نحو معالجة التلوث البيئي والبصري
خالد الزبيدي
جو 24 : العاصمة عمان التي كانت لسنوات قليلة ماضية توصف بأنها من انظف العواصم واجملها اصبحت اليوم تعاني تلوثا بيئيا وبصريا متفاقما، فالمركبات تنفث السموم في حركة سير محمومة، ودخان يتصاعد من عشرات الالاف من المركبات، وشاحنات من احجام مختلفة تخترق هدوء الشوارع والاحياء، خلافا للقوانين الناظمة للمرور، وحافلات لنقل الركاب مهترئة تزاهم السيارات الاخرى والمارة، وجل اهتمام سائقيها هو الحصول على اكبر عدد من الركاب والوصول قبل الآخرين لتكرار المشوار، ويرافق ذلك حركة مرورية لا يمكن حصرها من تجاوزات على القوانين وانظمة المرور، واصبح التمادي على هذه القوانين امر طبيعي ومألوف. اما التلوث البصري الذي يترافق مع التلوث البيئي يكمن في تداخل المناطق الصناعية ومعامل الطوب ومناشير الحجر والخلط الجاهز، يتزايد ويلقي بظلال ثقيلة على عمان وساكنيها، والسؤال الذي يطرح..ما هي الحكمة في الترخيص لصناعات الخلط الجاهز في المناطق السكنية، التي تمزج الاسمنت مع الرمل والحصى ومواد اخرى، لتقوم بنقل هذه المنتجات في خلاطات ضخمة تنفث الدخان وتطلق ضجيجا وزوامير وتزاحم المركبات الصغيرة، وتهدد المارة، وفي الليل تتم عمليات تنظيف هذه الخلاطات بالمياه التي تترك مخلفات تلقى على قارعة الطريق، لتترك تلوثا بيئيا مؤلما، وكأننا في مدن لم تختبر القوانين والتنظيم. عدد ممن تابعوا ملفات الشركات الملوثة للبيئة اكدوا ان هذه الشركات مملوكة لمتنفذين لاتطبق عليهم قوانين البيئة تنظيم المدن، لذلك ليس من باب الصدفة ان يتم التجديد لهذه المصانع رغم خطورتها سنة بعد اخرى، بينما يتم حظر الترخيص لمقلع للاحجار او الجرانيت في مناطق مثل وادي عربة او قرب الاغوار لاسباب بيئية، اذ يتطلب القانون ابتعاد المشروع عن الشارع عدة مئات من الامتار، فإذا كان ذلك حقا وانفاذا للقوانين التي يجب ان تحترم، لماذا يتم التهاون مع مصانع ملوثة للبيئة والانسان والنبات تمارس اعمالها بين المساكن والمدارس والمساجد ومراكز صحية. عمان العاصمة والمواطنون والساكنون يختنقون يوما بعد آخر، والمشكلة ان المسؤولين لا يأبهون، وربما لا يلاحظون ذلك، ويبدو ان من يتناول السموم تدريجيا يموت دون ان يعرف ماهي الاسباب، وهذا ما يحذر منه اولئك الذين يفدون الى عمان عاما بعد اخر ويتساءلون ...ماهذا التلوث المتفاقم في عمان؟، ويكون جوابنا اننا بخير والامور طبيعية، والواقع يؤكد اننا امام مواجهة كارثة بيئية ان لم تتخذ الحكومة والجهات المعنية اجراءات صارمة، وإجراء دراسات تحليلية لواقعنا البيئي، والافصاح عنها دوريا، فالاردن حباه الله بالكثير من النعم، وان علينا المحافظة عليها، اما اولئك الراغبون بتحقيق ارباح على حساب البلاد والعباد عليهم ان يُردعوا قبل فوات الاوان. الدستور