2024-05-08 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

مخيمات سورية.. جهاد "مكافاة شر" بعيدا عن أرض الأجداد

سعد حتر
جو 24 : يجاهد غالبية الفلسطينيين وفصائلهم للبقاء خارج دائرة الصراع الدائر في سورية، وفي البال تجارب مريرة دفعت ثمنها آلاف العائلات قتلا وتشريدا نتيجة إقحام و/ أو تورط بعض فلسطينيي المهجر في نزاعات داخل الدول المستضيفة.

فالمعلومات الواردة من مخيمات سورية تفيد بأن غالبية الفصائل – التي كانت تنتظم ضمن ما يعرف بجبهة المقاومة برعاية دمشق- ترفض محاولات السلطات السورية لجر تجمعاتهم إلى مربع المواجهات على أمل خلط الأوراق وتوزيع الدم على منوال "قميص عثمان".

وعلى قاعدة "إما معنا أو ضدنا"، يسخّن الجيش السوري أجواء المخيمات بتمويل إيران ورعايتها، من خلال تحريك أدوات السلطة لإشعال مواجهات ونصب نقاط تفتيش، حتى تنحاز البندقية الفلسطينية للدفاع عن السلطة في دمشق. هذا التحدّي أفضى إلى انفراط تحالف فصائل المعارضة الفلسطينية بعد عقد من التنسيق المشترك في مواجهة إسرائيل وخطط السلام المنقوص.


الفصائل المنخرطة في مخطط إقحام المخيمات في مستنقع سورية هي الجبهة الشعبية- القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل حامل الجنسية السورية، فتح الانتفاضة بزعامة أبو موسى والجهاد الإسلامي بقيادة رمضان عبد الله شلّح. تتشارك معها جبهة النضال الفلسطيني/ جناح خالد عبد الحميد، الحزب الشيوعي الثوري وإحدى نسخ جبهة التحرير الفلسطينية.


الجبهتان الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين نجحتا في تحييد المخيمات المنتشرتا فيها حتى الآن. لحقتهما حمّاس، التي ابتعدت عن فلك دمشق في انقلاب سياسي خريف 2011، ليتماهى موقفها مع مكتب إرشاد الإخوان المسلمين العالمي. أما حركة فتح – كبرى الفصائل الفلسطينية – فلا حضور علني مؤثر لها مذ طرد الرئيس الراحل حافظ الأسد الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 1983.
منذ اندلاع الثورة ربيع 2011 سقط 600 ضحية في مخيمات سورية، 10 % من عدد الضحايا المتوقع لو لم تنجح الفصائل في تحييد المخيمات ب"جهد هائل من الناس"، بحسب ما يرشح من معطيات. يقطن سورية قرابة 620 ألف فلسطيني، 420 ألفا منهم على لوائح الأونروا. وثمّة 12 تجمعا/ مخيما مختلطا (فلسطينيون، سوريون/ من الجولان المحتل وعراقيون) تتداخل مع الأحياء السكنية في المدن الرئيسية.

يقول نشطاء فلسطينيون في سورية إن مزاج مواطنيهم يميل 80 % إلى جانب الثورة المناهضة للحكم هناك، وفي الذاكرة "دور الجيش السوري في دك مخيمات لبنان وكسر البندقية الفلسطينية بدءا من عام 1976".

وفوق ذلك تحول تجارب مريرة سابقة دون المغامرة في بركة الدم السوري. دفع فلسطينيون ثمن نزاعات في دول عربية. طردت الكويت 350 ألف فلسطيني – غالبيتهم يحملون جوازات سفر أردنية- عقب الاجتياح العراقي لهذه الدولة في 2 آب/ أغسطس 1990. بعد الغزو الأمريكي في ربيع 2003، تشتتت غالبية المقيمين في العراق – قرابة 32 ألفا – هربا من مطاردة الميليشيا الشيعية. وآخر المآسي، تدمير "نهر البارد"/ طرابلس ثاني مخيمات اللاجئين في لبنان، والذي كان يقطنه 40 ألف نسمة، قبل انتشار تنظيم "فتح الإسلام".

بعيدا عن المعادلة الفلسطينية، يتوقع المحللون طول أمد الصراع بسبب: استحالة قدرة أي من الجبهتين على الحسم العسكري وغياب تفاهم روسي-أمريكي حول هذا البلد – آخر قلاع موسكو في المنطقة وحليف إيران العضوي. ميدانيا، لا الجيش السوري - المتماسك حتى الآن - قادر على "تطهير" البلد من معارضي النظام ولا الجيش الحر قادر على كسب الحرب بسبب افتقاره لأسلحة نوعية (أسلحة وبطاريات مضادة للدبابات والطائرات).

دوليا، الأمريكيون أبلغوا الروس فعليا بأن مصالحهم في سورية ستظل مضمونة بعد الأسد – كما حصل بعد تغييب علي عبد الله صالح عن قيادة اليمن. الوقت يمضي بسرعة وبيادق الأطراف المتقاتلة تتساقط ميدانيا. فهل تسارع روسيا لحصد ما تبقى لها على الطاولة؛ استدامة نفوذها في سورية ما بعد الأسد، وتتخلّى عن حزمة مقايضات بدءا من حزام السيطرة الأمريكية في القوقاز – فضاء روسيا الحيوي- وانتهاء بمعارضة نشر صواريخ باليستية أمريكية في بولندا والتشيك؟
نتائج المعارك على الأرض قد تحدّد خيارات روسيا في القادم من الأيام.

تابعو الأردن 24 على google news