أزمة إيران أم أزمة الشيعة؟
ياسر الزعاترة
جو 24 : في واحدة من تصريحاته الطائفية الفاضحة، وما أكثرها على أية حال، قال نوري المالكي أمام تجمع عشائري أقيم في قضاء الهندية مسقط رأسه شرقي كربلاء، إن «ما يحصل في العراق ليست إلا ثورة طائفية للسنّة ضد الشيعة».
والأسئلة التي تطرح نفسه هنا، وفي سياق هذا المعارك المجنونة التي تجتاح المنطقة هو: هل حقا ما قاله المالكي صحيح؟ ثم ماذا عن الحرب في اليمن.. هل هي حرب طائفية من الشافعية ضد الزيود مثلا، وهل ما يجري في سوريا يمثل حربا طائفية من الغالبية السنّية ضد العلويين والأقليات الأخرى؟ وهل ما يجري في لبنان هو حرب من السنّة ضد الشيعة؟
الجواب بكل بساطة هو (لا) كبيرة وصارخة لولا أن موسم الهذيان الذي يتلبس السياسة الإيرانية وأتباعها في المنطقة لا يترك مجالا للعقل والمنطق، ويعمل على تجييش جحافل الشيعة على نحو غرائزي، وبالطبع كي يخوضوا حروبا مجنونة وصراعات عدمية ضد جيرانهم في الأوطان، وهو منطق ترفضه قلة عاقلة من بينهم تتعرض بدورها لحرب تشويه.
هل نسي المالكي أن العرب السنّة قد قبلوا بحصة أقل بكثير من الشيعة في عراق ما بعد الاحتلال، وذهبوا إلى انتخابات 2010، وكلهم أمل في تسوية الموقف والبحث عن الأمن والأمان في عراق موحد تقوده حكومة شيعية؟ هل نسي أنه هو لا غيره مَنْ ألجأهم من جديد إلى السلاح بعدما قمع اعتصامهم السلمي المطالب بوقف التهميش والإقصاء، في وقت كان تنظيم الدولة يفقد حاضنته الشعبية، ويتراجع إلى تنظيم سري مسلح لا أكثر؟!
هل فعل ذلك لأجل مصلحة العراق والعراقيين، وهل صبّ ما فعل في مصلحة الشيعة أنفسهم، أم كان ينفذ أجندة إيرانية عنوانها الهيمنة على العراق سياسيا واقتصاديا وثقافيا، الأمر الذي كان يستفز حتى عشائر شيعية عربية في الجنوب والوسط، بل يستفز قادة شيعة من العيار الثقيل؟!
فاصل: تصريح مقتدى الصدر عن المالكي عام 2014: «إن حكومة المالكي المدعوم من طهران وواشنطن «لم تعد تسمع لأي أحد؛ حتى صوت المرجع وفتواه، وصوت الشريك وشكواه، مدعومة من الشرق والغرب بما يستغرب له كل حكيم وعاقل». «صارت السياسة بابا للظلم والاستهتار والتظلم والامتهان، ليتربع ديكتاتور وطاغوت، فيتسلط على الأموال فينهبها، وعلى الرقاب فيقصفها، وعلى المدن فيحاربها، وعلى الطوائف فيفرقها، وعلى الضمائر فيشتريها». إن العراق «تحكمه ثلة جاءت من خلف الحدود لطالما انتظرناها لتحررنا من دكتاتورية، لتتمسك هي الأخرى بالكرسي باسم الشيعة والتشيع». انتهى الفاصل.
ما ورد أنفا يؤكد أن الأجندة الإيرانية هي ما أوصل العراق إلى ما هو عليه. نأتي إلى سوريا. ألم يفاجئ الشعب السوري العالم أجمع بثورة ضد دكتاتور فاسد؟ هل كانت هذه ثورة سنيّة ضد الشيعة، أم حتى ضد العلويين الذي هم في الأصل كفار وفق المذهب الجعفري، أم كانت ثورة ضد الدكتاتورية والفساد، وما شأن إيران كي تخوض المعركة ضد الغالبية وتدفع كلفتها بالكامل، وتورط حتى العلويين في مقتلة بشعة، لم تترك بيتا إلا ورفعت فيه رايات الحداد؟
ماذا عن اليمن؟ هل كان الزيود مهددون من قبل الشافعية السنّة، وهل كانت هذه النغمة موجودة أصلا؟ ألم يتوحد الجميع في الثورة ضد الطاغية الفاسد؟ لماذا دفعت إيران أقلية صغيرة كي تقطع مئات الكيلومترات من صعدة إلى صنعاء، وطبعا بعدما جرى تسليحها وتدريبها طوال سنوات لكي تسيطر على البلد؟!
ماذا عن لبنان؟ من قال إن السنّة كانوا سيهددون الشيعة لو سقط بشار الأسد، وهم الذي أصبحوا نافذين في البلد، ولهم حضورهم، فضلا عن سلاحهم؟ ولماذا يحدث ذلك، ولمصلحة من؟!
إن ما تهدد فعلا هو مشروع تمدد مجنون يستخدم المذهب في تحقيق مآربه، ويستند إلى أساطير وثارات تاريخية، ومن دفع الثمن ويدفعه، إلى جانب الشعب الإيراني الذي تم تبديد ثرواته، هم الشيعة، وإلى جانبهم جيرانهم السنّة، وحتى الأقليات الأخرى، والتي كان ربيع العرب يبشرها بدولة مواطنة قبل أن تضع إيران العصا في دواليبه بإجهاض ثورة سوريا.
ولأنها حرب مع مشروع توسع مجنون ولا أفق له، فإن وقفها لن يتمّ قبل أن يتجرّع أصحابه كأس السم، وبالطبع بعد أن يبلغ النزيف منهم مبلغا لا يمكنهم احتماله. أما الطرف المعتدى عليه، فلا مجال أمامه غير خوض هذه المعركة مهما كانت التكاليف.
(الدستور)
والأسئلة التي تطرح نفسه هنا، وفي سياق هذا المعارك المجنونة التي تجتاح المنطقة هو: هل حقا ما قاله المالكي صحيح؟ ثم ماذا عن الحرب في اليمن.. هل هي حرب طائفية من الشافعية ضد الزيود مثلا، وهل ما يجري في سوريا يمثل حربا طائفية من الغالبية السنّية ضد العلويين والأقليات الأخرى؟ وهل ما يجري في لبنان هو حرب من السنّة ضد الشيعة؟
الجواب بكل بساطة هو (لا) كبيرة وصارخة لولا أن موسم الهذيان الذي يتلبس السياسة الإيرانية وأتباعها في المنطقة لا يترك مجالا للعقل والمنطق، ويعمل على تجييش جحافل الشيعة على نحو غرائزي، وبالطبع كي يخوضوا حروبا مجنونة وصراعات عدمية ضد جيرانهم في الأوطان، وهو منطق ترفضه قلة عاقلة من بينهم تتعرض بدورها لحرب تشويه.
هل نسي المالكي أن العرب السنّة قد قبلوا بحصة أقل بكثير من الشيعة في عراق ما بعد الاحتلال، وذهبوا إلى انتخابات 2010، وكلهم أمل في تسوية الموقف والبحث عن الأمن والأمان في عراق موحد تقوده حكومة شيعية؟ هل نسي أنه هو لا غيره مَنْ ألجأهم من جديد إلى السلاح بعدما قمع اعتصامهم السلمي المطالب بوقف التهميش والإقصاء، في وقت كان تنظيم الدولة يفقد حاضنته الشعبية، ويتراجع إلى تنظيم سري مسلح لا أكثر؟!
هل فعل ذلك لأجل مصلحة العراق والعراقيين، وهل صبّ ما فعل في مصلحة الشيعة أنفسهم، أم كان ينفذ أجندة إيرانية عنوانها الهيمنة على العراق سياسيا واقتصاديا وثقافيا، الأمر الذي كان يستفز حتى عشائر شيعية عربية في الجنوب والوسط، بل يستفز قادة شيعة من العيار الثقيل؟!
فاصل: تصريح مقتدى الصدر عن المالكي عام 2014: «إن حكومة المالكي المدعوم من طهران وواشنطن «لم تعد تسمع لأي أحد؛ حتى صوت المرجع وفتواه، وصوت الشريك وشكواه، مدعومة من الشرق والغرب بما يستغرب له كل حكيم وعاقل». «صارت السياسة بابا للظلم والاستهتار والتظلم والامتهان، ليتربع ديكتاتور وطاغوت، فيتسلط على الأموال فينهبها، وعلى الرقاب فيقصفها، وعلى المدن فيحاربها، وعلى الطوائف فيفرقها، وعلى الضمائر فيشتريها». إن العراق «تحكمه ثلة جاءت من خلف الحدود لطالما انتظرناها لتحررنا من دكتاتورية، لتتمسك هي الأخرى بالكرسي باسم الشيعة والتشيع». انتهى الفاصل.
ما ورد أنفا يؤكد أن الأجندة الإيرانية هي ما أوصل العراق إلى ما هو عليه. نأتي إلى سوريا. ألم يفاجئ الشعب السوري العالم أجمع بثورة ضد دكتاتور فاسد؟ هل كانت هذه ثورة سنيّة ضد الشيعة، أم حتى ضد العلويين الذي هم في الأصل كفار وفق المذهب الجعفري، أم كانت ثورة ضد الدكتاتورية والفساد، وما شأن إيران كي تخوض المعركة ضد الغالبية وتدفع كلفتها بالكامل، وتورط حتى العلويين في مقتلة بشعة، لم تترك بيتا إلا ورفعت فيه رايات الحداد؟
ماذا عن اليمن؟ هل كان الزيود مهددون من قبل الشافعية السنّة، وهل كانت هذه النغمة موجودة أصلا؟ ألم يتوحد الجميع في الثورة ضد الطاغية الفاسد؟ لماذا دفعت إيران أقلية صغيرة كي تقطع مئات الكيلومترات من صعدة إلى صنعاء، وطبعا بعدما جرى تسليحها وتدريبها طوال سنوات لكي تسيطر على البلد؟!
ماذا عن لبنان؟ من قال إن السنّة كانوا سيهددون الشيعة لو سقط بشار الأسد، وهم الذي أصبحوا نافذين في البلد، ولهم حضورهم، فضلا عن سلاحهم؟ ولماذا يحدث ذلك، ولمصلحة من؟!
إن ما تهدد فعلا هو مشروع تمدد مجنون يستخدم المذهب في تحقيق مآربه، ويستند إلى أساطير وثارات تاريخية، ومن دفع الثمن ويدفعه، إلى جانب الشعب الإيراني الذي تم تبديد ثرواته، هم الشيعة، وإلى جانبهم جيرانهم السنّة، وحتى الأقليات الأخرى، والتي كان ربيع العرب يبشرها بدولة مواطنة قبل أن تضع إيران العصا في دواليبه بإجهاض ثورة سوريا.
ولأنها حرب مع مشروع توسع مجنون ولا أفق له، فإن وقفها لن يتمّ قبل أن يتجرّع أصحابه كأس السم، وبالطبع بعد أن يبلغ النزيف منهم مبلغا لا يمكنهم احتماله. أما الطرف المعتدى عليه، فلا مجال أمامه غير خوض هذه المعركة مهما كانت التكاليف.
(الدستور)