التعذيب أسوأ من الاعتقال وتوجيه التهم
ياسر ابو هلاله
جو 24 : ما نشره السفير والوزير محمد داودية عما تعرض له نجله عمر ليس رسالة معاتبة، بل هي توثيق لجرائم بموجب القانون الأردني. فإن كان ما نشره أكاذيب، فيجب أن يحاسب عليه، وإن كان حقيقة كما تواترت الشهادات، قبل أن توثقها الرسالة وبيانات المعارضين والحراكات ومنظمات حقوق الإنسان، فإننا، حماية للدولة والنظام وحماية للمواطن والإنسان، نطالب بمحاكمة من اقترف التعذيب و"الممارسات الحاطة من الكرامة الإنسانية". وبغير ذلك، فإننا نشرع للخروج على القانون والدستور، والاحتماء بالعشيرة، وأخذ الحق باليد.
أعرف من المعتقلين رامي سحويل شخصيا، وأجزم أنه مع الإصلاح وليس مع تغيير النظام. وهو مناضل أصيل، وليس ممن اكتشفوا شجاعتهم بأثر رجعي عقب الربيع العربي، أو قادته الصدفة إلى ساحات المواجهة. وغيره مثله على ما أتوقع. ولنفترض أن المعتقلين كانوا خلية إرهابية تخطط لقلب نظام الحكم، فهل يحق لرجل الأمن بعد أن أصبحوا أمانة لديه أن يعتدي عليهم بالضرب أو الإهانة أو التعرية، وغير ذلك من ممارسات لا تولد إلا مزيدا من الغضب والمرارة والتصعيد؟
إن الأزمة تربوية ابتداء؛ فاحترام الإنسان وحقوقه لا يحتاج إلى قوانين ولوائح ومعاهدات. واليوم، أضطر لأن أكون ذاتيا من باب الشهادة بما رأيت. فقد اعتقلت في غضون أحداث معان مرتين، وفيهما لم أتعرض في المخابرات للضرب، لكن سمعت كلاما يتكرر إلى اليوم. قال لي أحدهم: "سنمحو معان عن الخريطة". والضابط المسؤول الذي سبق أن دانته محكمة التمييز بالتعذيب سخر مني باعتباري صحفيا مشهورا، وقال: "على أوسخ زنزانة". طبعا، كنت الأفضل حالا. معتقلو معان تعرضوا للتعذيب الوحشي، وإهانات بلا حدود. في أحداث الرابية وساحة النخيل لم نقرأ إلى اليوم نتائج التحقيق، مع أني يومها قلت إني مسامح بحقي الشخصي، ولا أسامح بحق شتم الذات الإلهية.
دور الأجهزة الأمنية تنفيذ القانون بالقوة، ومن حقها أن تطلق الرصاص على من يطلق الرصاص عليها. ومن حقها، ضمن حدود القانون، فض اعتصام أو تفريق مظاهرة. الشرطة لا تحمل السلاح للزينة أو لاستخدامه في الأعراس، هي الجهة الوحيدة التي تمتلك حق إطلاق الرصاص، ولكن في حدود القانون. إن الفوضى وغياب الدولة نتيجة لخروج أي طرف على القانون. لقد كتبت ضد مسدس عبدالله محادين، لكن اليوم أكتب مع حقه في محاسبة من اعتدى عليه بالضرب والإهانة في المركز الأمني. وشخصيا، لا أصدق رواية الأمن، وأطلب من جهة مستقلة، مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان، التحقيق في وقائع التعذيب.
من حق الدولة أن توجه تهما لمن تعتقد أنه خرق القانون، لكن ليس من حقها التعسف في استخدام القوة، ومط تهم إطالة اللسان بحيث تصبح خاضعة للمزاجية الأمنية. وليس من حقها أبدا التجاوز على معتقل لديها ولو بكلمة، سواء كان ناشطا أم قاتلا. دور الأمن أن يودع المتهم للمحاكمة، فقد يكون بريئا. حقيقة الوعظ غدا مملا، ما يمارس في مراكز الاعتقال مخالف للدستور والقانون والقيم، وهذا معاكس لمسار الإصلاح تماما.
الغد
أعرف من المعتقلين رامي سحويل شخصيا، وأجزم أنه مع الإصلاح وليس مع تغيير النظام. وهو مناضل أصيل، وليس ممن اكتشفوا شجاعتهم بأثر رجعي عقب الربيع العربي، أو قادته الصدفة إلى ساحات المواجهة. وغيره مثله على ما أتوقع. ولنفترض أن المعتقلين كانوا خلية إرهابية تخطط لقلب نظام الحكم، فهل يحق لرجل الأمن بعد أن أصبحوا أمانة لديه أن يعتدي عليهم بالضرب أو الإهانة أو التعرية، وغير ذلك من ممارسات لا تولد إلا مزيدا من الغضب والمرارة والتصعيد؟
إن الأزمة تربوية ابتداء؛ فاحترام الإنسان وحقوقه لا يحتاج إلى قوانين ولوائح ومعاهدات. واليوم، أضطر لأن أكون ذاتيا من باب الشهادة بما رأيت. فقد اعتقلت في غضون أحداث معان مرتين، وفيهما لم أتعرض في المخابرات للضرب، لكن سمعت كلاما يتكرر إلى اليوم. قال لي أحدهم: "سنمحو معان عن الخريطة". والضابط المسؤول الذي سبق أن دانته محكمة التمييز بالتعذيب سخر مني باعتباري صحفيا مشهورا، وقال: "على أوسخ زنزانة". طبعا، كنت الأفضل حالا. معتقلو معان تعرضوا للتعذيب الوحشي، وإهانات بلا حدود. في أحداث الرابية وساحة النخيل لم نقرأ إلى اليوم نتائج التحقيق، مع أني يومها قلت إني مسامح بحقي الشخصي، ولا أسامح بحق شتم الذات الإلهية.
دور الأجهزة الأمنية تنفيذ القانون بالقوة، ومن حقها أن تطلق الرصاص على من يطلق الرصاص عليها. ومن حقها، ضمن حدود القانون، فض اعتصام أو تفريق مظاهرة. الشرطة لا تحمل السلاح للزينة أو لاستخدامه في الأعراس، هي الجهة الوحيدة التي تمتلك حق إطلاق الرصاص، ولكن في حدود القانون. إن الفوضى وغياب الدولة نتيجة لخروج أي طرف على القانون. لقد كتبت ضد مسدس عبدالله محادين، لكن اليوم أكتب مع حقه في محاسبة من اعتدى عليه بالضرب والإهانة في المركز الأمني. وشخصيا، لا أصدق رواية الأمن، وأطلب من جهة مستقلة، مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان، التحقيق في وقائع التعذيب.
من حق الدولة أن توجه تهما لمن تعتقد أنه خرق القانون، لكن ليس من حقها التعسف في استخدام القوة، ومط تهم إطالة اللسان بحيث تصبح خاضعة للمزاجية الأمنية. وليس من حقها أبدا التجاوز على معتقل لديها ولو بكلمة، سواء كان ناشطا أم قاتلا. دور الأمن أن يودع المتهم للمحاكمة، فقد يكون بريئا. حقيقة الوعظ غدا مملا، ما يمارس في مراكز الاعتقال مخالف للدستور والقانون والقيم، وهذا معاكس لمسار الإصلاح تماما.
الغد