبير من الشخصيات الإخوانية، يمكن القول إنه يعكس الحيرة التي تنتاب القوم جراء الأزمة التي تعيشها الجماعة، وربما يعكس الخلاف الذي دار في الاجتماع حول ما ينبغي عمله لتجاوز الوضع الراهن.
بصرف النظر عن تفاصيل البيان الذي أصدروه، فإن اللافت أنهم وضعوا خيارا يتعلق بإنشاء حزب سياسي جديد، من دون ترك الجماعة، في تجاوز لحزب موجود ومرخص (جبهة العمل الإسلامي)، والنتيجة هي إفشال الحزب الموجود، من دون أن يملك الحزب الجديد فرصة للنجاح، فضلا عما يمكن أن يترتب على ذلك من خطوات قد يتخذها الطرف الآخر ردا على موقف كهذا؛ هو من الناحية العملية أكثر تأثيرا من الخطوة التي اتخذها جماعة ما تسمى مبادرة زمزم.
بالنسبة للفريق الذي ذهب نحو ترخيص جمعية باسم الإخوان، يمكن القول إنه فشل فشلا لا جدال فيه، وهو حين يجعل معركته تتعلق بمقرات لا قيمة لها من الناحية العملية، مع جعل نفسه ممراً لكل خطوة تتخذ ضد الجماعة، فقد حكم على نفسه بالعزلة التامة عن قواعد الجماعة.
المشكلة هي في الفريق الذي انحاز إلى الجماعة، ولم يذهب في الاتجاه إياه، لكنه لم يجد من الطرف الممسك بالقرار ما يكفي لإقناعه باستئناف نشاطه، وهو يستحق أن يُنظر إليهم بمنظار مختلف.
في ظني، ويجب أن يقال هذا، أن الكرة الآن هي في ملعب القيادة الحالية للجماعة، والتي أكاد أجزم أنه لو كان زكي بني ارشيد بينها، لكان له موقف مختلف، هو الذي كان مضى في اتجاه حل معقول حين تفاهم مع إخوانه على تولي سالم الفلاحات لقيادة الحزب، قبل أن يُفاجأ بخطوة تستحق أن تسمى خاطئة، بنقض الاتفاق بتبريرات غير مقنعة من زملائه.
لقد آن لقيادة الجماعة الحالية أن تقتنع بأن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر ويثمر، ليس لأن الطرف الرسمي لا يريده، بل لأنه سيبقي الجماعة في حالة من الارتباك، بوجود ما يشبه الانشقاق النفسي في صفوفها، حتى لو بقيت متماسكة في الظاهر، والتنازع والفشل لا يعني الانشقاق بالضرورة، فضلا عن أن يذهب الوضع نحو ذلك بالفعل، كما هو الحال بعد تلويح الشخصيات التي أشرنا إليها في المقدمة بإنشاء كيان سياسي جديد.
ليس في الأفق عمل سياسي ذو بال في الوقت الراهن، ويعود ذلك قبل كل شيء لتعقيدات المشهد المحيط في المنطقة برمتها، والذي يترقب الجميع مآلاته وتداعياته، وما هو مطلوب هو تسكين الوضع، والاحتفاظ بالمكتسبات ما أمكن، ولن يتم ذلك من دون توحد الجماعة خلف رؤية وقيادة مقنعة، ولو في الحد الأدنى.
والخلاصة أن الخطوة المطلوبة هي إرضاء الطرف الذي رفض مشروع الجمعية المرخصة، وبقي في الجماعة رغم خلافه مع قيادتها. نعم يجب إرضاء هذا الطرف، ولو بتنازلات مؤلمة إذا جاز التعبير، مع أن التنازل للإخوة لا ينبغي أن يكون كذلك، لأن الجماعات لا تدار بصناديق الاقتراع والانتخابات فقط، بل قبل ذلك بالتراضي والتفاهم، وقد آن للقيادة الحالية أن تعي أنه لا يمكن حل الأزمة إلا بذلك، بعيدا عن تعنت في غير مكانه، وبعد ذلك يذهب الجميع إلى انتخابات، من دون أن نعود إلى سياسة الحسم عبرها، وإنما عبر التوافقات التي لا بد منها في كل الأحوال، فضلا عن أن نكون إزاء وضع لديه حساسيات لا يمكن تجاوزها بحال من الأحوال من قبل أي قيادة تريد أن تضع القطار على السكة الصحيحة.
(الدستور)
بصرف النظر عن تفاصيل البيان الذي أصدروه، فإن اللافت أنهم وضعوا خيارا يتعلق بإنشاء حزب سياسي جديد، من دون ترك الجماعة، في تجاوز لحزب موجود ومرخص (جبهة العمل الإسلامي)، والنتيجة هي إفشال الحزب الموجود، من دون أن يملك الحزب الجديد فرصة للنجاح، فضلا عما يمكن أن يترتب على ذلك من خطوات قد يتخذها الطرف الآخر ردا على موقف كهذا؛ هو من الناحية العملية أكثر تأثيرا من الخطوة التي اتخذها جماعة ما تسمى مبادرة زمزم.
بالنسبة للفريق الذي ذهب نحو ترخيص جمعية باسم الإخوان، يمكن القول إنه فشل فشلا لا جدال فيه، وهو حين يجعل معركته تتعلق بمقرات لا قيمة لها من الناحية العملية، مع جعل نفسه ممراً لكل خطوة تتخذ ضد الجماعة، فقد حكم على نفسه بالعزلة التامة عن قواعد الجماعة.
المشكلة هي في الفريق الذي انحاز إلى الجماعة، ولم يذهب في الاتجاه إياه، لكنه لم يجد من الطرف الممسك بالقرار ما يكفي لإقناعه باستئناف نشاطه، وهو يستحق أن يُنظر إليهم بمنظار مختلف.
في ظني، ويجب أن يقال هذا، أن الكرة الآن هي في ملعب القيادة الحالية للجماعة، والتي أكاد أجزم أنه لو كان زكي بني ارشيد بينها، لكان له موقف مختلف، هو الذي كان مضى في اتجاه حل معقول حين تفاهم مع إخوانه على تولي سالم الفلاحات لقيادة الحزب، قبل أن يُفاجأ بخطوة تستحق أن تسمى خاطئة، بنقض الاتفاق بتبريرات غير مقنعة من زملائه.
لقد آن لقيادة الجماعة الحالية أن تقتنع بأن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر ويثمر، ليس لأن الطرف الرسمي لا يريده، بل لأنه سيبقي الجماعة في حالة من الارتباك، بوجود ما يشبه الانشقاق النفسي في صفوفها، حتى لو بقيت متماسكة في الظاهر، والتنازع والفشل لا يعني الانشقاق بالضرورة، فضلا عن أن يذهب الوضع نحو ذلك بالفعل، كما هو الحال بعد تلويح الشخصيات التي أشرنا إليها في المقدمة بإنشاء كيان سياسي جديد.
ليس في الأفق عمل سياسي ذو بال في الوقت الراهن، ويعود ذلك قبل كل شيء لتعقيدات المشهد المحيط في المنطقة برمتها، والذي يترقب الجميع مآلاته وتداعياته، وما هو مطلوب هو تسكين الوضع، والاحتفاظ بالمكتسبات ما أمكن، ولن يتم ذلك من دون توحد الجماعة خلف رؤية وقيادة مقنعة، ولو في الحد الأدنى.
والخلاصة أن الخطوة المطلوبة هي إرضاء الطرف الذي رفض مشروع الجمعية المرخصة، وبقي في الجماعة رغم خلافه مع قيادتها. نعم يجب إرضاء هذا الطرف، ولو بتنازلات مؤلمة إذا جاز التعبير، مع أن التنازل للإخوة لا ينبغي أن يكون كذلك، لأن الجماعات لا تدار بصناديق الاقتراع والانتخابات فقط، بل قبل ذلك بالتراضي والتفاهم، وقد آن للقيادة الحالية أن تعي أنه لا يمكن حل الأزمة إلا بذلك، بعيدا عن تعنت في غير مكانه، وبعد ذلك يذهب الجميع إلى انتخابات، من دون أن نعود إلى سياسة الحسم عبرها، وإنما عبر التوافقات التي لا بد منها في كل الأحوال، فضلا عن أن نكون إزاء وضع لديه حساسيات لا يمكن تجاوزها بحال من الأحوال من قبل أي قيادة تريد أن تضع القطار على السكة الصحيحة.
(الدستور)