كيف يرون غزة، بعد عام من العصف المأكول؟
حلمي الأسمر
جو 24 : قبل عام تعرضت غـزة لعاصفة عاتية وغير مسبوقة من الإجرام الصهيوني الذي لم يتحرج في استخدام كل الوسائل التدميرية في محاولة منه «للقضاء على المقاومة الفلسطينية» كما زعم، فاستهدف كل متحرك ودمر البنى التحتية ومنازل المواطنين بل كل مَعلم من معالم الحياة في هذه البقعة الفلسطينية الصغيرة. بعد هذا العام، ما الذي حصل؟ هل تحقق ما أراد العدو؟ ما هو وضع المقاومة؟ لن أقول أنا، بل سأدع معلقي الصحافة العبرية هم الذين يقولون، وبلغتهم هم. أولا/ حماس نجحت في إعادة بناء منظومة الصواريخ التي كانت لها عشية / الجرف الصامد/ العصف المأكول، فمنظومة الصواريخ قصيرة المدى أعادت بنائها منذ الان. وفي المدى المتوسط هي في الطريق الى اعادة البناء، والصواريخ بعيدة المدى لا تزال حماس بعيدة عن استعادتها. «سيستغرقها بضعة اشهر اخرى حتى تعيد البناء بشكل كامل. في المواجهة التالية ستحاول حماس الحفاظ على عادة الصافرات المتواصلة وستبحث عن شركاء في ساحات اخرى، في سيناء مثلا». ثانيا/ في الجيش الاسرائيلي يقولون ان حماس ستأتي الى المعركة القادمة جاهزة اكثر. «حماس هي الاخرى استخلصت الدروس والمعركة القادمة ستبدأها بالمفاجأة. سترغب في أن تحقق النصر في اليوم الاول، مثل تسلل عدد كبير من الاشخاص الى الاراضي الاسرائيلية، القتل والخطف. والهدف: انجاز عسكري يؤدي الى انجاز سياسي لها». تمهيدا للمواجهة التالية اجريت تدريبات لكل قادة الكتائب وتعلموا جيدا الوسط التحت ارضي. ولهذا الغرض اقيمت منشأتان، في تساليم وفي منطقة فرقة غزة. يقول مصدر كبير في الجيش الإسرائيلي: «حماس عملت كثيرا كي تنقل الحرب الى الاراضي الاسرائيلية. ليس اطلاقا للصواريخ بعد الان، ليس معارك مقابل مقاتلين في القطاع. فهي تعمل على سيناريوهات ادخال القوات الى اسرائيل والتخطيط لغزو موقع عسكري، الى جانب الاستثمار في تحسين النار الصاروخية، وهي تحاول تحسين ادائها في اطلاق النار نحو البحر». ثالثا/ «حماس ستواصل القتال ضد الاحتلال وستقف على رأس المقاومة الوطنية الفلسطينية»، هكذا صرح اسماعيل هنية، رئيس حكومة حماس في قطاع غزة، قبل بضعة اشهر، عندما استعرض امام وسائل الاعلام العربية قدرات المنظمة العملياتية. وبالفعل، منذ نهاية الجرف الصامد في آب من العام الماضي ركزت حماس على اصلاح الاضرار التي لحقت بها، رفع المعنويات والدافعية وتحسين الخبرات العملياتية لرجالها. فليس اختطاف الجنود وحده تخطط له حماس في الحرب القادمة، بل وايضا احتلال مواقع للجيش الاسرائيلي، في استخدام الطائرات الصغيرة بدون طيار ووسائل قتالية متطورة واستعداد لتحمل ضربات طويلة ومستمرة من اسرائيل. رابعا/ أوصى ضباط كبار في الجيش الاسرائيلي مؤخرا وزير الدفاع موشيه بوغي يعلون النظر في فتح موسع لمعابر الحدود بين قطاع غزة واسرائيل. وحسب التوصية، التي طرحت في المداولات التي جرت في قيادة جهاز الامن، تسمح اسرائيل بخروج الاف الفلسطينيين من القطاع الى خارج البلاد عبر معبر ايرز ومن هناك الى الاردن عبر جسر اللنبي، تعيد فتح معبر البضائع الى القطاع في حاجز كرني وتوسع معبر كرم سالم، اضافة الى منح تصاريح لعمل العمال الفلسطينيين من القطاع في بلدات غلاف غزة. خامسا/ هناك خطآن كلاسيكيان يتكرران مرات عديدة، وليس عندنا فقط. الخطأ الاول هو وصف غير صحيح للواقع أو قص مغلوط للرواية. خطأ مشابه ميز فكرنا (كيهود!) عما يجري في غزة منذ 2006. «قصتنا» كانت على النحو التالي: حماس هي منظمة ارهابية سيطرت على غزة، ولهذا فان حكمها غير شرعي. فهي تحكم بالقوة نحو 1.8 مليون مواطن مسكين. ولما كان هكذا، فعلينا ان نقاطع كل من يتحدث مع حماس. وبالمقابل، من ناحية عسكرية يمكننا ان ننتصر عليها بسهولة – لان هذه منظمة ارهابية غير قوية على نحو خاص. اما الوضع الحقيقي لغزة فقد كان ولا يزال مختلفا. غزة اصبحت بحكم الامر الواقع دولة مستقلة بكل معنى الكلمة. حماس ليست منظمة ارهابية كالقاعدة، بل حركة انتخبت بشكل ديمقراطي جدا، تمثل باخلاص السكان ومدعومة منهم. لولا ذلك لما كانت تنجح في أن تجند كل المقدرات الوطنية لغزة لبناء ترسانة عسكرية على هذا القدر من الاثارة وشبكة انفاق على هذا القدر من التهديد. انتهت اقتباساتي مما كتبه كتاب صهاينة، في الذكرى الأولى للعدوان الصهيوني على غزة، وهي اقتباسات أضعها بين يدي من «صنف» حماس كحركة إرهابية! الدستور