الدكتور وليد المعاني: حتى لانواصل جلد أنفسنا.. وكي يطّلع المغيّبون
جو 24 : كتب وزير التعليم العالي الأسبق، الدكتور وليد المعاني - حتى لانواصل جلد أنفسنا، وحتى لا يقال أن أحدا لم يقم بشيء، وحتى لا نواصل مسلسل البحث عن أسباب "تردي" التعليم العالي، وحتي لا يأتي كل يوم من يريد وضع إستراتيجية جديدة للتعليم العالي، وحتى يطلع على المعلومات "المغيبة" اولئك الذين يناقشون.. لعلها تساعدهم في نقاشهم وفي إتخاذ قراراتهم. فسأعرض في هذا المقال ماذا تم تنفيذه في أستراتيجية 2007-2012 وما لم ينفذ، وما هي الأسباب لعدم التنفيذ، وما هي العراقيل التي ستقف في وجه كل من يحاول تطبيق أي نسخة من الإستراتيجيات، فكلها نسخ عن ما قيل عام 1988، راجيا أن نتذكر أن الأرقام والمعلومات الواردة صحيحة لغاية شهر نيسان 2014. والله من وراء القصد.
لن أتحدث هنا عن إستراتيجية جديدة، أو أناقش إستراتيجية الإستراتيجيات التي هي نسخة عن كل إستراتيجية كتبت وبالتالي لم يكن لها ضرورة وكان الأجدر إستكمال ماجرى ومتابعته، وإنما سيكون حديثي هنا منصبا على الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2007 ـ 2012 وماذا تم تنفيذه منها وما بقي، وبالتالي سوف يغطي الفترة من عام 2007 ولغاية 2012.
أولا: نتجت ”الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، 2007 ـ 2012" عن:
• منتدى مشروع تطوير التعليم العالي من 2000 إلى 2007.
• منتدى تطوير التعليم العالي في البحر الميت، شباط 2007.
• لقاء مجلس الوزراء مع مجلس التعليم العالي خلال يوم كامل لتقييم توصيات المنتدى، أيار 2007.
• وضعت الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، 2007 ـ-2012.
ثانيا: تبلور”مشروع تطوير التعليم العالي نحو الاقتصاد المعرفي“ من:
• رؤساء الجامعات الرسمية يتشرفون بلقاء جلالة الملك بحضور دولة الرئيس ويتلقون توجيهات سامية لتطوير القطاع، أيلول 2008.
• إجراء دراسات استشارية متخصصة بتمويل من منحة يابانية (2007-2008) تمهيدا لتحضيرمشروع متمم لمشروع تطوير التعليم العالي المنتهي في 2007.
• أطلق اسم ”مشروع تطوير التعليم العالي نحو الاقتصاد المعرفي“ على المشروع المقترح.
• عرضت الملامح الأولية للمشروع على دولة الرئيس بحضور وزراء التعليم العالي و التخطيط والتربية والتعليم (أيلول 2008).
• استكمل وضع الوثيقة الكاملة لمشروع تطوير التعليم العالي نحو الاقتصاد المعرفي في كانون الأول 2008.
وقد تبين وجود مشاكل مقلقة كالتالي:
• تنامي أعداد الطلبة المقبولين على الدراسة الجامعية بتسارع شديد.
• أزمة التمويل الجامعي.
• تراجع في جودة التعليم العالي.
• خلل في كفاية القطاع وفي استغلال الموارد المتاحة.
• خلل في تكافؤ الفرص لمن يرغب في الدراسة الجامعية.
• خلل في حاكمية القطاع وفي تطبيق أصول المساءلة.
• خلل في مخرجات كليات المجتمع.
ومن المناسب هنا إعادة التذكير بمحاور الإسترتيجية الوطنية للتعليم العالي (2007 - 2012) وهي ثمانية محاور:
• الحوكمة الرشيدة والادارة الجامعية.
• تطوير اسس القبول.
• تمويل الجامعات.
• تشجيع التعليم التقني (الفني) والتكنولوجي.
• القروض والمنح الطلابية.
• البيئة الجامعية.
• الاعتماد وضمان الجودة.
• البحث العلمي والتطوير والدراسات العليا.
ومن الظاهر والجلي أن مشروع التطوير ما هو الاّ تكرار للإستراتيجية ولم يأت بشيء جديد، وقد انتهى المشروع وفشل عندما عادت الحكومة عن وعدها بالإتفاق مع البنك الدولي للحصول على القرض اللازم للتمويل وبقيت الإستراتيجية هي التي تقود عملية التغيير والتطوير.
كانت سنة 2012 هي السنة الأخيرة من المدة الزمنية اللازمة لتحقيق استراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي (2007 -ـ 2012) وتنفيذ التوصيات الأولية لمشروع تطوير التعليم العالي والأخذ بتوصيات تقرير رؤساء الجامعات المرفوع لجلالة الملك المعظم. وكان قد تم الإنتهاء من تعديل القوانين الناظمة للتعليم العالي عام 2009 وروجعت عام 2010 لسد بعض الثغرات المتعلقة بالحوكمة الرشيدة والإدارة الجامعية (المحور رقم 1)، وعلى الرغم من ذلك فما زال الجدل يدور حول ضرورة بقاء وزارة التعليم العالي أم الغائها، وهو جدل يعتمد على رؤي مختلفة للذين يطرحونه، وعادة ماتكون حجة هؤلاء القصوى هي إعطاء الإستقلالية للجامعات ومنع وزير التعليم العالي من التدخل في شؤون الجامعة، وهو أمر يجب الا يحدث بأي حال في وجود وزارة أوعدمه أو مجلس تعليم عال أو عدمه. وهذا الجدل سببه الخلط بين استقلال الجامعة واستقلال ادارتها.
وتم كذلك انشاء هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي لتطبيق معايير الاعتماد العام والخاص على جميع مؤسسات التعليم العالي في الاردن ولضمان جودة مخرجاتها (المحور رقم 7). غير أن هذه الهيئة لم تتجاوز المعايير الترخيصية في اعمالها وأعمال إحصائية متنوعة تتعلق بأعداد الطلبة والسعات الإستيعابية للجامعات. وعلى الرغم من أن الإستراتيجية الوطنية نصت على ضرورة التزام الجامعات الحكومية بأسس الإعتماد بحلول نهاية 2012، الا أن هذا لم يحدث بل علي العكس من ذلك تبتعد الجامعات الرسمية عن تحقيق شروط الإعتماد بالأبتعاد عن الإلتزام بأعداد الطلبة كما تقررها هيئة الإعتماد. ويطالب الكثيرون الآن أن يتم تحويل مهام الإعتماد ليشمل ضمان الجودة. غير أن الهيئة معرضة للإلحاق بوزارة التعليم العالي تحت بند خفض النفقات وهو أمر غير سليم، أذ يجب بقاء الهيئة بعيدة عن الهيمنة الحكومية لدعم مصداقيتها. وهناك باب آخر للجدل المحتدم يتعلق بإمتحان للكفاءة كان، ثم الغي، ثم أعيد يهدف بحسب مؤيديه لقياس مستوى الخريجين. إمتحان كان إجباريا وسيصبح اختياريا وتشوبه هنات كثيرة ليس أقلها جدواه.
وعزز انشاء صندوق دعم البحث العلمي زيادة الانفاق على مشروعات البحث العلمي وتقديم المزيد من المنح لطلبة الدراسات العليا المتفوقين وحماية حقوق الملكية الفكرية (المحور رقم 8)، غير أن هذا الصندوق ولضمان دوامه فقد جرى الإتفاق بأن تقوم الحكومة -ونظرا لإلغاء نسبة ال 1% التي كانت تخصص من أرباح الشركات المساهمة العامة وذلك بسبب القانون الموحد للضريبة- بدفع مبلغ مساو لما تم تحصيله في عام 2009 للصندوق سنويا وقد تم هذا الإتفاق في مجلس النواب عند إقرار الموازنة، غير أن مدير الصندوق قال في تصريح في 15/12/2012 أن الصندوق سيفلس في عام 2016 لأن مالديه من الأموال (34 مليون) ملتزم به ولا يوجد نية لتمويله!!!
لقد بقيت (المحاور من 2 - 6) تعاني من عدم التعرض لها خلال السنتين الأولى (2007/2008) والثانية (2008/2009) من زمن الخطة الخمسية . وشكل (المحوران 4 و 5) مجال الجهد في السنتين الثالثة (2009/2010) والرابعة (2010/2011) وذلك من خلال الجهود المضنية التي بذلت مع الجهات الدولية والمموله وذلك لإقامه الأكاديمية العليا للتعليم التقني وكذلك إنشاء بنك ألإقراض الطلابي.
لقد جابه قانون الأكاديمية العليا للتعليم التقني (المحور4) معارضة شديدة في مجلس النواب على أساس أن الأردن ليس بحاجة لهيئة مستقلة جديده ، وفشلت كل الجهود في اقناع السادة أعضاء المجلس بأن ألأكاديمية هي في حقيقة الأمر جامعة بمسمى مختلف وتم سحب القانون بعد ذلك في عام 2011. لقد جرت إعادة بحث الموضوع في عام 2012 ولكن تحت باب ضم كليات متوسطة لبعض الجامعات المجاورة لها (11/3/2012)، بحيث تقوم الجامعات بمنح شهادات دبلوم في تخصصات تقنية. وعلى الرغم من وجود تجربة ماثلة للعيان تحاول الدولة وضعها على طريقها الصحيح وهي جامعة البلقاء التطبيقية (كانت أساسا تطبيقية ثم تحولت لجامعة تمنح درجات الماجستير والدكتوراة) الا أن هناك من يصر على استنساخ هذه التجربة في جامعات أخرى، وعليه مازال الموضوع معلقا لغاية الآن.
لقد كانت فكرة إنشاء بنك الإقراض الطلابي فكرة رائدة من جميع النواحي. فهو إقتراض بلا فوائد وبلا ضمانات، وبفترة سماح مدتها سنتان ومدة تسديد طولها ثمان سنوات. وقد وافقت كل الوكالات الدولية المالية ووكالات ضمان القروض وضمان الودائع على المشروع الذى كان سيمول ٤٠ الف طالب، ونسي المشروع بعد رحيل الوزارة التي كانت مهتمة بأمره.
لقد توصلت كل الجهات التي بحثت في موضوع إنشاء بنك الإقراض الطلابي إلى أن وزارة التعليم العالي ليس لديها القدرة على إدارة عملية الإقراض حتى بصورتها الحالية (عن طريق صندوق دعم الطالب) والتي تعتريها مشاكل بيروقراطية من أهمها أن يدفع الطالب أولا رسومه ثم تسدد الوزارة عنه الرسوم بعد عدد من الشهور، وعليه فإنه من المناسب أن تكون إدارة البنك (في حال إنشائه) لجهة مالية قادرة على إدارة القروض ومتابعتها.
لقد طفى (المحور 6) والمتعلق بالبيئة الجامعية على السطح بصورة مزعجة إبتداء من عام 2009 وذلك من خلال إحدى المكونات وهي العنف الجامعي وقد ازداد بحيث تم بحث الأمر في جهتين رسميتين مختلفتين عام 2010 توصلتا لنفس النتائج وهما:
• المجلس الإقتصادي الإجتماعي.
• مركز الدراسات الإسترتيجية في الجامعة الأردنية بتكليف وتمويل من وزارة البحث العلمي.
وقد تشكلت بعد ظهور النتائج والتوصيات مجموعة وزارية لبحث الحلول، توصلت لنتائج ونسبت للوزارات المعنية وهي التربية والتعليم، والتعليم العالي، والشباب، وألأوقاف، والداخلية بالإجراءات الواجب اتخاذها للحد من الظاهرة. تم تعميم هذه النتائج والتوصيات على جميع الجامعات للقيام بما تراه اتنفيذها، وتم التركيز على ضرورة الإسراع في الإنتهاء من الكتاب الموحد الجديد والمبسط لتدريس التربية الوطنية للطلاب بمفهوم جديد وعلى أهمية توفير العناصر المختلفة لضمان سلوك جامعي محترم.
كان عام 2012 عام العنف الجامعي بإمتياز وعليه عادت وزارة التعليم العالي لتقديم مشروع لإعطاء صفة الضابطة العدلية للأمن الجامعي في بداية عام 2012، وتم البحث في النظام الموحد لتأديب الطلبة ولم يجر إقراره أو حتى التوصية بها. تم فصل أعداد من الطلبة وتم التراجع بتخفيض العقوبات على البعض. لقد تميز العنف الجامعي بميزة جديدة في 2012 بشموله الأعتداء على ممتلكات الجامعة وخارجها وإشعال الحرائق داخلها وخارجها، لا بل شارك المجتمع المحلي في هذا العنف كما حصل في جامعتي مؤتة والعلوم والتكنولوجيا. لا زال الأمر كما هو ونسمع عن شجارات جامعية/مجتمعية بين الحين والحين.
لقد كان التمويل الجامعي (المحور 3) هو الأساس في كل عمليات التطوير في مختلف أنحاء العالم فيما يختص بالجامعات الحكومية، وقد كان نقص التمويل الحكومي للجامعات تحت ذرائع بعضها صحيح وبعضها غير صحيح سببا في تحقق عجز في موازنات الكثير من الجامعات بسبب تدفق الطلبة عليها بقرارات حكومية، وبسبب مطالب مالية للعاملين. لجأت الجامعات لحل مشكلة التمويل الجامعي بفتح برامج سميت بالموازية لتحقيق الوفر المالي الذي لم تقدمه الحكومة، وقد طغى هذا البرنامج غير المنضبط وغير العادل على مصادر الدخل الأخرى وفرق بين القدرات المالية لجامعات تعج بطلبة الموازي وجامعات أخرى لا يقصد برامجها الموازية أي طلبة لأن هذه البرامج غير مرغوبة. في عام 2010 تم تخفيض عدد الطلبة المقبولين في الجامعات 10% بقرار من مجلس التعليم العالي الذي عاد وفي عام 2011 بزيادة عدد الطلبة المقبولين 20%، واستمر بنفس النهج لعام 2012 وفاقمه بصورة غير مسبوقه في الأعوام التالية.
لقد تمت في عام 2009 و 2010 محاولات للحد من هجرة أعضاء هيئة التدريس من الجامعات بسبب تدني الرواتب، بحيث وافق مجلس الوزاء على رفع رواتب أعضاء هيئة التدريس وتبعهم الإداريون عن طريق تخصيص نسب من الدخل المتحقق من الموازي، وتم وضع اللمسات الأخيرة على انفاق جديد يتعلق بزيادة للرواتب ستؤدي دون أدنى لشك لمفاقمة العجز المالي في الجامعات.
إن كلفة تعليم الطلبة بأعدادهم المتزايدة وتفاقم النفقات الجارية سيضطر بعض الجامعات الى الوصول لحالة لا يمكنها فيها من مواصلة العمل.
كانت الجامعات تتلقى عبر السنين دعمها من مصدرين:
• الدعم الحكومي المباشر (حوالي 12 مليون سنويا لكل الجامعات).
• الرسوم الإضافية التي تحصل ضمن نظام للرسوم الإضافية، وقد كانت هذه الرسوم تحفظ في حساب خاص تتقاسم دخله الجامعات الحكومية منذ أن كانت واحدة (الأردنية) الى أن اصبحت عشرا.
لقد طرا على هذه الرسوم مايلي:
سحبت من الحساب الخاص عام 1997 والحقت بالموازنة العامة، فصار منذ ذلك التاريخ "أن على الرسوم الإضافية دخول الخزينة العامة للدولة ثم الخروج منها للجامعات بعد أخذ ورد".
عندما تم وضع القانون الموحد للضريبة عام 2009 "توقف تحصيل الرسوم الإضافية لحساب الجامعات من أي مصدر"، "وتعهدت الحكومة يومها أمام مجلس النواب بدعم الجامعات بالمال و"كأن الرسوم لم تلغ"، وهو نفس التعهد الذي اشرت اليه في موضوع صندوق البحث العلمي.
قامت الحكومة بتمويل صندوق دعم الطالب من الأموال المخصصة للجامعات وذلك إعتبارا من 2004 وبلغت ذروة الإستخدام في عام 2012.
قامت الحكومة في عام 2005 بالتعهد بتسديد مديونية الجامعات، ليتبين فيما بعد أن الأموال المستخدمة في التسديد هي من الدعم الحكومي، وقد كان عام 2012 هو العام الذي تراجعت فيه وتيرة تسديد الدين وذلك بسبب استخدام بعض ما كان يستخدم لتسديده من أموال لأغراض صندوق دعم الطالب. وعلية فإن تسديد الدين الذي كان يجب أن ينتهي في عام 2014 سيستمر لعام 2016.
وعليه فإن الأموال المرصودة من الحكومة للجامعات تسير في 3 طرق:
• صندوق دعم الطالب
• تسديد المديونية
• وما تبقي يوزع على الجامعات حسبما يرى مجلس التعليم العالي وبموافقة مجلس الوزراء، وقد يكون من المناسب هنا القول أن الصحف في 17/12/2012 قالت أن الدعم الذي وصل للجامعات هو 34 مليون دينار من أصل المبلغ المرصود والبالغ 55 مليون دينار، في حين إستخدمت 19 مليون دينار في تسديد المديونية ودعم صندوق الطالب.
لم يتم الإقتراب من موضوع القبول الجامعي (المحور 2) بصورة مباشرة ولا زالت معايير القبول (شهادة الدراسة الثانوية) وآلياته (القبول الموحد) وأسسه كما هي. وقد جري في بعض السنوات تعديل للأسس وهو أساس المحور الثاني وذلك بإعطاء صلاحيات للوزير لقبول طلبة إستثناء بعدد محدد من غير الأردنيين وعدلت اسس التجسير بين الحين والآخر غير أن شيئا جذريا لم يحدث.
جرت في عام 2012 ثلاثة أحداث هامة في هذا المجال:
إعلان الديوان الملكي العامر ولأول مرة عن توقف إرسال قوائم للجامعات، بحيث أن الديوان سيدعم ماليا بعض الطلبة اللذين يتقدموا اليه شريطة حصولهم تنافسيا على مقعد جامعي.
قام الوزير بعد ما ورد في (1) أعلاه بالتحدث عن القبول الجامعي في إجتماع موسع عام، وسارع الحاضرون الى إستنتاج يتعلق بالمكرمات الآخرى وهو الأمر الذي نفاه الوزير في اليوم التالي.
شكل مجلس التعليم العالي لجنة لبحث إمكانية القبول المباشر في بعض التخصصات مثل الطب والأسنان ودكتور الصيدلة، بحيث يتم قبول ضعف عدد الطلبة في الكليات المعنية في سنة تحضيرية ثم يتم فرز الطلبة بناء على معادلة (70% من المعدل التراكمي للمواد + 30% من معدل شهادة الدراسة الثانوية) ، بحيث يبقى النصف وينتقل النصف الآخر (50%) لتخصصات هم حددوها قبل التحاقهم، وقد أحيل الأمر الى اللجنة الأكاديمية لمجلس التعليم العالي لمواصلة بحثه. إن مايسمى بالسنة التاسيسية والتي سيلتحق بها طلبة من الطب وطب الأسنان ودكتور الصيدلة تقتضي دراسة مواد مشتركة وتقتضي كذلك توحيد المناهج في هذه التخصصات لتسهيل انتقال الطلبة. قد يؤدي الأمر إن طبق لأحد ثلاثة أمور:
• أن يلتحق اللذين لم يكونوا من ضمن ال (50%) للبرنامج الموازي مباشرة والذي ترى اللجنة أن القبول فيه غير مشروط.
• أو ان يبادر هؤلاء الطلبة للتسجيل في البرنامج الموازي مباشرة، دون خوض تجربة السنة التحضيرية المشتركة مما سيؤدى لزيادة الطلب على البرنامج الموازي.
• أن يخلق النظام المقترح مشاكل إجتماعية، فعلى اللجنة البحث في كيفية ضمان مقاعد للأوائل في المحافظات، اولئك اللذين كانت مقاعدهم في هذه الكليات مضمونة واصبحت غير ذلك.
لم يبحث الأمر بعد ذهاب الوزير صاحب الإقتراح وبقي الأمر كما هو، بل لقد تمت زيادة مقاعد الكليات الطبية بصورة غير مسبوقة في جميع أنواع القبول.
إن موضوع القبول الجامعي يرتبط بسياسات تعتمد أساسا تنفيذ أحدى أهم نقاط إستراتيجية التعليم العالي 2007 ـ-2012 وهي تخفيض القبول في البرامج على مستوى البكالوريوس الأكاديمي والتوسع في البرامج التقنية بمستوياتها المختلفة وفي الدراسات العليا. لقد أكدت كثير من الدراسات أن عملية الإرتفاع بمستوى التعليم التقني وتحسين أوضاع خريجيه عن طريق زيادة رواتبهم ومساواتها بحاملي الدرجات الأكاديمية والسماح لهم بالتحرك ارتفاعا في السلم الوظيفي والإرتقاء في مسمياته أمور ضرورية لنجاحه. من هنا كان من الضروري تعديل نظام الخدمة المدنية ليحقق هذه الأمور وهو ما تم بعضه في عام 2010 ثم توقف.
يعتقد الكثيرون بضرورة جعل القبول الجامعي تنافسيا، وهو أمر مقبول لو كانت الظروف في المدارس التي تخرج الطلبة ليلتحقوا بالجامعات متساوية بحيث تكون المنافسة عادلة. غير أن واقع هذه المدارس ليس هكذا، فبعضها لم ينجح أي طالب فيها منذ سنوات وبعضها تنقصه الأبنية المناسبة والبنية التحتية الضرورية والمدرسين الأكفاء. وعلى الرغم من هذا فإن دراسات اثبتت أنه لو كان القبول تنافسيا للجميع لحصل كل على نفس مقعده دون استثناء ماعدا كليات الطب والأسنان. وهذه الأخيرة هي سبب المشكلة لرغبة الناس فيها ومحدودية مقاعدها، وعلى العموم فإن الجامعات العامة والخاصة تخرج من حاملي درجة البكالوريوس أعدادا متزايدة تلقي بهم لسوق عمل مشبع غير قادر علي توفير أعداد كبيرة ومناسبة من فرص العمل، والتي وإن توفرت بمحدودية فإن مستوى الكثيرين من الخريجين ومهاراتهم تجعلهم غير قادرين على المنافسة.
لن أتحدث هنا عن إستراتيجية جديدة، أو أناقش إستراتيجية الإستراتيجيات التي هي نسخة عن كل إستراتيجية كتبت وبالتالي لم يكن لها ضرورة وكان الأجدر إستكمال ماجرى ومتابعته، وإنما سيكون حديثي هنا منصبا على الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2007 ـ 2012 وماذا تم تنفيذه منها وما بقي، وبالتالي سوف يغطي الفترة من عام 2007 ولغاية 2012.
أولا: نتجت ”الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، 2007 ـ 2012" عن:
• منتدى مشروع تطوير التعليم العالي من 2000 إلى 2007.
• منتدى تطوير التعليم العالي في البحر الميت، شباط 2007.
• لقاء مجلس الوزراء مع مجلس التعليم العالي خلال يوم كامل لتقييم توصيات المنتدى، أيار 2007.
• وضعت الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، 2007 ـ-2012.
ثانيا: تبلور”مشروع تطوير التعليم العالي نحو الاقتصاد المعرفي“ من:
• رؤساء الجامعات الرسمية يتشرفون بلقاء جلالة الملك بحضور دولة الرئيس ويتلقون توجيهات سامية لتطوير القطاع، أيلول 2008.
• إجراء دراسات استشارية متخصصة بتمويل من منحة يابانية (2007-2008) تمهيدا لتحضيرمشروع متمم لمشروع تطوير التعليم العالي المنتهي في 2007.
• أطلق اسم ”مشروع تطوير التعليم العالي نحو الاقتصاد المعرفي“ على المشروع المقترح.
• عرضت الملامح الأولية للمشروع على دولة الرئيس بحضور وزراء التعليم العالي و التخطيط والتربية والتعليم (أيلول 2008).
• استكمل وضع الوثيقة الكاملة لمشروع تطوير التعليم العالي نحو الاقتصاد المعرفي في كانون الأول 2008.
وقد تبين وجود مشاكل مقلقة كالتالي:
• تنامي أعداد الطلبة المقبولين على الدراسة الجامعية بتسارع شديد.
• أزمة التمويل الجامعي.
• تراجع في جودة التعليم العالي.
• خلل في كفاية القطاع وفي استغلال الموارد المتاحة.
• خلل في تكافؤ الفرص لمن يرغب في الدراسة الجامعية.
• خلل في حاكمية القطاع وفي تطبيق أصول المساءلة.
• خلل في مخرجات كليات المجتمع.
ومن المناسب هنا إعادة التذكير بمحاور الإسترتيجية الوطنية للتعليم العالي (2007 - 2012) وهي ثمانية محاور:
• الحوكمة الرشيدة والادارة الجامعية.
• تطوير اسس القبول.
• تمويل الجامعات.
• تشجيع التعليم التقني (الفني) والتكنولوجي.
• القروض والمنح الطلابية.
• البيئة الجامعية.
• الاعتماد وضمان الجودة.
• البحث العلمي والتطوير والدراسات العليا.
ومن الظاهر والجلي أن مشروع التطوير ما هو الاّ تكرار للإستراتيجية ولم يأت بشيء جديد، وقد انتهى المشروع وفشل عندما عادت الحكومة عن وعدها بالإتفاق مع البنك الدولي للحصول على القرض اللازم للتمويل وبقيت الإستراتيجية هي التي تقود عملية التغيير والتطوير.
كانت سنة 2012 هي السنة الأخيرة من المدة الزمنية اللازمة لتحقيق استراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي (2007 -ـ 2012) وتنفيذ التوصيات الأولية لمشروع تطوير التعليم العالي والأخذ بتوصيات تقرير رؤساء الجامعات المرفوع لجلالة الملك المعظم. وكان قد تم الإنتهاء من تعديل القوانين الناظمة للتعليم العالي عام 2009 وروجعت عام 2010 لسد بعض الثغرات المتعلقة بالحوكمة الرشيدة والإدارة الجامعية (المحور رقم 1)، وعلى الرغم من ذلك فما زال الجدل يدور حول ضرورة بقاء وزارة التعليم العالي أم الغائها، وهو جدل يعتمد على رؤي مختلفة للذين يطرحونه، وعادة ماتكون حجة هؤلاء القصوى هي إعطاء الإستقلالية للجامعات ومنع وزير التعليم العالي من التدخل في شؤون الجامعة، وهو أمر يجب الا يحدث بأي حال في وجود وزارة أوعدمه أو مجلس تعليم عال أو عدمه. وهذا الجدل سببه الخلط بين استقلال الجامعة واستقلال ادارتها.
وتم كذلك انشاء هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي لتطبيق معايير الاعتماد العام والخاص على جميع مؤسسات التعليم العالي في الاردن ولضمان جودة مخرجاتها (المحور رقم 7). غير أن هذه الهيئة لم تتجاوز المعايير الترخيصية في اعمالها وأعمال إحصائية متنوعة تتعلق بأعداد الطلبة والسعات الإستيعابية للجامعات. وعلى الرغم من أن الإستراتيجية الوطنية نصت على ضرورة التزام الجامعات الحكومية بأسس الإعتماد بحلول نهاية 2012، الا أن هذا لم يحدث بل علي العكس من ذلك تبتعد الجامعات الرسمية عن تحقيق شروط الإعتماد بالأبتعاد عن الإلتزام بأعداد الطلبة كما تقررها هيئة الإعتماد. ويطالب الكثيرون الآن أن يتم تحويل مهام الإعتماد ليشمل ضمان الجودة. غير أن الهيئة معرضة للإلحاق بوزارة التعليم العالي تحت بند خفض النفقات وهو أمر غير سليم، أذ يجب بقاء الهيئة بعيدة عن الهيمنة الحكومية لدعم مصداقيتها. وهناك باب آخر للجدل المحتدم يتعلق بإمتحان للكفاءة كان، ثم الغي، ثم أعيد يهدف بحسب مؤيديه لقياس مستوى الخريجين. إمتحان كان إجباريا وسيصبح اختياريا وتشوبه هنات كثيرة ليس أقلها جدواه.
وعزز انشاء صندوق دعم البحث العلمي زيادة الانفاق على مشروعات البحث العلمي وتقديم المزيد من المنح لطلبة الدراسات العليا المتفوقين وحماية حقوق الملكية الفكرية (المحور رقم 8)، غير أن هذا الصندوق ولضمان دوامه فقد جرى الإتفاق بأن تقوم الحكومة -ونظرا لإلغاء نسبة ال 1% التي كانت تخصص من أرباح الشركات المساهمة العامة وذلك بسبب القانون الموحد للضريبة- بدفع مبلغ مساو لما تم تحصيله في عام 2009 للصندوق سنويا وقد تم هذا الإتفاق في مجلس النواب عند إقرار الموازنة، غير أن مدير الصندوق قال في تصريح في 15/12/2012 أن الصندوق سيفلس في عام 2016 لأن مالديه من الأموال (34 مليون) ملتزم به ولا يوجد نية لتمويله!!!
لقد بقيت (المحاور من 2 - 6) تعاني من عدم التعرض لها خلال السنتين الأولى (2007/2008) والثانية (2008/2009) من زمن الخطة الخمسية . وشكل (المحوران 4 و 5) مجال الجهد في السنتين الثالثة (2009/2010) والرابعة (2010/2011) وذلك من خلال الجهود المضنية التي بذلت مع الجهات الدولية والمموله وذلك لإقامه الأكاديمية العليا للتعليم التقني وكذلك إنشاء بنك ألإقراض الطلابي.
لقد جابه قانون الأكاديمية العليا للتعليم التقني (المحور4) معارضة شديدة في مجلس النواب على أساس أن الأردن ليس بحاجة لهيئة مستقلة جديده ، وفشلت كل الجهود في اقناع السادة أعضاء المجلس بأن ألأكاديمية هي في حقيقة الأمر جامعة بمسمى مختلف وتم سحب القانون بعد ذلك في عام 2011. لقد جرت إعادة بحث الموضوع في عام 2012 ولكن تحت باب ضم كليات متوسطة لبعض الجامعات المجاورة لها (11/3/2012)، بحيث تقوم الجامعات بمنح شهادات دبلوم في تخصصات تقنية. وعلى الرغم من وجود تجربة ماثلة للعيان تحاول الدولة وضعها على طريقها الصحيح وهي جامعة البلقاء التطبيقية (كانت أساسا تطبيقية ثم تحولت لجامعة تمنح درجات الماجستير والدكتوراة) الا أن هناك من يصر على استنساخ هذه التجربة في جامعات أخرى، وعليه مازال الموضوع معلقا لغاية الآن.
لقد كانت فكرة إنشاء بنك الإقراض الطلابي فكرة رائدة من جميع النواحي. فهو إقتراض بلا فوائد وبلا ضمانات، وبفترة سماح مدتها سنتان ومدة تسديد طولها ثمان سنوات. وقد وافقت كل الوكالات الدولية المالية ووكالات ضمان القروض وضمان الودائع على المشروع الذى كان سيمول ٤٠ الف طالب، ونسي المشروع بعد رحيل الوزارة التي كانت مهتمة بأمره.
لقد توصلت كل الجهات التي بحثت في موضوع إنشاء بنك الإقراض الطلابي إلى أن وزارة التعليم العالي ليس لديها القدرة على إدارة عملية الإقراض حتى بصورتها الحالية (عن طريق صندوق دعم الطالب) والتي تعتريها مشاكل بيروقراطية من أهمها أن يدفع الطالب أولا رسومه ثم تسدد الوزارة عنه الرسوم بعد عدد من الشهور، وعليه فإنه من المناسب أن تكون إدارة البنك (في حال إنشائه) لجهة مالية قادرة على إدارة القروض ومتابعتها.
لقد طفى (المحور 6) والمتعلق بالبيئة الجامعية على السطح بصورة مزعجة إبتداء من عام 2009 وذلك من خلال إحدى المكونات وهي العنف الجامعي وقد ازداد بحيث تم بحث الأمر في جهتين رسميتين مختلفتين عام 2010 توصلتا لنفس النتائج وهما:
• المجلس الإقتصادي الإجتماعي.
• مركز الدراسات الإسترتيجية في الجامعة الأردنية بتكليف وتمويل من وزارة البحث العلمي.
وقد تشكلت بعد ظهور النتائج والتوصيات مجموعة وزارية لبحث الحلول، توصلت لنتائج ونسبت للوزارات المعنية وهي التربية والتعليم، والتعليم العالي، والشباب، وألأوقاف، والداخلية بالإجراءات الواجب اتخاذها للحد من الظاهرة. تم تعميم هذه النتائج والتوصيات على جميع الجامعات للقيام بما تراه اتنفيذها، وتم التركيز على ضرورة الإسراع في الإنتهاء من الكتاب الموحد الجديد والمبسط لتدريس التربية الوطنية للطلاب بمفهوم جديد وعلى أهمية توفير العناصر المختلفة لضمان سلوك جامعي محترم.
كان عام 2012 عام العنف الجامعي بإمتياز وعليه عادت وزارة التعليم العالي لتقديم مشروع لإعطاء صفة الضابطة العدلية للأمن الجامعي في بداية عام 2012، وتم البحث في النظام الموحد لتأديب الطلبة ولم يجر إقراره أو حتى التوصية بها. تم فصل أعداد من الطلبة وتم التراجع بتخفيض العقوبات على البعض. لقد تميز العنف الجامعي بميزة جديدة في 2012 بشموله الأعتداء على ممتلكات الجامعة وخارجها وإشعال الحرائق داخلها وخارجها، لا بل شارك المجتمع المحلي في هذا العنف كما حصل في جامعتي مؤتة والعلوم والتكنولوجيا. لا زال الأمر كما هو ونسمع عن شجارات جامعية/مجتمعية بين الحين والحين.
لقد كان التمويل الجامعي (المحور 3) هو الأساس في كل عمليات التطوير في مختلف أنحاء العالم فيما يختص بالجامعات الحكومية، وقد كان نقص التمويل الحكومي للجامعات تحت ذرائع بعضها صحيح وبعضها غير صحيح سببا في تحقق عجز في موازنات الكثير من الجامعات بسبب تدفق الطلبة عليها بقرارات حكومية، وبسبب مطالب مالية للعاملين. لجأت الجامعات لحل مشكلة التمويل الجامعي بفتح برامج سميت بالموازية لتحقيق الوفر المالي الذي لم تقدمه الحكومة، وقد طغى هذا البرنامج غير المنضبط وغير العادل على مصادر الدخل الأخرى وفرق بين القدرات المالية لجامعات تعج بطلبة الموازي وجامعات أخرى لا يقصد برامجها الموازية أي طلبة لأن هذه البرامج غير مرغوبة. في عام 2010 تم تخفيض عدد الطلبة المقبولين في الجامعات 10% بقرار من مجلس التعليم العالي الذي عاد وفي عام 2011 بزيادة عدد الطلبة المقبولين 20%، واستمر بنفس النهج لعام 2012 وفاقمه بصورة غير مسبوقه في الأعوام التالية.
لقد تمت في عام 2009 و 2010 محاولات للحد من هجرة أعضاء هيئة التدريس من الجامعات بسبب تدني الرواتب، بحيث وافق مجلس الوزاء على رفع رواتب أعضاء هيئة التدريس وتبعهم الإداريون عن طريق تخصيص نسب من الدخل المتحقق من الموازي، وتم وضع اللمسات الأخيرة على انفاق جديد يتعلق بزيادة للرواتب ستؤدي دون أدنى لشك لمفاقمة العجز المالي في الجامعات.
إن كلفة تعليم الطلبة بأعدادهم المتزايدة وتفاقم النفقات الجارية سيضطر بعض الجامعات الى الوصول لحالة لا يمكنها فيها من مواصلة العمل.
كانت الجامعات تتلقى عبر السنين دعمها من مصدرين:
• الدعم الحكومي المباشر (حوالي 12 مليون سنويا لكل الجامعات).
• الرسوم الإضافية التي تحصل ضمن نظام للرسوم الإضافية، وقد كانت هذه الرسوم تحفظ في حساب خاص تتقاسم دخله الجامعات الحكومية منذ أن كانت واحدة (الأردنية) الى أن اصبحت عشرا.
لقد طرا على هذه الرسوم مايلي:
سحبت من الحساب الخاص عام 1997 والحقت بالموازنة العامة، فصار منذ ذلك التاريخ "أن على الرسوم الإضافية دخول الخزينة العامة للدولة ثم الخروج منها للجامعات بعد أخذ ورد".
عندما تم وضع القانون الموحد للضريبة عام 2009 "توقف تحصيل الرسوم الإضافية لحساب الجامعات من أي مصدر"، "وتعهدت الحكومة يومها أمام مجلس النواب بدعم الجامعات بالمال و"كأن الرسوم لم تلغ"، وهو نفس التعهد الذي اشرت اليه في موضوع صندوق البحث العلمي.
قامت الحكومة بتمويل صندوق دعم الطالب من الأموال المخصصة للجامعات وذلك إعتبارا من 2004 وبلغت ذروة الإستخدام في عام 2012.
قامت الحكومة في عام 2005 بالتعهد بتسديد مديونية الجامعات، ليتبين فيما بعد أن الأموال المستخدمة في التسديد هي من الدعم الحكومي، وقد كان عام 2012 هو العام الذي تراجعت فيه وتيرة تسديد الدين وذلك بسبب استخدام بعض ما كان يستخدم لتسديده من أموال لأغراض صندوق دعم الطالب. وعلية فإن تسديد الدين الذي كان يجب أن ينتهي في عام 2014 سيستمر لعام 2016.
وعليه فإن الأموال المرصودة من الحكومة للجامعات تسير في 3 طرق:
• صندوق دعم الطالب
• تسديد المديونية
• وما تبقي يوزع على الجامعات حسبما يرى مجلس التعليم العالي وبموافقة مجلس الوزراء، وقد يكون من المناسب هنا القول أن الصحف في 17/12/2012 قالت أن الدعم الذي وصل للجامعات هو 34 مليون دينار من أصل المبلغ المرصود والبالغ 55 مليون دينار، في حين إستخدمت 19 مليون دينار في تسديد المديونية ودعم صندوق الطالب.
لم يتم الإقتراب من موضوع القبول الجامعي (المحور 2) بصورة مباشرة ولا زالت معايير القبول (شهادة الدراسة الثانوية) وآلياته (القبول الموحد) وأسسه كما هي. وقد جري في بعض السنوات تعديل للأسس وهو أساس المحور الثاني وذلك بإعطاء صلاحيات للوزير لقبول طلبة إستثناء بعدد محدد من غير الأردنيين وعدلت اسس التجسير بين الحين والآخر غير أن شيئا جذريا لم يحدث.
جرت في عام 2012 ثلاثة أحداث هامة في هذا المجال:
إعلان الديوان الملكي العامر ولأول مرة عن توقف إرسال قوائم للجامعات، بحيث أن الديوان سيدعم ماليا بعض الطلبة اللذين يتقدموا اليه شريطة حصولهم تنافسيا على مقعد جامعي.
قام الوزير بعد ما ورد في (1) أعلاه بالتحدث عن القبول الجامعي في إجتماع موسع عام، وسارع الحاضرون الى إستنتاج يتعلق بالمكرمات الآخرى وهو الأمر الذي نفاه الوزير في اليوم التالي.
شكل مجلس التعليم العالي لجنة لبحث إمكانية القبول المباشر في بعض التخصصات مثل الطب والأسنان ودكتور الصيدلة، بحيث يتم قبول ضعف عدد الطلبة في الكليات المعنية في سنة تحضيرية ثم يتم فرز الطلبة بناء على معادلة (70% من المعدل التراكمي للمواد + 30% من معدل شهادة الدراسة الثانوية) ، بحيث يبقى النصف وينتقل النصف الآخر (50%) لتخصصات هم حددوها قبل التحاقهم، وقد أحيل الأمر الى اللجنة الأكاديمية لمجلس التعليم العالي لمواصلة بحثه. إن مايسمى بالسنة التاسيسية والتي سيلتحق بها طلبة من الطب وطب الأسنان ودكتور الصيدلة تقتضي دراسة مواد مشتركة وتقتضي كذلك توحيد المناهج في هذه التخصصات لتسهيل انتقال الطلبة. قد يؤدي الأمر إن طبق لأحد ثلاثة أمور:
• أن يلتحق اللذين لم يكونوا من ضمن ال (50%) للبرنامج الموازي مباشرة والذي ترى اللجنة أن القبول فيه غير مشروط.
• أو ان يبادر هؤلاء الطلبة للتسجيل في البرنامج الموازي مباشرة، دون خوض تجربة السنة التحضيرية المشتركة مما سيؤدى لزيادة الطلب على البرنامج الموازي.
• أن يخلق النظام المقترح مشاكل إجتماعية، فعلى اللجنة البحث في كيفية ضمان مقاعد للأوائل في المحافظات، اولئك اللذين كانت مقاعدهم في هذه الكليات مضمونة واصبحت غير ذلك.
لم يبحث الأمر بعد ذهاب الوزير صاحب الإقتراح وبقي الأمر كما هو، بل لقد تمت زيادة مقاعد الكليات الطبية بصورة غير مسبوقة في جميع أنواع القبول.
إن موضوع القبول الجامعي يرتبط بسياسات تعتمد أساسا تنفيذ أحدى أهم نقاط إستراتيجية التعليم العالي 2007 ـ-2012 وهي تخفيض القبول في البرامج على مستوى البكالوريوس الأكاديمي والتوسع في البرامج التقنية بمستوياتها المختلفة وفي الدراسات العليا. لقد أكدت كثير من الدراسات أن عملية الإرتفاع بمستوى التعليم التقني وتحسين أوضاع خريجيه عن طريق زيادة رواتبهم ومساواتها بحاملي الدرجات الأكاديمية والسماح لهم بالتحرك ارتفاعا في السلم الوظيفي والإرتقاء في مسمياته أمور ضرورية لنجاحه. من هنا كان من الضروري تعديل نظام الخدمة المدنية ليحقق هذه الأمور وهو ما تم بعضه في عام 2010 ثم توقف.
يعتقد الكثيرون بضرورة جعل القبول الجامعي تنافسيا، وهو أمر مقبول لو كانت الظروف في المدارس التي تخرج الطلبة ليلتحقوا بالجامعات متساوية بحيث تكون المنافسة عادلة. غير أن واقع هذه المدارس ليس هكذا، فبعضها لم ينجح أي طالب فيها منذ سنوات وبعضها تنقصه الأبنية المناسبة والبنية التحتية الضرورية والمدرسين الأكفاء. وعلى الرغم من هذا فإن دراسات اثبتت أنه لو كان القبول تنافسيا للجميع لحصل كل على نفس مقعده دون استثناء ماعدا كليات الطب والأسنان. وهذه الأخيرة هي سبب المشكلة لرغبة الناس فيها ومحدودية مقاعدها، وعلى العموم فإن الجامعات العامة والخاصة تخرج من حاملي درجة البكالوريوس أعدادا متزايدة تلقي بهم لسوق عمل مشبع غير قادر علي توفير أعداد كبيرة ومناسبة من فرص العمل، والتي وإن توفرت بمحدودية فإن مستوى الكثيرين من الخريجين ومهاراتهم تجعلهم غير قادرين على المنافسة.