قانون البيئه الاردني وانتهاك حقوق الانسان
بينما تقوم معظم دول العالم بتطوير القوانين المتعلقه بالبيئه ووضع استراتيجيات بيئية وطنية أو خطط عمل ، للمساعدة في تنفيذ الالتزامات البيئية الأولية فان حكومتنا تقوم باتخاذ كل الاساليب والطرق لحماية اصحاب المشاريع الملوثه للبيئه واضفاء المظله الشرعيه على جرائمهم البيئيه من خلال اصدار قوانين البيئه التي تخالف في كثير من موادها الاتفاقيات البيئيه العالميه وقوانين المنظمات الدوليه المتعلقه بالبيئه.
ان اهم قرار في عملية انشاء المشاريع ذات التأثيرات البيئيه والاجتماعيه السلبيه على المجتمعات المحليه والبيئه المجاوره هي اختيار موقع اقامة هذا المشروع والتزام اصحاب المشروع بتطبيق برنامج الاداره البيئيه أو ما يسمى "برنامج الاجراءات التخفيفيه والمراقبه البيئيه والاجتماعيه ESMMP " ويتم اختيار الموقع بناء على "دراسة تقييم الاثار البيئيه والاجتماعيهESIA " وهذه الدراسه يجب ان تتم لكافة المشاريع المصنفه "A" أو "B" بمشاركة ممثلين عن المجتمعات المحليه والحصول على الموافقه الحره المسبقه "FPIC" للمجتمعات المحليه المتأثره بهذه المشاريع كما هو منصوص عليه في كافة قوانين المنظمات البيئيه العالميه وفي الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات التي صادقت عليها المملكه.
لقد تم انشاء العشرات من المشاريع في منطقة شرق عمان نذكر منها على سبيل المثال ثلاثة محطات توليد كهرباء بطاقه تصل الى "1200" ميجا واط ومحطة نقل كهرباء وخط غاز رئيسي وخزانات وقود بسعة "350000" طن ومكب نفايات لمدينتي عمان والزرقاء ومشروع المسلخ ومصنع الاعلاف المركزه من الحيوانات النافقه وخلاطات الزفته ومصانع الدهانات ومستودعات الغاز والعديد من محطات توليد الكهرباء والتي سيتم انشاؤها في المستقبل القريب حيث قامت وزارة البيئه بمنح الترخيص البيئي اللازم بدون عمل دراسة تقييم الاثار البيئيه والاجتماعيه باستثناء مشروع واحد فقد تم اجراء دراسه صوريه لانها كانت من متطلبات المقرضين حسب شروط البنك الدولي كما وقامت كافة وزارات ومؤسسات الحكومه بما فيها امانة عمان بمنح الموافقات وتنفيذ المتطلبات لهذه المشاريع متجاهلين ومنتهكين حقوق المجتمعات المحليه بالكامل.
ان الجوهر الرئيسي في دراسة تقييم الاثار البيئيه والاجتماعيه هو بعد اختيار الموقع تحديد الاثار البيئيه والاجتماعيه التي ستلحق بالبيئه المجاوره وبالمجتمعات المحليه المتأثرين بالمشروع هو ضرورة قيام اصحاب المشاريع بتطبيق برنامج الاجراءات التخفيفيه والمراقبه البيئيه والاجتماعيه في كافة مراحل المشروع والذي يتضمن مسؤولية وزارة البيئه رصد وقياس التلوث بشكل مستمر ومن خلال جهات محايده مختصه معتمده وبمشاركة مندوبين مدربين ومؤهلين من المجتمعات المحليه وهذا طبعا غير مطبق نهائيا لا بل تقوم الحكومه باصدار تعاميم تمنع اي جهه من التفتيش والرصد على اي منشأه صناعيه الا من خلال لجنه مؤلفه من مندوبين من جهات حكوميه متعدده وبناء على شكوى بحجة تشجيع الاستثمار.
كما وتقوم وزارة البيئه باستخدام نظام رصد تلوث نوعية الهواء المحيط وتضع محطاتها في اماكن تخلو من هذا النوع من المشاريع ولا تقوم بوضع محطات في مناطق البؤر الساخنه بيئيا "Hot Spots" مثل منطقة شرق عمان ولا تقوم بنشر النتائج ولا تسمح بمشاركة مندوبين من المجتمعات المحليه مخالفه بذلك كافة القوانين والاتفاقيات البيئيه العالميه.
ان خلو قانون البيئه الاردني رقم "52" لعام 2006 أو المقترح من ضرورة تطبيق برنامج الاجراءات البيئيه والمراقبه البيئيه والاجتماعيه ومن ضرورة مشاركة المجتمعات المحليه في دراسة تقييم الاثار البيئيه ولاجتماعيه ومن ضرورة الحصول على الموافقه المسبقه الحره "FPIC" للسكان الاصليين والمجتمعات المحليه وعدم منح المجتمعات المدنيه دور فاعل في سياسة حماية البيئه الوطنيه وحقيقة ان قانون البيئه لا يحتوي على أحكام رادعه على الملوثين ولم يلزم الملوثين بالتعويض عن الاضرار التي تسبب بها للمواطنين والبيئه وعدم وجود شبكة عن المعلومات البيئيه وغياب مبداء التعاون مع منظمات المجتمعات المحليه المعنيه بالبيئه كله من شأنه تحويل الكثير من المناطق في المملكه وخاصه منطقة شرق عمان الى كارثه بيئيه وتشجع الملوثين بارتكاب كل انواع الجرائم البيئيه التي تنتهك حق الانسان في العيش وحقه في التمتع بمستوى لائق من الصحه وحقه في العمل وحقه في التعليم وحقه في السكن الملائم وحقه في التعويض وحقه باستمرار مصادر العيش التي انتهكت وغيرها الكثير من الحقوق....الى متى يستمر التجاهل لحقوق ابناء عمان الشرقيه والاستهتار بهم بانشاء المزيد من هذه المشاريع والزام الملوثين بتطبيق برنامج الاجراءات التخفيفيه والمراقبه البيئيه والاجتماعيه....اما انتم ممثلي الشعب اصحاب السلطه التشريعيه المسؤولين عن التشريع والرقابه "هل تستطيعون القيام بالدور المنوط بكم وتعديل قانون البيئه المقترح"!!!"