من طقوس العيد أيام زمان!
حلمي الأسمر
جو 24 : إحنا جماعة وَكْبَرَت، هكذا كانت الأعياد في حاراتنا، في أيام انتظار الاعلان عن عيد الفطر، كان اللعب أيام الطفولة مجبولا بالشوق، ويمتد لساعات ما بعد المغيب..
فجأة يقفز أحد منا صارخا:
وَكْبَرَت.. وَكْبَرَت.. وَكْبَرَت.. (انتبهوا للتحريك)...
وهو تعبير مشتق من تكبيرات العيد، ولا أعلم إذا كان شائعا.. أو ما إذا ما يزال مستخدما...
وَكْبَرَت.... وَكْبَرَت... وَكْبَرَت...
حينها كنا نترك كل شيء ونبدأ بالركض كلنا... نعم... «كلنا»
نحو الجامع الأبيض في سوق الناصرة القديم..
نتكدس أطفالا في الغرفة الجانبية مع مؤذن المسجد، لتعلو أصواتنا بتكبيرات العيد...
من كل النسيج الاجتماعي والديني، لا أحد يلتفت للآخر، بل الى المؤذن لنكرر من ورائه...
وفي صباح العيد، كنا نتراكض «كلنا» الى مسجد السلام، الجديد في حينه، في سنوات الستين....، في الحارة الشرقية، لنعلو درجات المئذنة الجديدة، هكذا كنا في كل الأعياد، الفطر والميلاد وأحد الشعانين و»العيدين الأكبرين» الاضحى والفصح،
تنصهر الناس في كل تقاليد الأعياد الشعبية...
يومها كان في السماء جنّة..
«وأغلب الظن» أنها لم تكن خالية ممن رحلوا حتى تلك الايام....
يومها لم يكن تكفيريون في أحيائنا... من كل الأديان...
يومها لم «ننعم» بوكلاء جدد لله على الأرض، ومن كل الأديان، كما حالنا اليوم....
وَكْبَرَت... وَكْبَرَت...
كل عام وأنتم بخير
هذه الكلمات، ليست لي، بل من ذكريات صديقي الصحفي المخضرم، ابن الناصرة، أحد أيقونات فلسطين القابضة على الجمر، #برهوم_جرايسي الصديق الذي التقيته أخيرا في دارة الصديق الصحفي محمد فرحان، ذات ليلة عمّانية حميمة!
كلمات الصديق برهوم، أبي ورد، نقلتني إلى سنوات سحيقة، حين كنا ننتظر تكبيرات العيد بفارغ الصبر، معلنة انتهاء شهر الخير، والدخول في موسم «العيد» مع ما يحمله من طقوس تحتاج إلى صفحات كثيرة لوصف مشاعرنا كأطفال، وما كنا نفعله، استعدادا للعيد، وملابسه الجديدة، والعيديات، التي كان ينقدنا إياها الأقارب.
كلمات برهوم، هنا، لها طعم آخر، في عالم مجنون يسوده التكفير والتكفير المضاد، والقتل والقتل المضاد، في كرة أرضية، لم تعد تتسع إلا للكراهية والموت..
كلمات برهوم، نقلتني فورا إلى قصة الشاب الفلسطيني المسيحي ميشيل أيوب الذي يواظب كل ليلة على القيام بدور «المسحراتي» في بلدته المكر بقضاء عكا، أيوب محاط بجيران مسلمين يؤكد اعتزازه بتعاضده مع جيرانه وأهالي بلدته من المسلمين، منوها لشعوره وكأنه «موكل روحانيا» بهذه المهمة، مضيفا بنبرة سعيدة «طالما كنا متحابين وأنا فخور بانتمائي لبلدة تمتاز بتعاضد كل أهلها». كما يقول في تصريحات صحفية.
تحية لبرهوم وميشيل، والملايين من أبناء هذه الأمة، الذين لم يزالوا يؤمنون بأن بوسع بني الإنسان أن يصنعوا جنتهم على الأرض، ويتركوا للخالق عز وجل، أمر تدبير هذا الخلق، وتوزيع الرحمات، وتحديد مصائر البشر، يوم تقوم الساعة، ولا ينازعوا الرب جلت قدرته، فيتألهون عليه!
(الدستور)
فجأة يقفز أحد منا صارخا:
وَكْبَرَت.. وَكْبَرَت.. وَكْبَرَت.. (انتبهوا للتحريك)...
وهو تعبير مشتق من تكبيرات العيد، ولا أعلم إذا كان شائعا.. أو ما إذا ما يزال مستخدما...
وَكْبَرَت.... وَكْبَرَت... وَكْبَرَت...
حينها كنا نترك كل شيء ونبدأ بالركض كلنا... نعم... «كلنا»
نحو الجامع الأبيض في سوق الناصرة القديم..
نتكدس أطفالا في الغرفة الجانبية مع مؤذن المسجد، لتعلو أصواتنا بتكبيرات العيد...
من كل النسيج الاجتماعي والديني، لا أحد يلتفت للآخر، بل الى المؤذن لنكرر من ورائه...
وفي صباح العيد، كنا نتراكض «كلنا» الى مسجد السلام، الجديد في حينه، في سنوات الستين....، في الحارة الشرقية، لنعلو درجات المئذنة الجديدة، هكذا كنا في كل الأعياد، الفطر والميلاد وأحد الشعانين و»العيدين الأكبرين» الاضحى والفصح،
تنصهر الناس في كل تقاليد الأعياد الشعبية...
يومها كان في السماء جنّة..
«وأغلب الظن» أنها لم تكن خالية ممن رحلوا حتى تلك الايام....
يومها لم يكن تكفيريون في أحيائنا... من كل الأديان...
يومها لم «ننعم» بوكلاء جدد لله على الأرض، ومن كل الأديان، كما حالنا اليوم....
وَكْبَرَت... وَكْبَرَت...
كل عام وأنتم بخير
هذه الكلمات، ليست لي، بل من ذكريات صديقي الصحفي المخضرم، ابن الناصرة، أحد أيقونات فلسطين القابضة على الجمر، #برهوم_جرايسي الصديق الذي التقيته أخيرا في دارة الصديق الصحفي محمد فرحان، ذات ليلة عمّانية حميمة!
كلمات الصديق برهوم، أبي ورد، نقلتني إلى سنوات سحيقة، حين كنا ننتظر تكبيرات العيد بفارغ الصبر، معلنة انتهاء شهر الخير، والدخول في موسم «العيد» مع ما يحمله من طقوس تحتاج إلى صفحات كثيرة لوصف مشاعرنا كأطفال، وما كنا نفعله، استعدادا للعيد، وملابسه الجديدة، والعيديات، التي كان ينقدنا إياها الأقارب.
كلمات برهوم، هنا، لها طعم آخر، في عالم مجنون يسوده التكفير والتكفير المضاد، والقتل والقتل المضاد، في كرة أرضية، لم تعد تتسع إلا للكراهية والموت..
كلمات برهوم، نقلتني فورا إلى قصة الشاب الفلسطيني المسيحي ميشيل أيوب الذي يواظب كل ليلة على القيام بدور «المسحراتي» في بلدته المكر بقضاء عكا، أيوب محاط بجيران مسلمين يؤكد اعتزازه بتعاضده مع جيرانه وأهالي بلدته من المسلمين، منوها لشعوره وكأنه «موكل روحانيا» بهذه المهمة، مضيفا بنبرة سعيدة «طالما كنا متحابين وأنا فخور بانتمائي لبلدة تمتاز بتعاضد كل أهلها». كما يقول في تصريحات صحفية.
تحية لبرهوم وميشيل، والملايين من أبناء هذه الأمة، الذين لم يزالوا يؤمنون بأن بوسع بني الإنسان أن يصنعوا جنتهم على الأرض، ويتركوا للخالق عز وجل، أمر تدبير هذا الخلق، وتوزيع الرحمات، وتحديد مصائر البشر، يوم تقوم الساعة، ولا ينازعوا الرب جلت قدرته، فيتألهون عليه!
(الدستور)