الطراونة: الحكومة أدارت ظهرها للنواب.. وصار عبئا علينا مصادرة الثقة منها
جو 24 : اكد رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونه ان النظام النيابي في الاردن شكل ويُشكل أهم ثابت من ثوابت نظامنا السياسي، الذي نعتبره جميعا الضمانة الحامية لنا ولمستقبل أبنائنا، وهو النظام الذي استلهم كل قيم الديمقراطية والانفتاح منذ أن كان العرب من حولنا منغمسين بفوضى عدم الاستقرار؛ أنظمة وشعوبا.
واكد الطراونه في محاضرة بعنوان "موقع النظام النيابي في تصميم السياسات الوطنية" القاها في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية اليوم الاثنين بحضور آمر الكلية ورئيس واعضاء هيئة التوجيه والدارسين في دورتي الدفاع 13 والحرب 22 على عمق وأهمية وجدية موقع مجلس الأمة ومجلس النواب تحديدا، في تصميم السياسات الوطنية، وعلى عمق المقاصد الوطنية النبيلة للدستور الأردني، والذي يعتبر المظلة الرئيسة لمجمل الأداء العام للدولة الأردنية، وسائر مؤسساتها.
وقال أن مجلس النواب، ظل دوما الأمين على الوفاء للوطن، وللدور، وللصلاحيات التي حددها الدستور مثلما أن المجلس الحالي يتصدى للمهمة بكل اقتدار، خاصة وانه ينطوي على كفاءات وطنية متميزة، يتمتع بها سائر أعضائه، من الزميلات والزملاء الكرام، وفي شتى مناحي العمل العام، ومهما تعرض المجلس للنقد بين الحين والأخر، فنحن في المجلس، ننظر إليه، باعتباره نقد وطني لصالح تحسين أداء المؤسسات الدستورية، حتى لو تجاوز حدود المألوف، مثلما نؤمن بان علينا العمل اكثر، وان نؤدي واجبنا نحو وطننا وشعبنا الكريم، وقيادتنا الهاشمية، ضمن أقصى طاقاتنا، ووفق ما رسم لنا الدستور، وبالذات، في هذه الحقبة العصيبة من تاريخ المنطقة والأمة عموما، وما يشهده الإقليم من تداعيات خطيرة، باتت تنذر بعواقب وخيمة على تاريخ الأمة كلها، وعلى مستقبل الأجيال كافه، وتلك تطورات من واجبنا في الأردن، العزيز، قراءاتها بعمق، ووضع مصالح وطننا وشعبنا فوق كل اعتبار، لتجنيب مسيرتنا، أيه انعكاسات سلبية لتلك الأحداث والتطورات، لا قدر الله.
وحول مبدأ المشاورات النيابية في تكليف رئيس الوزراء، اوضح الطراونه "انها صلاحية دستورية انحصرت نصا بيد جلالة الملك، وكان جلالته قد تكرم بمنح جانب من صلاحياته الدستورية تلك، عندما أرخى على مجلس النواب تكريما بمشاركته هذه الصلاحية، والتي أفضت لتكليف الدكتور عبدالله النسور بتشكيل الحكومة وتبدّى للجميع بعد هذه التجربة جوانب كثيرة لم تكن في الوارد أو الحسبان، ومنها أن حكومة المشاورات النيابية أدارت ظهرها للتعاون مع مجلس النواب، وصار من العبء على المجلس أن يصادر ثقته منها، لأنه هو من شارك في اختيارها".
وأضاف: "فما كان من منطق تدارك الخلل، إلا المطالبة بعودة العمل بالنص الدستوري الأصيل، وحصر التكليف بتشكيل الحكومات بيد صاحب الصلاحية؛ جلالة الملك. على أن نستفيد من التجربة، لصالح بلورة تصور عملي محكم الإطار ويوصل للأهداف، من خلال تشكيل حكومات برلمانية، من الأغلبية النيابية، تواجه الأقلية كحكومة ظل".
وتابع "ان هذا يتطلب أن يكون قانون الانتخاب واضحا في تهيئة مخرجات صناديق الاقتراع ضمن ثوابت أساسية، أهمها ضمان أن تكون المخرجات هي مكونات سياسية لها برامجها الطموحة، بعد أن تكون تلك المخرجات هي الأقرب لتمثيل الناخبين بعدالة وكفاءة مرصودين. وبذلك تكون رؤية جلالة الملك في الإصلاح البرلماني قد تحققت، فالعودة عن المشاورات النيابية كعرف سياسي، لا يعني بصورة من الصور مصادرتها كمفهوم سياسي ديمقراطي برلماني، يريده جلالة الملك، وعبر عنه صراحة في أوراقه النقاشية التي بعثها للرأي العام".
واوضح رئيس مجلس النواب إن الظروف الإقليمية، القريبة منا والبعيدة، وتقاطع المصالح الإقليمية والدولية في بعض المرات وتنافرها في كثير من الأحيان، تتطلب منا الحذر التام، وحشد صفنا في خندق واحد، خلف قيادتنا الهاشمية ورمز الوطن كله، جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم، وبذلك نحصن مسيرتنا في مواجهة الخطر، لصون وحدتنا الوطنية، ولكي نواصل مسيرة الإصلاح عبر الحوار الوطني الهادف، والمتزن، بعيدا عن سائر مظاهر التطرف والشطط، نقدم للإقليم وللعالم بأسره، الأنموذج المتقدم، في الحوار والإصلاح وإعلاء شأن الوطن، عبر منهجية ديمقراطية تحترم الرأي والرأي الأخر، وتؤمن بوحدة هذا الشعب، بسائر مكوناته، وبحقه في المزيد من الحرية والكرامة والحياة الأفضل. وفي هذا المقام لا بد من التذكير أمام هذه النخبة من كبار الضباط، بأننا وبناء على توجيهات جلالة الملك ما نزال نعمل وفق مسارات متلازمة نحو الإصلاحات الشاملة، ففي الوقت الذي قرع فيه جلالة الملك جرس الإنذار مبكرا، مطالبا بتصويب كل الاختلالات في التشريعات الاقتصادية، وتحفيز النشاط الاقتصادي الوطني باتجاه جلب الاستثمار ورفع مؤشرات النمو والتنمية، ها نحن نواصل مسيرة الإصلاحات السياسية عبر منظومة التشريعات التي انتهينا منها، وهانحن ننتظر المزيد، فبعد إقرار قانوني البلديات واللامركزية، ننتظر مشروع قانون الانتخاب، الذي سيشكل إضافة نوعية في مسيرة الإصلاح البرلماني، منتظرين في الوقت نفسه توجيهات سيدي صاحب الجلالة حيال قانون الأحزاب، مُذكرا بأن ذلك كله كان نتيجة لأولى خطواته الإصلاحية، عبر تعديل ثلث الدستور العام 2011، بتوجيهات ملكية عليا عكست حقا جدية الإرادة السياسية في الإصلاح والتحديث والتطوير. وأمام كل ذلك لا نغفل الحمل الكبير الذي توفره لنا القوات المسلحة الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، وهم جميعا يشكلون دعما وسندا لمسيرة الإصلاحات، التي أولى متطلباتها تكريس مفهوم الأمن والاستقرار الذي ننعم به جميعا، حيث ومن غير ذلك سيكون حديثنا عن الإصلاحات ترف لا مجال له.
وقال انه في الفترة التي كانت المملكة الأردنية الهاشمية منشغلة برسم ملامح دولة المؤسسات والقانون، منذ عهد عبد الله الأول المؤسس، مرورا بأبي الدستور الملك طلال، حتى عهد الراحل الكبير الحسين الباني، وصولا لعهد جلالة الملك عبد الله الثاني المعزز، فقد شهدت منطقتنا العربية ودول الجوار مخاض الاستقرار، وما أن شهدت تلك الدول استقرارا نسبيا حتى صابها عجاج التحولات والتغييرات، وعصف بها مؤخرا ربيع تلوث بمخططات الإرهاب والغرباء.
ولفت الى ان المملكة؛ ومنذ عهد التأسيس انتهجت البناء الوطني نهجا مغايرا تماما، وقامت الفكرة المحورية في دستورنا على التمثيل الشعبي في المجالس النيابية فكانت المشاركة الشعبية من خلال الاقتراع والتصويت لاختيار المجالس النيابية منذ أواخر عشرينيات القرن الماضي، هي خطوة الوعي المبكر في مسيرتنا الديمقراطية، ما جعل النظام السياسي مكملا ومتضامنا مع شعبه، لا مُعطلا لتطلعاته وطموحاته.
وقال "إن التمعن في تفاصيل دستورنا، وما اشتمل عليه من فكر تنظيمي بلغة تشريعية حصيفة، تقودنا لاستخلاص النتيجة التي نعيشها اليوم، فالشعب الأردني تفتح وعيه مبكرا على المشاركة السياسية، وهو ما جعلنا نملك حسا فطريا في التعامل مع الحريات العامة المسؤولة. كيف لا؛ وقد نصت المادة 24 من الدستور وفي الفقرة الأولى منها بأن: الأمة مصدر السلطات، والسلطات عندنا متوزعة على المسؤوليات بفصل متوازن، ودقة مرصودة. فسلطاتنا الدستورية؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية، هي ناتج جمع الحكمة والحكم في العمل الدستوري؛ روحا ونصا".
وتابع الطراونه "إن الدولة الأردنية، ولدت على أسس من النهج الشوري الذي رسخه الملك المؤسس، رحمه الله، وعليه؛ يمكن القول وباعتزاز، أن الديمقراطية البرلمانية كنهج مملكة وملك، أفرزت دولة حرة مستقلة، هي اليوم، المملكة الأردنية الهاشمية صاحبة الدستور المحكم الجامع، الذي يتضمن وبدقة الأوجه التي تمارس الأمة فيها سلطاتها، باعتبارها وكما ورد في نص الدستور "الأمة مصدر السلطات"، وهنا يبرز دور وموقع النظام النيابي في تصميم السياسات الوطنية، وإدارة شؤون الدولة، وهو دور تشريعي ورقابي، متجذر كدور سياسي، فالمجلس هو صاحب سلطة إلى جانب مجلس الأعيان، في إعداد وتصميم التشريعات الناظمة للأداء الشمولي في الدولة، وهو المراقب على أداء الحكومات وقراراتها وإجراءاتها في هذا المجال، وهو يملك سلطة منح الثقة للحكومات، ونزعها منها أو من أي من وزرائها، وهو شريك دستوري إلى جانب مجلس الأعيان، في مناقشة وإقرار أو رفض الموازنات العامة للدولة، وهو صاحب رأي في مجمل السياسات العامة للدولة، داخليا وخارجيا، بمعنى أن مجلس النواب، يملك صلاحيات أساسية في تحديد جوهر وشكل المسار العام للدولة، وبالتالي فهو يحتل الموقع المتقدم في تصميم السياسات الوطنية، بمعنى أن تلك السياسات، لا يمكن لها أن تجد طريقها الى التنفيذ، إلا بموافقة البرلمان بشقيه النواب والأعيان في حالات محددة دستوريا، ومن أبرزها الموازنة العامة للدولة، وإلا بموافقة مجلس النواب منفردا، كما في حالة الثقة بالحكومات.
واوضح ان وجود الملك على رأس السلطات الثلاث؛ هو ضمانة لحماية تلك السلطات من جهة، ولوقفها عند حدها إن تمادت أو تطاولت على مصالح الشعب الأردني، أو تداخلت أعمالها على حدود الفصل في سلطاتها، وهو ما يجعل نظامنا السياسي مصانا من المساءلة، لكنه شريك وطني في المسؤولية، التي دائما يستخدمها جلالته للانحياز لمصالح المملكة العليا ومصالح الشعب.
وقال " بمنتهى الحيادية في الطرح، يمكنني القول: ان الدستور الأردني، وما طرأ عليه من تعديلات خلال العقود الماضية، وصولا للتعديلين الأخيرين، اللذين جاءا وفقا لمتطلبات الظروف والتطورات، كان وما زال وسيبقى بإذن الله، غاية في سمو الفكرة وبعد النظر ونزاهة الرأي، فهو دستور جامع يحاكي الحاضر ويستشرف المستقبل، وظل على الدوام موضع احترام والتزام كاملين، ونحن نفخر اليوم، بان لدينا محكمة دستورية، تختص بتفسير أحكام الدستور، بعد أن كان المجلس العالي لتفسير الدستور، يتولى هذه المهمة الجليلة، لعقود عديدة خلت، والدستور الأردني الذي ابرز وبشكل خاص، دور ومهام مجلس النواب، ينطوي على روح إنسانية معمقة في الرؤية والقرار، أكثر مما يمثل من الألفاظ والعبارات، أي أن هذا الدستور، روح ومعنى أكثر منه كلمات، فهو يحفظ الحقوق، يجلي الأدوار، يفصل بين السلطات، يؤكد على تكامل أدوارها، يمنع هيمنة أي منها على الأخرى، ثم يترك لكل منها ممارسة دورها كاملا غير منقوص، ويضع الكرة في ملعب كل منها إن هي قصرت أو تخاذلت في أداء المهمة، وأنا هنا لا أمارس فلسفة الطرح، بقدر ما أُقر حقائق ناصعة، خاصة وان هذا البلد العزيز، عانى من ظلم القريب والبعيد كثيرا، وهو ظلم إما ناتج عن جهل بالمضمون، أو هو ظلم مقصود، وهو ظلم يقرا المشهد العام للدولة الأردنية، كما لو كان دستورها مصمما لوضع كامل الصلاحيات والسلطات، بيد القيادة العليا للدولة، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فالأمة هي حقا مصدر السلطات.
واكد الطراونه في محاضرة بعنوان "موقع النظام النيابي في تصميم السياسات الوطنية" القاها في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية اليوم الاثنين بحضور آمر الكلية ورئيس واعضاء هيئة التوجيه والدارسين في دورتي الدفاع 13 والحرب 22 على عمق وأهمية وجدية موقع مجلس الأمة ومجلس النواب تحديدا، في تصميم السياسات الوطنية، وعلى عمق المقاصد الوطنية النبيلة للدستور الأردني، والذي يعتبر المظلة الرئيسة لمجمل الأداء العام للدولة الأردنية، وسائر مؤسساتها.
وقال أن مجلس النواب، ظل دوما الأمين على الوفاء للوطن، وللدور، وللصلاحيات التي حددها الدستور مثلما أن المجلس الحالي يتصدى للمهمة بكل اقتدار، خاصة وانه ينطوي على كفاءات وطنية متميزة، يتمتع بها سائر أعضائه، من الزميلات والزملاء الكرام، وفي شتى مناحي العمل العام، ومهما تعرض المجلس للنقد بين الحين والأخر، فنحن في المجلس، ننظر إليه، باعتباره نقد وطني لصالح تحسين أداء المؤسسات الدستورية، حتى لو تجاوز حدود المألوف، مثلما نؤمن بان علينا العمل اكثر، وان نؤدي واجبنا نحو وطننا وشعبنا الكريم، وقيادتنا الهاشمية، ضمن أقصى طاقاتنا، ووفق ما رسم لنا الدستور، وبالذات، في هذه الحقبة العصيبة من تاريخ المنطقة والأمة عموما، وما يشهده الإقليم من تداعيات خطيرة، باتت تنذر بعواقب وخيمة على تاريخ الأمة كلها، وعلى مستقبل الأجيال كافه، وتلك تطورات من واجبنا في الأردن، العزيز، قراءاتها بعمق، ووضع مصالح وطننا وشعبنا فوق كل اعتبار، لتجنيب مسيرتنا، أيه انعكاسات سلبية لتلك الأحداث والتطورات، لا قدر الله.
وحول مبدأ المشاورات النيابية في تكليف رئيس الوزراء، اوضح الطراونه "انها صلاحية دستورية انحصرت نصا بيد جلالة الملك، وكان جلالته قد تكرم بمنح جانب من صلاحياته الدستورية تلك، عندما أرخى على مجلس النواب تكريما بمشاركته هذه الصلاحية، والتي أفضت لتكليف الدكتور عبدالله النسور بتشكيل الحكومة وتبدّى للجميع بعد هذه التجربة جوانب كثيرة لم تكن في الوارد أو الحسبان، ومنها أن حكومة المشاورات النيابية أدارت ظهرها للتعاون مع مجلس النواب، وصار من العبء على المجلس أن يصادر ثقته منها، لأنه هو من شارك في اختيارها".
وأضاف: "فما كان من منطق تدارك الخلل، إلا المطالبة بعودة العمل بالنص الدستوري الأصيل، وحصر التكليف بتشكيل الحكومات بيد صاحب الصلاحية؛ جلالة الملك. على أن نستفيد من التجربة، لصالح بلورة تصور عملي محكم الإطار ويوصل للأهداف، من خلال تشكيل حكومات برلمانية، من الأغلبية النيابية، تواجه الأقلية كحكومة ظل".
وتابع "ان هذا يتطلب أن يكون قانون الانتخاب واضحا في تهيئة مخرجات صناديق الاقتراع ضمن ثوابت أساسية، أهمها ضمان أن تكون المخرجات هي مكونات سياسية لها برامجها الطموحة، بعد أن تكون تلك المخرجات هي الأقرب لتمثيل الناخبين بعدالة وكفاءة مرصودين. وبذلك تكون رؤية جلالة الملك في الإصلاح البرلماني قد تحققت، فالعودة عن المشاورات النيابية كعرف سياسي، لا يعني بصورة من الصور مصادرتها كمفهوم سياسي ديمقراطي برلماني، يريده جلالة الملك، وعبر عنه صراحة في أوراقه النقاشية التي بعثها للرأي العام".
واوضح رئيس مجلس النواب إن الظروف الإقليمية، القريبة منا والبعيدة، وتقاطع المصالح الإقليمية والدولية في بعض المرات وتنافرها في كثير من الأحيان، تتطلب منا الحذر التام، وحشد صفنا في خندق واحد، خلف قيادتنا الهاشمية ورمز الوطن كله، جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم، وبذلك نحصن مسيرتنا في مواجهة الخطر، لصون وحدتنا الوطنية، ولكي نواصل مسيرة الإصلاح عبر الحوار الوطني الهادف، والمتزن، بعيدا عن سائر مظاهر التطرف والشطط، نقدم للإقليم وللعالم بأسره، الأنموذج المتقدم، في الحوار والإصلاح وإعلاء شأن الوطن، عبر منهجية ديمقراطية تحترم الرأي والرأي الأخر، وتؤمن بوحدة هذا الشعب، بسائر مكوناته، وبحقه في المزيد من الحرية والكرامة والحياة الأفضل. وفي هذا المقام لا بد من التذكير أمام هذه النخبة من كبار الضباط، بأننا وبناء على توجيهات جلالة الملك ما نزال نعمل وفق مسارات متلازمة نحو الإصلاحات الشاملة، ففي الوقت الذي قرع فيه جلالة الملك جرس الإنذار مبكرا، مطالبا بتصويب كل الاختلالات في التشريعات الاقتصادية، وتحفيز النشاط الاقتصادي الوطني باتجاه جلب الاستثمار ورفع مؤشرات النمو والتنمية، ها نحن نواصل مسيرة الإصلاحات السياسية عبر منظومة التشريعات التي انتهينا منها، وهانحن ننتظر المزيد، فبعد إقرار قانوني البلديات واللامركزية، ننتظر مشروع قانون الانتخاب، الذي سيشكل إضافة نوعية في مسيرة الإصلاح البرلماني، منتظرين في الوقت نفسه توجيهات سيدي صاحب الجلالة حيال قانون الأحزاب، مُذكرا بأن ذلك كله كان نتيجة لأولى خطواته الإصلاحية، عبر تعديل ثلث الدستور العام 2011، بتوجيهات ملكية عليا عكست حقا جدية الإرادة السياسية في الإصلاح والتحديث والتطوير. وأمام كل ذلك لا نغفل الحمل الكبير الذي توفره لنا القوات المسلحة الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، وهم جميعا يشكلون دعما وسندا لمسيرة الإصلاحات، التي أولى متطلباتها تكريس مفهوم الأمن والاستقرار الذي ننعم به جميعا، حيث ومن غير ذلك سيكون حديثنا عن الإصلاحات ترف لا مجال له.
وقال انه في الفترة التي كانت المملكة الأردنية الهاشمية منشغلة برسم ملامح دولة المؤسسات والقانون، منذ عهد عبد الله الأول المؤسس، مرورا بأبي الدستور الملك طلال، حتى عهد الراحل الكبير الحسين الباني، وصولا لعهد جلالة الملك عبد الله الثاني المعزز، فقد شهدت منطقتنا العربية ودول الجوار مخاض الاستقرار، وما أن شهدت تلك الدول استقرارا نسبيا حتى صابها عجاج التحولات والتغييرات، وعصف بها مؤخرا ربيع تلوث بمخططات الإرهاب والغرباء.
ولفت الى ان المملكة؛ ومنذ عهد التأسيس انتهجت البناء الوطني نهجا مغايرا تماما، وقامت الفكرة المحورية في دستورنا على التمثيل الشعبي في المجالس النيابية فكانت المشاركة الشعبية من خلال الاقتراع والتصويت لاختيار المجالس النيابية منذ أواخر عشرينيات القرن الماضي، هي خطوة الوعي المبكر في مسيرتنا الديمقراطية، ما جعل النظام السياسي مكملا ومتضامنا مع شعبه، لا مُعطلا لتطلعاته وطموحاته.
وقال "إن التمعن في تفاصيل دستورنا، وما اشتمل عليه من فكر تنظيمي بلغة تشريعية حصيفة، تقودنا لاستخلاص النتيجة التي نعيشها اليوم، فالشعب الأردني تفتح وعيه مبكرا على المشاركة السياسية، وهو ما جعلنا نملك حسا فطريا في التعامل مع الحريات العامة المسؤولة. كيف لا؛ وقد نصت المادة 24 من الدستور وفي الفقرة الأولى منها بأن: الأمة مصدر السلطات، والسلطات عندنا متوزعة على المسؤوليات بفصل متوازن، ودقة مرصودة. فسلطاتنا الدستورية؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية، هي ناتج جمع الحكمة والحكم في العمل الدستوري؛ روحا ونصا".
وتابع الطراونه "إن الدولة الأردنية، ولدت على أسس من النهج الشوري الذي رسخه الملك المؤسس، رحمه الله، وعليه؛ يمكن القول وباعتزاز، أن الديمقراطية البرلمانية كنهج مملكة وملك، أفرزت دولة حرة مستقلة، هي اليوم، المملكة الأردنية الهاشمية صاحبة الدستور المحكم الجامع، الذي يتضمن وبدقة الأوجه التي تمارس الأمة فيها سلطاتها، باعتبارها وكما ورد في نص الدستور "الأمة مصدر السلطات"، وهنا يبرز دور وموقع النظام النيابي في تصميم السياسات الوطنية، وإدارة شؤون الدولة، وهو دور تشريعي ورقابي، متجذر كدور سياسي، فالمجلس هو صاحب سلطة إلى جانب مجلس الأعيان، في إعداد وتصميم التشريعات الناظمة للأداء الشمولي في الدولة، وهو المراقب على أداء الحكومات وقراراتها وإجراءاتها في هذا المجال، وهو يملك سلطة منح الثقة للحكومات، ونزعها منها أو من أي من وزرائها، وهو شريك دستوري إلى جانب مجلس الأعيان، في مناقشة وإقرار أو رفض الموازنات العامة للدولة، وهو صاحب رأي في مجمل السياسات العامة للدولة، داخليا وخارجيا، بمعنى أن مجلس النواب، يملك صلاحيات أساسية في تحديد جوهر وشكل المسار العام للدولة، وبالتالي فهو يحتل الموقع المتقدم في تصميم السياسات الوطنية، بمعنى أن تلك السياسات، لا يمكن لها أن تجد طريقها الى التنفيذ، إلا بموافقة البرلمان بشقيه النواب والأعيان في حالات محددة دستوريا، ومن أبرزها الموازنة العامة للدولة، وإلا بموافقة مجلس النواب منفردا، كما في حالة الثقة بالحكومات.
واوضح ان وجود الملك على رأس السلطات الثلاث؛ هو ضمانة لحماية تلك السلطات من جهة، ولوقفها عند حدها إن تمادت أو تطاولت على مصالح الشعب الأردني، أو تداخلت أعمالها على حدود الفصل في سلطاتها، وهو ما يجعل نظامنا السياسي مصانا من المساءلة، لكنه شريك وطني في المسؤولية، التي دائما يستخدمها جلالته للانحياز لمصالح المملكة العليا ومصالح الشعب.
وقال " بمنتهى الحيادية في الطرح، يمكنني القول: ان الدستور الأردني، وما طرأ عليه من تعديلات خلال العقود الماضية، وصولا للتعديلين الأخيرين، اللذين جاءا وفقا لمتطلبات الظروف والتطورات، كان وما زال وسيبقى بإذن الله، غاية في سمو الفكرة وبعد النظر ونزاهة الرأي، فهو دستور جامع يحاكي الحاضر ويستشرف المستقبل، وظل على الدوام موضع احترام والتزام كاملين، ونحن نفخر اليوم، بان لدينا محكمة دستورية، تختص بتفسير أحكام الدستور، بعد أن كان المجلس العالي لتفسير الدستور، يتولى هذه المهمة الجليلة، لعقود عديدة خلت، والدستور الأردني الذي ابرز وبشكل خاص، دور ومهام مجلس النواب، ينطوي على روح إنسانية معمقة في الرؤية والقرار، أكثر مما يمثل من الألفاظ والعبارات، أي أن هذا الدستور، روح ومعنى أكثر منه كلمات، فهو يحفظ الحقوق، يجلي الأدوار، يفصل بين السلطات، يؤكد على تكامل أدوارها، يمنع هيمنة أي منها على الأخرى، ثم يترك لكل منها ممارسة دورها كاملا غير منقوص، ويضع الكرة في ملعب كل منها إن هي قصرت أو تخاذلت في أداء المهمة، وأنا هنا لا أمارس فلسفة الطرح، بقدر ما أُقر حقائق ناصعة، خاصة وان هذا البلد العزيز، عانى من ظلم القريب والبعيد كثيرا، وهو ظلم إما ناتج عن جهل بالمضمون، أو هو ظلم مقصود، وهو ظلم يقرا المشهد العام للدولة الأردنية، كما لو كان دستورها مصمما لوضع كامل الصلاحيات والسلطات، بيد القيادة العليا للدولة، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فالأمة هي حقا مصدر السلطات.