jo24_banner
jo24_banner

"استثنائية المطبوعات" تهزم نيوتن وتعيد تعريف السرعة والزمن

استثنائية المطبوعات تهزم نيوتن وتعيد تعريف السرعة والزمن
جو 24 :

كتب تامر خرمه

الذاكرة لم يبلغها أن أي تشريع تم إقراره بالسرعة التي أقرّ بها قانون المطبوعات المعدل، حيث اخترق المشرعون جدار الوقت واعتصروا كل دقائق الزمن خلال ستة أيام، لإقرار قانون صحافة الرأي الواحد قبل انقضاء الأسبوع الذي بدأ العمل خلاله على إرساء أسس حجب الحقيقة عن الأردنيين.

لا يخفى على أحد أن كشف العديد من قضايا الفساد، وتسليط الضوء على الحراك الشعبي، ونقل الحقيقة كما هي دون تزيينها بأدوات الإعلام الرسمي، شكلت أهم أسباب استهداف الصحف الالكترونية، غير أن استثمار كل ما أوتيت السلطة من جهد لإقرار هذا القانون قبل أن يجف الحبر عن أوراقه، يفرض العديد من علامات الاستفهام حول طبيعة المرحلة العرفية المقبلة، التي تمهد لها عقلية السلطة المغامرة المتمسكة بالطرق التقليدية لإدارة الأزمة، حيث تحاول هذه السلطة حجب الحقائق التي يفجرها الواقع عبر استهداف الصحافة الالكترونية، عوضاً عن البحث عن حلول لهذه لأزمة التي يشهدها الواقع الأردني، في ظل ظروف سياسية استثنائية تعصف بالمنطقة بأسرها.

ستة أيام فقط، هي الوقت الذي استغرقه إصدار حكم الإعدام على الصحافة الحرّة، بعد أن عقدت دورة استثنائية لمجلس النواب خصصت لإقرار المسوغ القانوني لتكميم الأفواه.. حيث تبيّن أن الدورة الاستثنائية للبرلمان عقدت لإقرار هذا القانون بالتحديد، عوضاً عن إقرار قانون الضريبة، لحل الأزمة الاقتصادية الخانقة عبر مبدأ الضريبة التصاعدية. كما ضربت السلطة عرض الحائط بالمطالب الشعبية المتعلقة بإدراج قانونيّ الضمان الاجتماعي والمالكين والمستأجرين على جدول اعمال استثنائية المطبوعات.

وفي سباق المشرعين مع الزمن لإقرار "المطبوعات" عقد مجلس النواب لقاء الأحد مع الصحفيين والعاملين في المواقع الالكترونية، وفي ظهر ذلك اليوم كان نص القانون جاهزاً، دون أدنى اعتبار لما تم تداوله خلال لقاء الصباح، وبعد 48 ساعة فقط عقدت جلسة الثلاثاء لمجلس النواب، التي اكتمل فيها النصاب بقدرة قادر، وتم إقرار القانون بتعديل طفيف لا يغير من واقع الأمر شيئاً، ومرت 48 ساعة أخرى، والسلطة التشريعية ماضية في سباقها مع الزمن، لتجتمع اللجنة القانونية لمجلس الأعيان في جلسة الخميس وتقرّ القانون كما جاء من النواب، إلا أن يوم الجمعة جاء ليشكل تحدياً أمام المتسابقين الذين اصطدموا بحاجز العطلة الرسمية، فما كان منهم أن ألغوا عطلتهم ليوم السبت، ليعقد الأعيان جلسة خاصة أقروا فيها قانون إعدام الحقيقة.

وجاء الأحد التالي.. وكان المشرعون قد اجتازوا السباق "بنجاح"، فاستراح صناع القرار لما تم إنجازه في غضون أسبوع، وكأن المعركة مع الصحف الالكترونية كانت حجر الرحى في مشروع السلطة لخلق بيئة تشريعية مواتية لما يحمله المستقبل من قرارات يعدها المطبخ السياسي، الذي يفضل العمل في الظل بعيدا عن فضاء الانترنت.

الغريب في الأمر أن هنالك نحو 150 دعوى قضائية تم رفعها على عدة مواقع الكترونية، ما يكشف حجم المسوغات القانونية المتوفرة لمحاربة أي موقع على شبكة الانترنت، إلا أن هذا لم يكف صناع القرار الذين عمدوا إلى حمل السلطة التشريعية على إصدار قانون خنق المواقع الالكترونية، حيث وردت معلومات مؤكدة تفيد بأن لقاءات ليلية عقدت قبل جلسة الثلاثاء النيابية بين عدد من النواب و"منتدبين" عن الأجهزة الأمنية، وذلك في ظل ارتفاع معدل التسارع لسباق المشرعين مع الزمن.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير