"الحمير والخيول" وسيلة للنقل والاحتجاج في الضفة
عمدَ المواطنون في الضفة الغربية، أمس، إلى استبدال سيارات النقل العمومي بـ"الحمير" احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود وغلاء المعيشة، وتعبيرا عن احتجاجهم على سكوت الحكومة الفلسطينية وعجز محاولاتها لتصليح الوضع.
مفجر ثورة الحمير والخيول في الضفة، كما أُطلق عليه، الصحفي رومل شحرور دفعَ بعدَ استخدامه للحمار كوسيلة مواصلات عدداً من المواطنين إلى استغلال ذات الوسيلة للتنقل، خاصة أمس، نتيجة إضراب وسائل النقل العامة.
شحرور أكدَ لـ"فلسطين" أن ركوبه على الحمار كانَ خطوة احتجاجية على صمت المواطنين الذينَ يمتنعون عن الاحتجاج بطريقة سلمية إبداعية تلفت الأنظار، واعتراضًا على عمليات التدمير والتخريب التي ينفذها بعض المحتجين.
وقال: "الحكومة في الضفة بإمكانها إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي نمر بها، ولكنها لأسباب سياسية تزيد المسألة تعقيدا"، مؤكدا أن عليها العمل سريعًا على احتواء الأزمة التي أججها ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية.
الحركات الاحتجاجية ذات الطابع الإبداعي التي مارسها مواطنو الضفة الغربية لم تلقَ الاهتمام الكبير من الجهات الحكومية الرسمية، وفق شحرور الذي أكد أن بعض المسؤولين لا يملكون حلولاً، والبعض الآخر وصلت فيه البلادة إلى عدم الالتفات إلى الاحتجاجات الشعبية الواسعة.
وتمنى شحرور على الحكومة في الضفة تنفيذ سياسة للخلاص من الأزمة خشية من هجرة الشباب الذين فقدوا الأمن الأمني والاقتصادي معاً، قائلا: "إن شعر المواطن بخطر على حياته وحُرم من قوت يومه ما الذي يدفعه للإقامة في البلد، فالبحث عن مكان آخر يعيش فيه هو الحل الأول الذي يفكر فيه".
بعض المواطنين أثناء الاحتجاجات رفعوا شعارات تدعو الحكومة لأخذ وحدات من دمهم ومنحهم وحدات من السولار بدلاً منها، وآخرون دعوهم إلى مشاركتهم في الاحتجاجات مؤكدين أن ضعف موقفهم وتبعية الاقتصاد الفلسطيني للإسرائيلي جعلهم ضحايا، لذا فإن وجودهم في الاحتجاجات ضروري.
وشهدت مدن الضفة الغربية، أمس، توقفًا كاملاً في حركة المركبات العمومية بعدَ دعوة نقابة النقل والمواصلات لتعليق العمل احتجاجًا على ارتفاع أسعار الوقود، الأمر الذي أجبرَ المواطنين على استخدام الدواب في التنقل بينَ المدن والقرى أو الاعتماد على السيارات الخاصة.
المواطن جهاد الشمالي (42 عاماً) الذي اتخذَ من "حنطوره" عربية ينقل عليها المواطنين من قرية حوارة قضاء نابلس إلى المدينة، تمنى على الحكومة منحه "حنطورين إضافيين" لإنشاء مشروع "مكتب توصيل"، وفق قوله.
وأضاف في حديثه لـ"فلسطين": "عملت منذ الصباح على نقل الناس من وإلى المدينة مقابل أجر أقل بكثير من أجور المواصلات العادية، ولاقت الفكرة إعجاب كثير من المواطنين المتعلمين منهم والعمال، رغم أن ركوب الحمار أو الحصان بالنسبة للبعض عيب".
الشمالي الذي كانَ يعمل عاملا في (إسرائيل) اشترى الحصان وعربته بالتقسيط، ويعمل عليه كـ"تاكسي" منذ رمضان داخل قريته حوارة، وبعدَ اشتداد أزمة الوقود قرر أن يوسع نشاطه وينقل الناس إلى المدن.
أثناء اللقاء الهاتفي مع "فلسطين" توقفَ الشمالي عن الحديث أكثر من مرة ليقود حصانه بالاتجاه الصحيح، وكانَ يدعو الناس إلى الركوب معه بـ"شيقل" واحد داخل مدينة نابلس، وثلاثة شواقل خارجها.
مصدر الرزق الذي احترفَ الشمالي استغلاله يتمنى أن يختفي، فهو يفضل أن يشتري لأبنائه الخضار والفاكهة ويوفر لمنزله الغاز والدقيق بأسعار عادية على أن يعمل على "الحنطور" مقابل مبالغ زهيدة من المال يوميا.
وقال ببساطة بدت في حديثه :"إن عادت السيارات للعمل يمكنني استغلال الحصان في حراثة الأرض أو نقل مواد البناء وغيره، وبذلك أحقق فائدتين أولهما مكسبي الخاص وثانيهما المكسب العام بانخفاض أسعار السلع الغذائية". فلسطين اون لاين