2024-04-24 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

أشباه العشاق، أشباه الرجال!

حلمي الأسمر
جو 24 : 1-كتبت له تقول: ليس ثمة موتى غير أولئك الذين نواريهم في مقبرة الذاكرة.إذن يمكننا بالنسيان أن نشيّع موت مَن شئنا من الأحياء ، فنستيقظ ذات صباح ونقرر أنهم ما عادوا هنا. اقتباس من رواية «عابر سرير» لأحلام مستغانمي.
2 - وكتب إليها يقول: انت طيلة الوقت كنت تبحثين عن أي مبرر لدفني حيا ، في مقبرة الذاكرة، أنت تتهمينني أنني من أشباه العشاق ، ونسيت أنك كنت تهوين حالة العشق أكثر من العشيق ، ولهذا عندما اكتشفت أن هذه الحالة لم توافق مقياس العشق أو قالبه المسبق الذي رسمته في مخيلتك ، شرعت بحفر قبر للعشيق في مقبرة الذاكرة وهو لم يزل مضغة لم يزل يحتاج إلى المكوث في غرفة الخداج الغرامي ، كي يكتمل نموه ، ولكنك لم تصبري عليه حتى تكتمل أعضاؤه ، وفي الأثناء ، تم جرك لمعارك مبكرة تم التخطيط لها بشكل متقن ، وللأسف انسقت وراء المكائد التي أعدت لك ، ولي طبعا ، ولم تستمعي لنصائحي، فحدث ما حدث، كفي عن لومي ، فمسؤوليتك عما جرى لا تقل بحال عن مسؤوليتي ، ولكن الفرق بيننا أنني أعترف بهذه المسؤولية ، أما أنت فلا ، وهذه مجرد محاولات يائسة لإراحة ضمير العشق لديك ، وتبرئته مما ارتكب من حماقات ، بحجة أنك (مش نسوان!) في حين أنك كنت ضحية سهلة لعقلية التآمر التي تمقتينها، أنا لا أستجدي شيئا ، بل إن ضمير المحب لدي في غاية الراحة ، لأنني بذلت كل ما يمكن كي أبقيك في منأى عن المكيدة، ولكنك أصررت على الوقوع في عمقها، في حقيقة الأمر أنت لفقت قصة موت الحب ، ولو تسنى لك أن تقرئي بقية ما كتبت أحلام لفهمت ما أقصد ، تقول: بإمكاننا أن نلفّق لهم ميتة في كتاب ، أن نخترع لهم وفاة داهمة بسكتة قلبية ، مباغتة كحادثة سير ، مفجعة كجثة غرق ، ولا يعنينا إن هم بقوا أحياء. فنحن لا نريد موتهم ، نريد جثث ذكراهم لنبكيهم ، كما نبكي الموتى. نحتاج أن نتخلص من أشيائهم ، من هداياهم ، من رسائلهم ، من تشابك ذاكراتنا بهم ، وهذا ما حصل ، قتل عن سابق إصرار وترصد ، ولو كان هذا القصد مستقرا في اللاوعي لديك.
3 - وكتب أيضا: كنت تريدين مني أن أضحي بكل شيء ، كي (أفوز) بك ، في حين أنك لم تكوني مستعدة إلا أن تضحي بي لتفوزين بي، ولو قيض لك أن تمري بمقبرة الأحياء التي كتبت عنها أحلام ، ستجدين قبرا بشاهدين: الأول لك والثاني لي،
فردت عليه قائلة ، باقتباس آخر: إن حباً نكتب عنه ، هو حب لم يعد موجوداً ، وكتاباً نوزع آلاف النسخ منه ليس سوى رماد عشق ننثره في المكتبات ، الذين نحبهم نهديهم مخطوطاً لا كتاباً، حريقاً لا رمادا ، نهديهم ما لا يساويهم عندنا بأحد.
خارج النص:
أشباه العشاق، رجالا ونساء، هم أشباه رجال، وأشباه نساء أيضا، لأن من لا يتقن الحب، لا يتقن كيف يعيش، ولا كيف يحب وطنه وأهله، ويسهل عليه التفريط بكرامته، ويستسهل العيش في ظل الذل، والاستلاب والقهر!

هامش:
مقطع من مخطوطة رواية لم تتم وربما لن تتم بعنوان: على حافة الجسد


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news