jo24_banner
jo24_banner

التجريب في الاقتصاد عندما يصبح سياسة...

خالد الزبيدي
جو 24 : الاقتصاد هو علم من العلوم الاجتماعية، يعنى بدراسة عمليات الإنتاج، التوزيع، واستهلاك السلع والخدمات و دراسة اليات العرض و الطلب للسلع و الخدمات، وتوسعت علوم الاقتصاد افقيا ورأسيا، وتغطي كافة مناحي الحياة الانسانية، وان التجريبية في الاقتصاد بفروعه المتعددة عادة ما تكون في نطاق محدود ولفترة زمنية قصيرة، وسرعان ما تعود الى اعتماد قوانين الاقتصاد واليات السوق المتعارف عليها، وهذه القوانين ُتسرع وتائر التنمية، وتحقق العدالة في تحمل المسؤولية والتوزيع، وتحظر الاحتكار والاغراق، وتشجع الاستثمار، وتحمي الموارد والمنتجات المحلية.. وصولا الى ترشيد الاستهلاك والمساهمة في بناء نمط استهلاكي يساهم في تحسين الاداء الاقتصادي على المستوى الكلي.

في الاردن منذ عقود مستمرة لم تتطابق الخطط التنموية السنوية، ممثلة بالموازنة العامة للدولة سنويا، وبالبرامج التنموية لثلاث سنوات، وخمس سنوات، النتائج دائما تأتي على اخفاق وديون وعجوز مالية مستمرة ومتفاقمة، وبطالة وفقر مزمن، والسبب الرئيسي في اخفاق الجهود التنموية سياسات ممتدة من التجريب في السياسات الاقتصادية والمالية، ويصل الامر حد تغيير قرارات مالية حكومية في السنة الواحدة، وتتغير التشريعات الناظمة للحياة الاقتصادية والاستثمارية خلال فترات زمنية قصيرة، وهذه مجتمعة تنطلق من التجريبية في الاقتصاد، وتحصيل اكبر قدر ممكن من الاموال من الناس مواطنين ومستثمرين، والاصعب من ذلك ان مؤشرات الضغط المالي والكلف الاستهلاكية والاستثمارية على ارتفاع.

تعثر الجهود التنموية ليست من سمات المجتمعات والدول العصرية، فالنهوض غالبا ما يأتي متينا بعد التعثر، وهكذا سيرة الشعوب والامم، ودورة الاقتصاد (Business cycle) تمتد لفترة سبع سنوات، من الرواج وتحسن الاقتصاد وزيادة الانتاج السلعي والخدمي، ثم يبدأ الاقتصاد بالتباطؤ والانخفاض مع ارتفاع البطالة وتقلص عدد المنشآت الاقتصادية، يرافق ذلك انخفاض الطلب، وتراجع الاسعار، وتمهد بلوغ مرحلة القاع جراء نقص السيولة (انخفاض عرض النقد)، وهذه الحالة تهيئ الاقتصاد لعودة تدريجية للانتعاش والتعافي ثم العودة الى مرحلة الذروة.

الحكومات لاتستطيع التحكم الكامل بدورات الاقتصاد، لكن يمكنها تخفيف التباطؤ، وتسريع الخروج من مرحلة الركود والافلات من نقطة القاع، والتعافي تريجيا، وهذا يتطلب قرارات مالية سريعة وسياسات نقدية تحفز الطلب في الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات، لذلك على الحكومات اعتماد سياسات مالية ونقدية لتخفف من اعباء الركود، الا ان السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية في المملكة متقلبة ولاتبنى سياسات تنموية بالمعاني الاقتصادية، وهي اشبه بحالة ادارة ازمات عابرة للعقود، يدفع ثمنها المواطنون والاقتصاد الوطني.

يحاول المسؤول الرسمي تقديم مبررات تحد من التعافي وعدم تحقيق نمو كاف، وكأن التنمية والتقدم رهن بالنفط والغاز في العالم، المشكلة تكمن بالادارة، وبناء منظومة صديقة للمستثمر والمستهلك، الحلول موجودة، والامكانيات صعبة لكنها ليست مستحيلة...البداية بالابتعاد عن التجريبية المحبطة للاقتصاد.


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news